مصلون يؤدون التراويح في ورشات البناء  و الخيم بعلي منجلي
مازالت أزمة قلة المساجد وعدم استيعابها للأعداد الكبيرة للمصلين، مطروحة بحدة في العديد من الأحياء بالمدينة الجديدة علي منجلي، حيث تحول  أداء صلاة التراويح إلى مشكلة بالنسبة للكثيرين، الذين يضطرون إلى التنقل  إلى مساجد بأحياء ومدن بعيدة أو أداء الصلوات بداخل خيم  و بورشات بناء أو حتى في العراء، فيما يعترف مدير الشؤون الدينية بوجود مشكلة إنجاز بسبب تجميد العمل بالجمعيات الدينية وعزوف بعض المحسنين عن بناء مساجد بالمدينة وتفضيلهم تشييدها في مناطق يرغبون بها، لكنه أكد بأن مصالحه تولي أهمية بالغة لهذا الأمر، وشكلت لجنة لإيجاد حلول ظرفية، كما ذكر بأن الوالي منح رخصا لثلاثة مصليات خلال هذا الشهر.
لقمان قوادري
في ليلة ماطرة وباردة كان المصلون بمسجد عبد الرحمان شيبان بالوحدة الجوارية 18 يؤدون صلاة العشاء والتراويح في العراء، فيما كان آخرون يتوضؤون بالقرب من مدخل المسجد المشيد من البناء الجاهز، في وقت كانت النسوة بداخل غرفة ضيقة جدا، فالوضع في المكان لم يختلف عما كان عليه عندما زرناه قبل عامين، مصلون تحيط بهم الردوم من كل جانب يفترشون زرابي قديمة، قاعة صلاة مكتظة عن آخرها وسقف تتسرب منه المياه و مائضة غير مهيأة، تنبعث منها الروائح الكريهة.
20 دقيقة قبل الآذان للظفر بمكان في قاعة الصلاة!
يقول أحد سكان الوحدة الجوارية 18 الذي تحدثنا إليه بعد انقضاء صلاة العشاء، بأنه أنه لابد أن تصل قبل 20 دقيقة أو أكثر من الآذان ، حتى تتمكن من الظفر بمكان،  وإلا فإنك ستضطر إلى الصلاة في العراء و افتراش الأرض، حيث ذكر بأن المكان ضاق أكثر وأضحى غير قادر على استيعاب جموع المصلين في الصلوات الخمس فما بالك في صلاة الجمعة والتروايح، إذ أن عدد السكان في تزايد مستمر والمسجد لا يستوعب أكثر من 200 مصل، في حين أن الوحدة تعتبر من أكبر أحياء المدينة ويقطنها أزيد من 10 آلاف نسمة، ويقصدها أيضا سكان الشطر الثالث للوحدة الجوارية 19 وكذا الوحدة رقم 04.
ورغم أن المسجد قد اختيرت له الأرضية منذ قرابة 5 سنوات إلا أن أشغال البناء لم تتجاوز مرحلة الأساسات، واشتكى القائمون على  أن العديد من السكان    يضطرون إلى أداء الصلوات في بيوتهم، أو التنقل إلى مساجد أخرى بعيدة لكن الأمر غير متاح للجميع لاسيما أولئك الذين لا يملكون وسيلة للتنقل.
«مسجد» من الطوب القديم والقصدير بالوحدة الجوارية 19!
بالوحدة الجوارية 19 وبالضبط بالشطر الثالث، يبدو بأن السكان لم ينتظروا اختيار أرضية من طرف السلطات لتشييد مسجد، فقد قاموا ببناء مصلى  وسط الحي سقفه من قصدير وجدرانه من طوب، كما بنوا مائضة صغيرة بالمدخل وأحاطوهما بسياج، حيث قال أحد المصلين بأن السكان قاموا بجمع أموال فيما بينهم وشيدوه بإمكانياتهم الخاصة، في انتظار التفاتة المسؤولين لمطالبهم.
