حذّر، أمس، المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة وشيكة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذا لم يُرفع الحصار بشكل عاجل، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وعلى رأسها حليب الأطفال، وأكد أن نحو 100 ألف طفل يواجهون خطر القتل الجماعي خلال الأيام القليلة المقبلة، من بينهم 40 ألف رضيع لم يتجاوزوا عامهم الأول.
وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي في بيان صحفي أن أطفال غزة مهددون بالموت الجماعي الوشيك خلال أيام قليلة، في ظل انعدام حليب الأطفال والمكملات الغذائية بشكل كامل، واستمرار إغلاق المعابر ومنع دخول أبسط المستلزمات الأساسية، وأفاد بأن غزة أمام مذبحة جماعية مرتقبة ومتعمدة تُرتكب ببطء ضد الأطفال الرضع الذين باتت أمهاتهم ترضعنهم المياه بدلاً من حليب الأطفال منذ أيام، وذلك نتيجة سياسة التجويع والإبادة الجماعية التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.
وكشف نفس المصدر عن تسجيل ارتفاع كبير في مئات حالات سوء التغذية الحاد والمهدد للحياة خلال الأيام الأخيرة، دون أي قدرة على الاستجابة أو العلاج بسبب شبه الانهيار للقطاع الصحي وانعدام الموارد الطبية والغذائية، مضيفاً أنه أطلق هذا النداء الصادم باسم الإنسانية والضمير العالمي، مطالباً بإدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية فوراً إلى القطاع، وفتح المعابر بشكل فوري ودون أي شروط، وكسر الحصار الإجرامي بالكامل، إلى جانب المطالبة بتحرك دولي عاجل لوقف هذه المذبحة الجماعية البطيئة، محمّلاً الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الوشيكة، كما حذّر من استمرار الصمت الدولي الذي يُعد تواطؤاً صريحاً في الإبادة الجماعية للأطفال في غزة.
وفي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات من غزة محذّرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة وآلاف الأطفال على وشك الموت جوعاً بسبب منع الاحتلال دخول الحليب والطعام، نقلت أمس مصادر إعلامية عن الكيان الصهيوني تخلصه من آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية على حدود غزة بسبب فسادها، كما يحدث ذلك في الوقت الذي تناشد فيه وكالة الأونروا المجتمع الدولي من أجل التدخل العاجل لإدخال ما يعادل 6 آلاف شاحنة من المساعدات الإنسانية الموجودة في الأردن ومصر، والتي تكفي سكان غزة لمدة 3 أشهر.
لكن واقع الحال لم يتغير في غزة، والوضع الإنساني يزداد سوءاً، وقادة الكيان يهددون بمزيد من العقاب الجماعي والحصار على قطاع غزة، بعد أن وجدوا الساحة فارغة، لا حسيب ولا رقيب لهم، ولا أحد استطاع أن يضع حداً لهذه الجرائم البشعة غير المسبوقة في التاريخ المعاصر.
وغير بعيد عن أرقام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الصادمة والمخيفة، نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أرقاماً لا تقل صدمة عن الأرقام الأولى، وكشف عن وفاة 1200 مسن في غزة خلال شهرين جراء تداعيات المجاعة وسوء التغذية ونقص الدواء والحرمان من العلاج التي بلغت ذروتها خلال الأيام الماضية.
وأعرب المرصد الأورومتوسطي في تقرير نُشر أمس حول الأوضاع الإنسانية في غزة، عن خشيته من أن يكون العدد الحقيقي للمتوفين أكبر من ذلك بكثير، مشيراً إلى أن حجم الوفيات اليومية في الأسبوعين الأخيرين وصل إلى مستويات غير مسبوقة، في وقت يصل فيه مئات المسنين إلى المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية وهم في حالة إنهاك شديد، في محاولة للحصول على سوائل أو تغذية طبية.
وأوضح أن فريقه الميداني وثّق وفاة عشرات المسنين في خيام النزوح نتيجة تداعيات المجاعة وسوء التغذية أو عدم توفر العلاج، وجرى تسجيلهم كحالات وفاة طبيعية، لعدم وجود آلية واضحة لتسجيل هذه الحالات في قائمة الضحايا، مشدداً على أن ما يُفاقم مأساة المجاعة هو القصف العنيف لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف المنازل ومراكز الإيواء، إلى جانب التهجير القسري.
وفي سياق متصل، حذّرت المديرية العامة للدفاع المدني في غزة من توقف كامل لمركباتها التي تعمل في التدخلات الإنسانية، مع مؤشر نفاد كمية الوقود الضئيلة المتوفرة لمهماتها، وخاطبت ذات الهيئة في بيان أمس الأمم المتحدة ومكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية والمؤسسات الإنسانية الدولية بأن طواقمها ستكون عاجزة عن الوصول إلى أماكن الأحداث، ما لم تدخل كميات الوقود وقطع غيار الإصلاح اللازمة لاستمرار عملهم الخدماتي. وشدّدت على ضرورة التدخل العاجل للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل إدخال الوقود.
وبخصوص تطورات الأحداث اليومية في غزة، كشفت وزارة الصحة عن ارتقاء 57 شهيداً و512 مصاباً خلال 24 ساعة الأخيرة، لترتفع حصيلة الضحايا منذ بداية العدوان إلى 59733 شهيداً و144477 مصاباً، من بينهم 1121 شهيداً من شهداء لقمة العيش الذين ارتقوا في مصائد الموت فيما يُعرف بمؤسسة غزة الإنسانية، ويوجد من بينهم29 شهيداً و165 مصاباً خلال 24 ساعة.
نورالدين ع