تحاول أطراف فرنسية يمينية حاقدة، يائسة، النفخ في مواضيع وملفات تجاوزها الشعب الجزائري برمته، فشل من سبقوهم من الساسة الفرنسيين في استغلالها لضرب وحدة الجزائر وتماسك شعبها.
يبدو الملف الذي أعدته أسبوعية «لوبوان « الفرنسية في عددها الأخير ليوم 14 أوت الجاري، حول منطقة القبائل، كمن يصرخ في واد سحيق، فقد عادت هذه المجلة المحسوبة على اليمين المتطرف، للنفخ في هذا الملف بعدما أحرقت جميع أوراق عرابيها المتموقعين في المؤسسات الرسمية الفرنسية، و في الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، الذين يشنون حملة شعواء ضد الجزائر منذ مدة.
وواضح جدا أن هذا الملف المعد حول منطقة من مناطق الجزائر هو بمثابة إعلان فشل مسبق، وحلقة أخرى جديدة في مسلسل التصعيد التي تقوم بها الحكومة الفرنسية وأطراف أخرى ضد الجزائر باستهداف الجالية الوطنية بالخارج والموظفين الدبلوماسيين الجزائريين بفرنسا وغيرهم. وها هي الحملة المسعورة هذه تصل هذه المرة إلى محاولة استهداف الشعب الجزائري ونسيجه الاجتماعي، والتفرقة بين أفراده، وخلق التمييز بين مختلف مناطق الوطن، و ضرب وحدة الشعب وتماسك المجتمع الجزائري و تلاحمه، وإلا كيف يمكن تفسير وقراءة عنوان المجلة في صدر صفحتها الأولى « القبائل .. شعب واقف». فسكان منطقة القبائل كانوا دوما وعبر التاريخ جزءا لا يتجزأ من الشعب الجزائري، وهم اليوم هكذا وغدا سيكونون على نفس الحال، فما معنى هذا العنوان الذي وضعته المجلة وما الغرض منه إذن؟ وما الأهداف الخفية من وراء مضمونه؟.
وواضح أن القراءة الأولية لمضمون وأبعاد العنوان توحي بأن المجلة تريد إيصال رسالة أو فهم للقراء مفاده أن منطقة القبائل متميزة عن باقي مناطق الوطن، وأن سكانها متميزون عن باقي الجزائريين، لكن التاريخ القريب والبعيد يدحض بصفة قطعية مثل هذه الادعاءات التي يكذبها سكان منطقة القبائل قبل غيرهم، الذين أكدوا دوما أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الجزائري وأن المنطقة لا وجود ولا قيمة لها خارج الجزائر الكبيرة الموحدة.ولو قرأ أصحاب المجلة الفرنسية ومن يقفون وراءهم، التاريخ جيدا لأدركوا أن الاستعمار الفرنسي فشل فشلا كبيرا في عزل المنطقة عن باقي الجسد الجزائري منذ بدايات احتلاله للجزائر سنة 1830 وإلى غاية اليوم، فعلى الرغم من الحملات بما في ذلك التبشيرية التي قامت بها فرنسا في المنطقة لعقود من أجل عزل الشعب هناك عن باقي مناطق الوطن، ودفعه إلى الإحساس بالتميز، مستعملين في ذلك سرديات وأكاذيب لا تمت للتاريخ بصلة، إلا أنهم فشلوا فشلا ذريعا في نهاية المطاف، وقاومت المنطقة الاستعمار الفرنسي كبقية المناطق الجزائرية الأخرى، كما فشلت أيضا محاولات عديدة قام بها الاستعمار وأذنابه عبر عقود من الزمن لإغراء المنطقة بشتى الوسائل والطرق.
فاللعب على وتر الجهوية والعرقية والمناطقية، التي حاولت مجلة
«لوبوان» النفخ فيها تجاوزه الزمن، وتجاوزه الشعب الجزائري وسكان المنطقة منذ مدة، ولم يعد هذا الوتر يعزف أي لحن في أذان سكان منطقة القبائل ولدى عموم الشعب الجزائري، الذي أكد على وحدته وتلاحمه في أكثر من مرة.
فالدستور الجزائري واضح، وقد حدد الحقوق والواجبات لكل المواطنين، وهو دستور لا يفرق بين أبناء الشعب ولا بين مناطق الوطن، وهو بذلك قد قطع الطريق أمام تجار الفتنة و الجهوية والعرقية سواء داخل الوطن أو خارجه، ممن يريدون ذلك إسفين للتفرقة بين أبناء الشعب الواحد، من أمثال أبناء
«لوبوان» والمرتزقة العاملين لحسابها. وفي هذا الخضم لا يمكن قراءة ما أقدمت عليه «لوبوان» خارج سياق الفشل الذريع المتكرر الذي أصاب اليمين المتطرف الفرنسي وجهات أخرى في الحكومة الفرنسية حاقدة على الجزائر، هذه الأخيرة التي لعبت ومنذ شهور على كل الأوتار من أجل تأزيم العلاقة بين الجزائر وفرنسا والدفع بها نحو نقطة اللارجوع. فقد أحرقت هذه الجهات كل أوراقها أمام المواقف الصارمة والحازمة للجزائر، و تطبيقها مبدأ المعاملة بالمثل والتعامل بندية لا مثيل لها في الرد على مختلف القرارات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية ضد الجزائر في الأشهر الأخيرة. كما ومن هذا المنطلق لا يمكن اعتبار الملف الصحفي الذي أعدته مجلة «لوبوان» في16 صفحة عن منطقة القبائل، وسكانها وجاليتها في فرنسا على الخصوص ورموزها، سوى حلقة أخرى من مسلسل الاستفزازت التي تقوم بها جهات فرنسية ضد الجزائر والتي بعد أن استنفدت جميع أوراقها على المستويات السياسية والدبلوماسية، قفزت هذه المرة بشكل انتحاري للعب على الورقة المجتمعية، و التفرقة والعنصرية ومحاولة ضرب وحدة الشعب الجزائري. والمؤسف أن الملف المعد من طرف المجلة حول منطقة القبائل انخرط فيه جزائريون، أثبتوا أنهم مرتزقة القلم أكثر من كونهم إعلاميين وكتابا، راحوا عبر مقالات لهم يسايرون السردية الفرنسية الحاقدة، ويدكون سهام التفرقة بين مواطنيهم، ويحاولون ضرب وحدة بلدهم، هذا البلد الذي كبروا فوق ترابه وتعلموا في مدارسه وجامعاته وأكلوا من خيراته. لكنهم و عرابيهم في المجلة وخارجها تلقوا صفعة صادمة من قبل عموم الشعب الجزائري، الذي انتفض عبر وسائط التواصل الاجتماعي منذ نشر العدد الجديد للمجلة ليستنكر مضمون الملف الصحفي، وأهدافه الخفية التي يسعى إلى تحقيقها، وليؤكدوا مرة أخرى أن الشعب الجزائري شعب واحد موحد فوق ترابه، وأن ما قامت به المجلة لن يكون سوى محاولة يائسة كسابقاتها، ورهان خاسر منذ البداية. إلياس -ب