يستعد أعضاء غرفتي البرلمان لدراسة جملة من مشاريع القوانين و المصادقة عليها، خلال الدورة البرلمانية الجديدة التي افتتحت رسميا، أول أمس، وهذا استكمالا لمسار الإصلاحات الجارية، وكذا تكييف المنظومة التشريعية الوطنية مع أحكام دستور 2020 و بنود الاتفاقيات والمعاهدات الدولية و متطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
وتكتسي الدورة البرلمانية الجديدة أهمية خاصة كونها الأخيرة في عهدة المجلس الشعبي الوطني الحالي من جهة، و كذا لكونها تتزامن و بداية السنة الثانية من العهدة الرئاسية الثانية للرئيس عبد المجيد تبون، ما يجعل منها حلقة مهمة لمواصلة تجسيد ما ورد في برنامجه الرئاسي في جانبه التشريعي.
ومباشرة بعد مراسم افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة صبيحة أول أمس ترأس كل من عزوز ناصري، رئيس مجلس الأمة، وإبراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، اجتماعا لمكتبي الغرفتين بحضور ممثلة الحكومة وزيرة العلاقات مع البرلمان لضبط رزنامة الدورة الجديدة.
وخلال تناولها الكلمة سردت، نجيبة جيلالي، وزيرة العلاقات مع البرلمان قائمة مشاريع القوانين التي من المنتظر أن تشكل جدول أعمال الدورة البرلمانية الحالية والتي ضمت في المجموع 18 مشروع قانون.
و من بينها مشاريع قوانين ذات أهمية بالغة لتنظيم الحياة السياسية، خاصة و أن البلاد على بعد أشهر فقط من تنظيم الانتخابات التشريعية لسنة 2026، لذلك فإن مشروعي قانوني البلدية والولاية يأتيان ضمن هذه القائمة، وهما المشروعان اللذان سبق لرئيس الجمهورية أن شكل لجنة خبراء خاصة لصياغتها برئاسة الوزير الأسبق للداخلية و الجماعات المحلية دحو ولد قابلية، هذه اللجنة أكملت عملها وقدمت مسودة المشروعين لرئيس الجمهورية في انتظار مناقشتهما على مستوى غرفتي البرلمان، فضلا عن مشروع القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية.
ونشير أن مشاريع القوانين الثلاثة هذه شكلت منذ سنوات مطلبا ملحا للطبقة السياسية، وقد وعد رئيس الجمهورية بمراجعتها وإدخال إصلاحات هامة عليها لتستجيب للواقع السياسي الجديد الذي تعيشه البلاد.
ومن بين مشاريع القوانين التي ستناقشها دورة البرلمان الجديدة نجد أيضا مشروع قانون المالية لسنة 2026، وهو أمر طبيعي، و مشروع قانون تسوية الميزانية لسنة 2023.
في مجال الرقمنة وما يتصل بها سيواصل البرلمان عمله التشريعي بدراسة مشروع قانون يحدد القواعد العامة المتعلقة بخدمات الثقة للمعاملات الإلكترونية والتعريف الإلكتروني، ومشروع قانون يحدد القواعد العامة المتعلقة بالمجال الرقمي، وهما مشروعان يكتسيان أيضا أهمية خاصة بالنظر لمسار الرقمنة الذي تسير عليه البلاد و الذي أوصى به رئيس الجمهورية و جعل من رقمنة كل مصالح البلاد وكل القطاعات رهانا استراتيجيا.
كما نجد أيضا مشروع قانون يتعلق بالمرور ولهذا الأخير أيضا أهمية خاصة، سيما بعد الحوادث المرورية الأليمة الأخيرة المسجلة خلال هذه الصائفة، وهناك أيضا مشروع قانون يتضمن المصادقة على تحيين المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، ومشروع آخر يتعلق بحماية الحيوانات الموجهة للتكاثر، ومشروع قانون عضوي يتعلق بمجلس المحاسبة.
كما يواصل البرلمان أيضا تجسيد الإصلاحات المتعلقة بقطاع العدالة حيث سيناقش ويصادق على مشروع قانون عضوي يتضمن القانون الأساسي للقضاء، ومشروع قانون يعدل و يتمم القانون رقم08-08 المؤرخ في 23 فيفري سنة 2008 والمتعلق بالمنازعات في مجال الضمان الاجتماعي.
أما في الجانب المتعلق بتنظيم الحياة الجمعوية وتأطير المجتمع المدني نجد مشروع قانون عضوي يحدد شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات، ومشروع قانون يحدد شروط وكيفيات ممارسة حرية الاجتماع وحرية التظاهر السلمي، فضلا عن مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 04-08 المؤرخ في 14 أوت سنة 2004 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية، ومشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 06-02 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتضمن تنظيم مهنة الموثق.
و واضح من القائمة المذكورة سلفا أنها تتضمن مشاريع قوانين على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والتجارية للبلاد، ويتجلى ذلك في كونها تتضمن أربعة مشاريع قوانين عضوية وهي المتعلقة بالأحزاب السياسية، والجمعيات، و القانون الأساسي للقضاء، وذلك المتعلق بمجلس المحاسبة.
ومما سبق يتضح أن نشاط الغرفتين فيما تبقى من العهدة التشريعية الحالية سيكون مكثفا، هذا فضلا عن المشاريع الأخرى التي ستبادر بها الحكومة، إذ أكدت وزيرة العلاقات مع البرلمان خلال اجتماع مكتبي الغرفتين أن عددا من القطاعات الوزارية تعكف في الوقت الحالي على إعداد وتحضير مشاريع قوانين أخرى خاصة بها ستضاف للقائمة التي سردتها، كما نبهت أيضا إلى أن الحكومة تحتفظ بحقها في التأكيد على بعض مشاريع القوانين التي تكتسي طابعا استعجاليا، ما يعني تمريرها بسرعة وبمناقشة محدودة كما تنص على ذلك القوانين سارية المفعول.
وخلاصة القول أن قائمة مشاريع القوانين التي ستناقش خلال الدورة البرلمانية الجديدة تمس كل القطاعات تقريبا بل أهمها، في إطار مواصلة تحيين المنظومة القانونية و التشريعية الوطنية ومواءمتها مع متطلبات ومستجدات الظروف الوطنية والدولية الحالية.
إلياس -ب