أكد البيان المشترك الذي توج زيارة الدولة التي قام بها رئيس جمهورية زيمبابوي، السيد إيمرسون دامبودزو منانغاغوا، إلى الجزائر، التزام البلدين بتوطيد تعاونهما الثنائي وترسيخ نهج التضامن التاريخي القائم بينهما.
وتندرج زيارة الدولة، التي قام بها الرئيس الزيمبابوي إلى الجزائر من 19 إلى 20 يوليو الجاري، بدعوة من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في إطار "الجهود الدؤوبة والمتواصلة الرامية إلى تعزيز علاقات الأخوة التي تربط البلدين، والتي تستند إلى إرث مشترك من النضال والتضحية في سبيل الاستقلال و التحرر السياسي للقارة الإفريقية".
وبالمناسبة، قدم الرئيس إيمرسون تهانيه الحارة للشعب الجزائري بمناسبة الذكرى ال63 للاستقلال، مشيدا بـ"الدور المحوري للثورة الجزائرية في مسار تحرير القارة الإفريقية"، و التي كانت "مصدر إلهام للشعوب الإفريقية في كفاحها من أجل الحرية وتقرير المصير".
وقد أجرى رئيسا البلدين محادثات على انفراد تمحورت حول "سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتنشيط التعاون القطاعي والاقتصادي بين الجزائر وزيمبابوي".
وأشاد الجانبان بـ"متانة علاقات الصداقة والروابط القوية بين البلدين، القائمة على القيم المشتركة والتطلعات المتبادلة"، كما أكدا "التزامهما بتوطيد التعاون الثنائي وترسيخ نهج التضامن التاريخي القائم بين الجزائر وزيمبابوي" و مواصلة وتيرة المحادثات رفيعة المستوى، من أجل بحث فرص الشراكة بينهما وتفعيل كافة الآليات وميكانيزمات التعاون التي من شأنها إعطاء زخم جديد للتعاون.
كما رحبا بانعقاد الدورة الرابعة للجنة المشتركة الدائمة للتعاون الجزائري-الزيمبابوي، مبرزين "أهمية عقد اجتماعاتها بصفة منتظمة، لضمان تقييم مستدام لمسار العلاقات الثنائية وضمان التنفيذ الفعال للاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة".
وشدد الرئيسان على "إعطاء أهمية أكبر للتعاون الاقتصادي، نظرا لإمكانات الشراكة المتاحة بين الجزائر وزيمبابوي في هذا المجال"، حيث رحبا في هذا السياق بإنشاء مجلس أعمال مشترك وتشجيع القطاع الخاص في البلدين "لاستغلال مثالي لفرص الاستثمار المتاحة".
وبخصوص العلاقات الاقتصادية الثنائية، جدد الرئيسان التزامهما بتعزيز تلك العلاقات، من خلال التفعيل الكامل والتام لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، التي توفر منصة استراتيجية لتوسيع نطاق التجارة والاستثمار بين البلدين.
وبمناسبة احتضان الجزائر للدورة القادمة للمعرض الإفريقي للتجارة البينية (IATF)، من 4 إلى 10 سبتمبر 2025، قدم الرئيس الزيمبابوي تهانيه الصادقة للجزائر، مثمنا "جهودها الحثيثة والتزامها الراسخ بتعزيز التجارة البينية الإفريقية ودفع مسار الاندماج الإقليمي"، مبرزا ما يمثله هذا الحدث القاري "كمنصة استراتيجية لتعميق التعاون الاقتصادي وتوطيد شراكات مستدامة في مختلف أنحاء القارة".
وفي سياق ذي صلة، "أخذ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، علما بترشح جمهورية زيمبابوي لاحتضان المقر الدائم للمعرض الإفريقي للتجارة البينية وكذا استضافة طبعة 2029".
و خلال هذه الزيارة، أشرف الرئيسان على التوقيع على عدد من النصوص القانونية الخاصة بالتعاون الثنائي، كما أسديا توجيهاتهما السامية لوفدي البلدين، لاستكمال المشاريع المتبقية، بغية توسيع نطاق التعاون الثنائي ليشمل مجالات أخرى ذات الاهتمام المشترك.
و فيما يخص الشأن الدولي، أجرى الرئيسان "محادثات معمقة حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، في إطار التزامهما المشترك بمبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية واحترام سيادة الدول وترقية مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية"، مرحبين بـ"التقارب الراسخ والثابت" في وجهات النظر البلدين حيال المسائل ذات الاهتمام المشترك وتبادلا الآراء بشكل خاص حول عدد من القضايا.
