
* غوتيريش يدعو لفتح تحقيق و محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين
شهدت الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات العارمة في المملكة المغربية، منذ أيام، تصعيدا خطيرا بتسجيل مشاهد وحشية وصادمة مع استمرار القمع و الترهيب والعنف المفرط المستعمل من قبل قوات المخزن، ضد متظاهرين سلميين، ما تسبب في مقتل وجرح العديد من الأشخاص وسط انفلات أمني متصاعد، ومطالب بإقالة الحكومة ، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لفتح تحقيق عاجل وشفاف يفضي إلى محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.
تواصلت الحركات والمظاهرات الاحتجاجية عبر العديد من المدن المغربية ومن بينها الدار البيضاء وطنجة وتطوان وأكادير ومراكش، بقيادة المجموعة الشبابية التي تطلق على نفسها «جيل Z»، للمطالبة بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والإسراع في تبني إصلاحات اقتصادية واجتماعية بالنظر إلى تزايد الفقر والبطالة وتدهور الخدمات الأساسية في البلد، في المقابل ، واصل المخزن، سياسة الترهيب بدل الاستماع لمطالب الشارع باستعمال العنف المفرط وإطلاق الرصاص الحي، ضد المتظاهرين السلميين، و قد أدى التدخل العنيف لقوات المخزن في حق المحتجين سلميا بمحافظة إنزكان المغربية، مساء الأربعاء الماضي، إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.
و أوردت مصادر إعلامية، أول أمس الخميس، أن التدخل العنيف لرجال أمن المخزن في مواجهة محتجين سلميين بمحافظة إنزكان المغربية، تسبب في مقتل شخص ثالث وإصابة عدد آخر بجروح.
كما أشارت إلى اعتقال عدد من المتظاهرين الذين، شاركوا في الاحتجاجات، في حين أعلنت السلطات، أن بعضهم قد يواجه عقوبات بالسجن قد تصل إلى 20 سنة وحتى الحكم بالمؤبد، وسط انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية التي اعتبرت هذه العقوبات جريمة سياسية مكتملة الأركان.
ومن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف يفضي إلى محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، معربا عن أسف المنظمة الدولية من مشاهد العنف الذي رافق المظاهرات السلمية في المغرب والتي أدت إلى سقوط 3 قتلى وعشرات الجرحى برصاص قوات الأمن.
وشدد غوتيرش في بيان نشره موقع المنظمة، على أن الاحتجاج حق مشروع يجب أن يمارس بعيدا عن القمع، محذرا من خطورة انتهاك حرمة الأرواح والممتلكات.
وتناقلت وسائل الإعلام المحلية والشهادات المباشرة من عين المكان صورا وفيديوهات توثق استخدام القوة المفرطة من قبل رجال الأمن، ما أثار موجة غضب واسعة محليا و دوليا فيما تعالت أصوات الشارع المغربي مطالبة بإقالة الحكومة المغربية ، وأمام تنامي مظاهر الاحتجاج والغضب الشعبي، و اعتماد مقاربة أمنية لترهيب المتظاهرين وشن سلسلة من الاعتقالات، أطلق رئيس الحكومة ، أخنوش محاولة لـ الضحك على الذقون، قائلا إن «المقاربة المبنية على الحوار هي السبيل الوحيد لمواجهة الإشكالات التي تواجه المغرب».
في غضون ذلك تصاعدت الأصوات الداعية إلى فتح تحقيق قضائي عاجل في كل الحالات التي كان فيها مساس بالحياة أو السلامة الجسدية للمتظاهرين، حيث طالبت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين «همم» بفتح تحقيق قضائي عاجل في مقتل ثلاثة مواطنين مغاربة بالرصاص، خلال الاحتجاجات السلمية التي شهدتها مختلف مدن المملكة، للمطالبة بالعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد.
منظـمات حقوقية دولـية تدين القمع الممــارس من قبل قوات المخزن
كما أدانت 15 منظمة حقوقية دولية، القمع الذي مارسته قوات المخزن ضد متظاهرين سلميين، حيث عبرت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب و14 منظمة دولية أخرى، أول أمس الخميس، عن إدانتها لما وصفته بالجريمة السياسية المكتملة الأركان للمخزن و القمع المتصاعد الذي تمارسه السلطات المغربية ضد الاحتجاجات السلمية التي شهدتها العديد من المدن المغربية، منذ السبت الماضي.وذكر البيان المشترك للمنظمات، أن ما جرى لم يكن مجرد تجاوزات محدودة، بل سياسة ممنهجة، منعت المواطنين من ممارسة حقوقهم الدستورية في حرية التعبير والتجمع السلمي، حيث استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة وغير المتناسبة لتفريق المظاهرات، التي دعا إليها الشباب عبر المنصات الرقمية.
وقد ارتفعت أصوات التنديد بالمشاهد الوحشية والعنف المفرط المستعمل من قبل رجال أمن المخزن، وذكر الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، عزيز هناوي، في تصريح إعلامي، أن المقاربة الأمنية التي تم انتهاجها «تصنع الأزمة بدلا من أن تحلها»، معتبرا كيفية التعامل مع الشباب المتظاهر «خطأ حكومي وخطأ السلطات العمومية»، وأن هذه المظاهرات تعبر «عن حرقة لدى الشباب المغاربة من جيل نشأ سنوات الألفين، اصطدم بواقع تدبيري حكومي، خاصة مع الحكومة الحالية، حيث عانى من الإقصاء والتهميش وعدم الإشراك والإنصات».
من جانبه، قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، في منشور له على منصات التواصل الاجتماعي، أن كل الشباب المشارك في المسيرات مستعد للنقاش والتواصل والحوار «، شباب يريد أن يفهم وأن يتم الاستماع إليه، ويرفض أن تتم شيطنته والنظر إليه بتعال، ليست له أية أحكام مسبقة، وجد نفسه خارج أي تأطير سياسي أو حقوقي نتيجة الفراغ الحاصل اليوم في الحياة السياسية يشعر بالإقصاء، لا يخاطب من طرف الطبقة السياسية إلا في المناسبات فقط».
من جانبها، طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعدم مصادرة الحق في الاحتجاج والتظاهر السلمي وإيقاف الاعتقالات والمتابعات وإطلاق سراح الجميع وأعربت عن متابعتها ب»بالغ القلق والاستنكار» حملة الاعتقالات الواسعة التي استهدفت العديد من الشابات والشباب في عدد من المدن المغربية.
وذكرت الجمعية أن «هذه الحملة بلغت مستويات مقلقة، حيث تم توقيف المئات من الشباب والشابات في سياق الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن وقد رافقت هذه الاعتقالات انتهاكات خطيرة، تمثلت في تعنيف المتظاهرين وغيرهم من المواطنين ممن كانوا يمرون عبر الطريق العام والاعتداء على السلامة الجسدية لعدد من المحتجين وصلت حد دهس البعض منهم بسيارات الأمن».
م -ح