
كشف أمس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن عودة أزيد من 400 ألف فلسطيني نازح إلى مدينة غزة خلال يومين، واستمرت أمس عملية عودة الفلسطينيين المهجرين إلى منازلهم بعد إعلان وقف إطلاق النار في القطاع، وذلك بعد عامين من حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
ووقف الفلسطينيون العائدون إلى مدينة غزة وشمالها على هول الدمار، وأغلب البيوت مدمرة، وتحولت أغلب الأحياء إلى خراب، أمام حملة التدمير الواسعة والممنهجة التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن مخططه لجعل غزة غير صالحة للحياة، وحسب المكتب الإعلامي الحكومي فإن جيش الاحتلال دمر 300 ألف مسكن في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، متحدثًا عن نقص حاد في الوقود والمياه والاتصالات والمواد الأساسية في المناطق التي عاد إليها النازحون، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى تعزيز الدعم الميداني وتوفير الإمدادات اللوجستية العاجلة لتمكين المؤسسات من مواصلة عملها، وذلك من خلال رفع الحصار وفتح جميع المعابر فورًا دون قيود.
وكشفت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أمس عن انتشال جثامين 151 شهيدًا خلال 24 ساعة الأخيرة من المناطق التي انسحبت منها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتشير الإحصائيات الرسمية في غزة إلى أن عدد المفقودين جراء العدوان الصهيوني يتجاوز 10 آلاف مفقود، أغلبهم شهداء لا يزالون تحت أنقاض المباني التي قصفت فوق رؤوس ساكنيها، وأكدت مديرية الدفاع المدني بهذا الخصوص أن انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض يحتاج إلى معدات كبيرة، في حين ما يتوفر عليه الدفاع المدني والبلديات معدات بسيطة فقط، وأغلب المعدات الثقيلة دمرها جيش الاحتلال الصهيوني.
وفي السياق ذاته أوضحت وكالة الأونروا أمس أنها تنتظر الضوء الأخضر لإدخال الإمدادات إلى قطاع غزة، وقالت في بيان صحفي إن فرقها في غزة جاهزة لاستلامها وتوزيعها، وأكدت في بيان أنها تمتلك حاليًا حمولة من 6 آلاف شاحنة، يمكن أن تصل إلى غزة في غضون ساعات قليلة إذا سُمح لها بذلك، ودعت إلى فتح جميع المعابر أمام تدفق منتظم للمساعدات الإنسانية بتنسيق من الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا، وأضافت أنه لا توجد أي طريقة أخرى لتنفيذ استجابة إنسانية بالحجم المطلوب في غزة من دون الأمم المتحدة.
من جانب آخر دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى إدخال الصحافيين الدوليين ولجان التحقيق ومحققي المحكمة الجنائية الدولية إلى غزة لضمان توثيق الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الأبرياء، ومحاسبة مرتكبيها، بما يسهم في إنصاف الضحايا وإرساء أسس العدالة، كما دعا إلى ضرورة فتح قطاع غزة بشكل عاجل أمام الصحافيين الدوليين، وتمكينهم من الوصول الميداني الحر لتغطية الوضع الإنساني الكارثي الذي خلفته الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال، الذي سعى حسب نفس المصدر إلى طمس الحقيقة عبر استهداف الصحافة الفلسطينية وقتل ما لا يقل عن 254 صحافيًا، وتدمير معظم المؤسسات والمقار الإعلامية.
في سياق متصل أكد المرصد الأورومتوسطي أن سكان غزة بحاجة إلى ما هو أبعد من وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أنهم يحتاجون إلى إنهاء كامل لسياق الإبادة الجماعية والدمار المستمر، ومعالجة جذرية للأسباب التي قادت إلى هذه الكارثة، عبر إنهاء الحصار المفروض منذ سنوات، ورفع القيود على حرية الحركة والإمدادات، ووضع خطة إغاثة شاملة تعيد بناء ما دمرته الحرب وتؤمن المأوى والاحتياجات الأساسية للمدنيين، محذرًا من أي ترتيبات تهدف إلى فرض وصاية سياسية أو أمنية على قطاع غزة، أو إدارة خارجية مفروضة تنتقص من حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم واختيار شكل حكمهم بأنفسهم، مؤكدًا أن مثل هذه المخططات تمثل امتدادًا لسياسة السيطرة والهيمنة للاحتلال الإسرائيلي، ومحاولة لتفكيك الكيان الوطني الفلسطيني وفصل غزة عن باقي الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يهدد وحدتها الجغرافية والإدارية والقانونية.
من جانب آخر أكدت وزارة الصحة أن تحديات كبيرة وكارثية تسيطر على عمل القطاع الصحي في غزة، ومنها آلاف المرضى الذين يتكدسون فيما تبقى من مستشفيات عاملة، حيث بلغت السعة السريرية 250 بالمائة، إلى جانب تفاقم أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية، بالإضافة إلى استشهاد 1701 فلسطيني من الكادر الطبي منهم 320 طبيبًا، وقالت إن هذه خسارة كبيرة تتطلب وقتًا كبيرًا لتعويضها، وهو ما يستدعي إدخالًا عاجلًا للوفود الطبية وتسريع وتيرة سفر المرضى والجرحى للعلاج في الخارج والذين يزيد عددهم عن 17 ألف مصاب ومريض.
نورالدين ع