حاولنا دخول المصلى لكن لم نستطع، حيث كان مملوءا عن آخره، و المصلون موزعون على خمسة صفوف في كل واحد 10 أشخاص على الأكثر ، لكنه بدا نظيفا ومرتبا من الداخل، التقينا بأحد الشباب، الذي كان يهم بالخروج من المسجد، و تحدثنا معه عن ظروف الصلاة،  فابتسم قائلا  نحن نؤدي الصلوات هنا مضطرين، وكثيرا ما لا نجد مكانا لاسيما أثناء سقوط الأمطار، انظر فالأوحال تحيط بالمكان من كل جانب، أحيانا نفترش الأرض في العراء خلال تحسن الأحوال الجوية، فيما قال آخر   «لقد سئمنا من هذه الوضعية  لابد على السلطات أن تتدخل وتنجز مسجدا كبيرا يتوسط الوحدات الجوارية أو على الأقل أن تنشئ مصليات جاهزة وتضع بكل تجمع سكاني واحدا إلى غاية إنجاز مساجد» سكان ينصبون خيمة للصلاة!
غير بعيد عن المكان غادر المصلون مضطرين مصلى البناء الجاهز بالشطر الثاني لذات الوحدة، بسبب التساقط الكثيف للأمطار ، حيث ضاق المبنى بالمصلين، واضطر كل من لم يسعه المكان إلى العودة إلى المنزل دون أداء صلاة التراويح، فيما نصب سكان بالشطر الأول خيمة متوسطة الحجم وجهزوها بمختلف الوسائل التي استطاعوا أن يوفروها كما جلبوا سلكا كهربائيا من أحد المنازل القريبة.
وذكر لنا أحد سكان الحي، بأن السبل ضاقت بهم ولم يجدوا ملاذا سوى هذه الخيمة التي يؤدون فيها الصلوات الخمس وكذا صلاة التروايح، حيث طال انتظارهم منذ ترحيلهم قبل أزيد من 6 سنوات،  مشيرين إلى أنه ولولا تساقط الأمطار، فإن الساحة المحيطة بالخيمة ستمتلئ عن آخرها.

مصلى بورشة عمارة في طور الإنجاز!
تنقلنا إلى الوحدة الجوارية 20 التي رحلت إليها الآلاف من العائلات خلال العامين الأخيرين، ونحن نتجول بالحي سمعنا قراءة قرآن تنبعث  من مكبر صوت كان معلقا بأحد أعمدة الإنارة، لم نجد مصدر الصوت، لكن بعد سؤالنا لأحد المواطنين عن مكان المصلى، وجهنا إلى ورشة قريبة تحيط بها الأوحال من كل جانب، دخلنا من باب صغير وتوجهنا إلى العمارة التي كانت في طور الإنجاز، حيث وجدنا مصلين بداخل محل صغير يفتقد إلى أدنى شروط التهيئة يؤدون صلاة التروايح، حيث ذكر لنا سكان الحي بأنهم اضطروا إلى اتخاذ هذا المكان مصلى لهم بعد أن تحصلوا على رخصة من الجهات الوصية . وذكر لنا السكان، بأنهم لجؤوا إلى هذا الحل اضطراريا خاصة وأن صوت الأذان لا يسمع بالمنطقة، حيث قالوا بأنهم كانوا في العام الماضي بعد أن رحلوا بعد رمضان، يستعينون بتطبيقات الهاتف النقال لمعرفة أوقات الصلاة، لنغادر المكان بعد ذلك ونحن نطرح تساؤلات حول مدى توفر معايير السلامة في المكان الذي ما يزال ورشة مفتوحة.
غالبية المساجد ما تزال في طور الإنجاز
وما زال سكان الوحدة الجوارية 16 ، يعانون من نفس المشكلة منذ ثلاث  سنوات، حيث طالبوا على الأقل بإنجاز مسجد آخر من البناء الجاهز كون الوحيد المتوفر أضحى لا يستوعب أعداد المصلين، الذين يضطرون للصلاة في العراء أو التوجه إلى مسجد نايت بلقاسم بالوحدة الجوارية 13 ،الذي ما يزال هو الآخر في طور الإنجاز بعد أن انهار سقفه قبل عامين، في الوقت الذي انتهت فيه معاناة  سكان الوحدات الجوارية القديمة على غرار 07 الذي تقدمت فيه أشغال مسجد أبو عبيدة بن الجراح، كما ينتظر أن تستلم أشغال مسجد الاعتصام بالوحدة الجوارية 09.