ومن بين ما تم التطرق إليه في هذا الإطار، الوضع العام في القارة الإفريقية، حيث "تم التأكيد على أهمية تفعيل وإصلاح هيكل السلم والأمن الإفريقي بما يجعله مؤهلا لمواجهة تعقيدات وحدة النزاعات التي تشهدها القارة".
و"على خلفية تصاعد حالة عدم الاستقرار والتغيرات المتسارعة في الساحة الدولية، ركزت المحادثات على أهمية الحفاظ على قدرة إفريقيا في بلورة استجابتها الخاصة، من خلال مبدأ الحلول الإفريقية لحل المشاكل الإفريقية مع الرفض القاطع للتدخلات الأجنبية التي من شأنها تقويض فعالية الآليات القارية".
كما "تم الإعراب عن القلق إزاء التهديد المتزايد للإرهاب والشبكات الإجرامية العابرة للحدود في مناطق عديدة من القارة"، حيث عبر الجانبان على "ضرورة تكثيف التعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية".
وبالمناسبة، أشاد الرئيس الزيمبابوي بـ"التزام وجهود رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته منسقا للاتحاد الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والوقاية منهما".
وفيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، تم التأكيد على "الدعم اللامشروط لحق الشعب الصحراوي المشروع في تقرير مصيره، وفقا لقرارات مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي ذات الصلة والقانون الدولي"، وكذا "أهمية التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومتفق عليه من الطرفين، يتماشى مع الشرعية الدولية".
وبالنسبة للوضع في الشرق الأوسط، "تم التعبير عن القلق البالغ إزاء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، والناتجة عن العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، مع الدعوة إلى الوقف الفوري لهذا العدوان وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات العاجلة للسكان للمدنيين"، كما شدد الطرفان على "ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين".
وبخصوص إصلاح منظومة الأمم المتحدة، تم التأكيد على "أهمية إصلاح شامل لنظام الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن، من أجل ضمان تمثيل عادل للقارة الإفريقية وغيرها من المناطق الممثلة بشكل غير منصف"، حيث أكد الجانبان على أن "هذا الإصلاح ضروري لتعزيز شرعية وفعالية ومصداقية النظام متعدد الأطراف".
في نفس السياق، "تم إبراز دور الأعضاء الأفارقة غير الدائمين في مجلس الأمن (+A3) كمنصة رئيسية للدفاع عن الأجندة الإفريقية وحماية مصالح القارة ضمن النظام الدولي".
كما جدد الجانبان "التزامهما الراسخ بمبادئ التعددية والتضامن الدولي واحترام القانون الدولي" وأعربا عن "رفضهما للإجراءات القسرية الأحادية" مع الدعوة إلى "حوكمة عالمية أكثر شمولا وتوازنا وديمقراطية وهيكلة مالية تعكس الواقع المعاصر وتطلعات الدول النامية، خاصة في إفريقيا".
واختتمت الزيارة بتأكيد قائدي البلدين على "رؤيتهما المشتركة من أجل إفريقيا موحدة، مزدهرة، تنعم بالأمن والسلم، قائمة على علاقات قوية ودائمة بين الجزائر وزيمبابوي".
وبالمناسبة، "وجه الرئيس الزيمبابوي دعوة كريمة إلى رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، للقيام بزيارة دولة إلى زيمبابوي، على أن يتم تحديد موعدها عبر القنوات الدبلوماسية".
كما أعرب الرئيس إيمرسون عن "خالص امتنانه لما حظي به والوفد المرافق له من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة خلال إقامتهم في الجزائر، فضلا عن التسهيلات الممتازة والترتيبات المحكمة التي ساهمت في نجاح الاجتماعات وسيرها بسلاسة"، وفقا لما تضمنه البيان المشترك.
ولدى وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي، حظي رئيس جمهورية زيمبابوي، باستقبال رسمي حافل وترحيب حار من طرف رئيس مجلس الأمة، السيد عزوز ناصري، ليستهل زيارته إلى الجزائر، بالترحم على أرواح شهداء ثورة التحرير المجيدة، بوضع إكليل من الزهور أمام مقام الشهيد، تكريما لتضحياتهم من أجل الاستقلال والكرامة.
كما استقبل الرئيس الزيمبابوي بمقر إقامته، السيد عزوز ناصري، رئيس مجلس الأمة والسيد إبراهيم بوغالي، رئيس المجلس ا لشعبي الوطني.