تعتزم الحكومة إعادة بعث كل المؤسسات المسترجعة بقرارات قضائية والتي كانت مملوكة لرجال أعمال فاسدين، حيث يشكل تدشين وتشغيل مركب سحق البذور الزيتية بولاية جيجل من قبل الوزير الأول، سيفي غريب، أمس الأول، بداية انطلاق مسار سيسمح ببعث كل المؤسسات التي تمت مصادرتها، بالموازاة مع الجهود المبذولة دوليا لاسترداد الأموال المهربة إلى الخارج.
يدخل مسعى استرجاع الأملاك والأموال المنهوبة مرحلة الحسم مع الشروع في بعث الوحدات الصناعية التي كانت مملوكة لرجال أعمال فاسدين والمسترجعة بقرارات قضائية، فالدولة التي واجهت الفساد بيد من حديد، وتصدت لتجاوزات كثيرة وقعت خلال السنوات الماضية، تدخل اليوم في مرحلة تشغيل الوحدات الصناعية على غرار مصنع «كتامة» لإنتاج الزيوت والأعلاف، وهو ما يسمح بخلق مناصب شغل وبعث ديناميكية اقتصادية تعطلت بسبب ممارسات المافيا المالية السابقة.
وتعتزم الحكومة الانتقال إلى مرحلة استغلال الوحدات المسترجعة والتي استنزفت الملايير من خزينة الدولة، وبهذا الخصوص، كشف الوزير الأول، سيفي غريب، خلال الزيارة التي قام بها إلى ولاية جيجل، النقاب عن حجم التلاعب الذي كان سائدا في ملف الاستثمار الصناعي و التلاعبات التي حصلت بسبب ممارسات مشبوهة والتي كانت وراء تحويل أموال طائلة إلى الخارج على حساب التنمية الاقتصادية، وهي الممارسات التي عطلت التنمية الصناعية و أرهقت الخزينة العمومية.
الوزير الأول، وخلال زيارته لمصنع «كتامة أغري-فود» الذي كان مملوكا للإخوة «كونيناف» قبل استرجاعه في إطار مكافحة الفساد، قال بأن المشروع استُلم في البداية بنسبة لم تتجاوز 20 بالمائة بسبب عمليات النهب الممنهجة التي طالته، فالتحويلات البنكية، التي تراوحت بين 68 و69 مليون دولار، كانت مسددة بالكامل وخرجت إلى الخارج، في وقت لم يكن على أرض الواقع سوى هيكل ناقص بلا دراسة ولا إمكانيات.
و وصف ما وقع بـ”نهب المال العام في أوضح صوره”، قبل أن يضيف بأن سياسة الرئيس عبد المجيد تبون في استرجاع الأموال المنهوبة وجدت طريقها إلى التجسيد، بفضل كفاءات جزائرية مئة بالمئة، مهندسين وإطارات تخرّجوا من مدارس وطنية، أعادوا الحياة للمركب الذي كان على وشك أن يتحول إلى مجرد أثر اقتصادي.
وبالنسبة للوزير الأول، فإن تدشين مركب «كتامة» سيكون بداية مسار سيؤدي إلى بعث وإطلاق المشاريع الصناعية المسترجعة في إطار مكافحة الفساد، والتزم السيد غريب بتجسيد المشاريع التي كانت محل عمليات نهب من أموال الشعب، «وفقا لتعليمات رئيس الجمهورية»، مؤكدا أن الحكومة ستسهر على «المتابعة الدقيقة لها»، وقال بهذا الخصوص، أن كل المشاريع التي تمت مصادرتها سوف تنطلق، شاء من شاء وأبى من أبى، وأضاف بأن توجيهات رئيس الجمهورية والتزامه أمام الشعب الجزائري باسترجاع هذه الأموال تجسدت.
ولم يكشف الوزير الأول، عن عدد الشركات التي سيعاد بعثها، لكن بعض التقديرات الرسمية تتحدث عن عشرات المؤسسات التي سيشملها القرار، وذلك استنادا إلى تصريحات سابقة أدلى بها المدير العام للأملاك الوطنية خيدي عبد الرحمان، الذي تحدث عن تحويل 139 وحدة اقتصادية بعد مصادرتها بالقانون، إلى الاقتصاد الوطني مع إعطاء الأولوية للمؤسسات العمومية الراغبة في اقتنائها وبعث الحياة فيها، شرط الحفاظ على اليد العاملة.
وأوضح خيدي، أن عملية تحويل هذه الوحدات الصناعية إلى المؤسسات العمومية، باعتبارها أملاك مصادرة ضمن قضايا مكافحة الفساد، والتي تمت بمقابل مادي بسعر السوق، سمحت ببعث النشاط فيها والحفاظ على اليد العاملة بها، كما أكد أن مديريته تلقت أكثر من 70 محضر استلام تخص استرداد أملاك ثبت الحصول عليها بطرق غير شرعية، وذلك ضمن جهود السلطات العليا للبلاد التي باشرت العمل على ملف نوعي يتمثل في مكافحة الفساد واسترجاع عائداته. وتخص هذه المحاضر فنادق ومصانع ومعدات والوحدات الاقتصادية ومنقولات وأشياء ثمينة أخرى.
وإضافة إلى الوحدات الصناعية، تم في إطار استرجاع الأملاك المصادرة في إطار قضايا مكافحة الفساد، تحويل العديد من العقارات إلى مختلف الدوائر الوزارية لاستعمالها كمقرات إدارية، إلى جانب عدة منقولات كالسيارات، والمعدات الموجهة للاستخدام الإداري، والتجهيزات الطبية، والتجهيزات السمعية البصرية، حسب المسؤول. وتم أيضا، في نفس الإطار، إيداع المجوهرات الثمينة المصادرة لدى بنك الجزائر، مع تحويل أرصدة وسندات ذات قيمة وكفالات حسن التنفيذ إلى «أماكنها الصحيحة».
وتأتي هذه العملية، تنفيذا لقرارات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، القاضية بتحويل هذه الأملاك العقارية والمنقولة لصالح المجموعة الوطنية وضمان الاستغلال الأمثل لوحدات الإنتاج المعنية.
ع سمير