 وما يلاحظ بعلي منجلي، بأن غالبية المساجد ما تزال ورشات مفتوحة ولم تكتمل بها الأشغال، على غرار مسجد السلام ومسجد الوحدة الجوارية 05 وغيرها، إذ أنها ما تزال مشاريع لم تكتمل منذ سنوات، باستثناء مسجد حماني، الذي استلم نهائيا ويتسع لأزيد من 4 آلاف مصل، حيث يطالب سكان المدينة ومنظمات المجتمع المدني بضرورة  منح الأولوية لها في حملات جمع التبرعات عبر مساجد الولاية.

مدير الشؤون الدينية لخضر فنيط
تجميد إنشاء الجمعيات الدينية  عقد المشكلة بالمدينة
قال مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية قسنطينة لخضر فنيط، بأن المديرية تبذل قصارى جهدها للتقليل من حدة المشكلة، التي يعاني منها المصلون في بعض الأحياء، لاسيما الجديدة منها بعلي منجلي، مشيرا إلى أن تجميد قانون إنشاء الجمعيات من أجل تعديله، قد أدى إلى تأخير إنجاز مساجد بالمدينة.
 و ذكر بأن فتح مسجد أحمد حماني في العام الماضي، الذي يتسع لقرابة 4 آلاف مصلي قد ساهم في استيعاب أعداد المصلين الهائلة بالمدينة، التي تعرف تزايدا عمرانيا وديموغرافيا سريعين، كما لفت إلى أن أشغال مسجد الاعتصام تسير بوتيرة عالية وسيتم فتح الأجزاء المتبقية أمام المصلين في أقرب الآجال، إذ أن الوالي يشرف على متابعته شخصيا وزاره مرتين.
وذكر المتحدث، بأن البناء وإنجاز المساجد يتطلب وقتا وأموالا كبيرة، كما أن المديرية تبحث دائما عن محسنين لبناء المساجد، بعد أن جمدت الوزارة الوصية عمليات إنشاء جمعيات دينية، «حيث تقدمنا إليهم وأخبرناهم بأن علي منجلي تعتبر من الأولويات، لكن العديد منهم يفضل أن يساهم في المناطق التي ينحدر منها والمديرية»  مضيفا « لا تستطيع، أن تفرض عليه إنفاق أمواله في المكان الذي تحدده أنت«.وأضاف المتحدث، بأن المديرية، شكلت لجنة خاصة لمتابعة الوضع وطلبات السكان بعلي منجلي، لاسيما وأن عمليات الترحيل متواصلة، وأحيانا  يتم  إيفاد لجان لاختيار الأراضي في المناطق التي تعرف تزايدا في عدد السكان، مشيرا إلى أن الحديث عن إقصاء مساجد  علي منجلي من حملات التبرعات غير صحيح وأحيانا يتم منح الأولوية فقط لبعض المساجد بالولاية التي تحتاج، إلى إنهاء الأشغال كون المبالغ التي تجمع في كل جمعة أصبحت تتجاوز المليار سنتيم.ويؤكد السيد فنيط، بأنه من المنتظر أن يفرج في القريب، عن قانون الجمعيات الدينية بعد تعديله ومعالجة الفراغات التي كان يحتوي عليها، إذ أن الجميع ينتظره بفارغ الصبر، كما أشار إلى أن السلطات   ليست  مكتوفة الأيدي، حيث أن الوالي منح ثلاث  رخص لإقامة مصليات وفقا لاقتراح المديرية وتقارير الهيئات الأمنية واللجنة المختصة.
ل.ق

الرجوع إلى الأعلى