
حدّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال اللقاء الذي جمعه بالمتعاملين الاقتصاديين، ملامح ما سيكون عليه الاقتصاد الوطني، على ضوء جملة التحولات التي يعيشها العالم حالياً، مؤكدا بأن الجزائر عازمة على مواصلة العمل من أجل “اقتصاد متنوع وتنافسي، متحرر من القيود البيروقراطية” بعيدا عن الاستدانة من الخارج.
أكد الرئيس تبون، خلال لقاء مع رجال أعمال ومديري مؤسسات اقتصادية، الخميس، أن الجزائر عازمة على مواصلة العمل من أجل “اقتصاد متنوع وتنافسي، متحرر من القيود البيروقراطية”، مذكرًا بالخطوات الكبيرة التي تحققت في مجال إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة.
واعتبر الرئيس تبون بأن الأرقام المسجلة خلال معرض التجارة البينية الافريقية الذي احتضنته الجزائر الشهر الفارط، والصفقات المبرمة، كلها مؤشرات تؤكد على أن اقتصاد الجزائر "يسير في الطريق الصحيح"، وحاثّاً الشركات والمتعاملين الجزائريين على التمركز في السوق الإفريقية باعتبارها سوقاً واعدة تتناسب مع المنتوج الوطني.
وقال الرئيس تبون، إن "الدولة القوية هي التي تمتلك اقتصاداً وجيشاً قوياً وشعباً وطنياً في طليعته الشباب"، مشيراً إلى أن إصلاح الاقتصاد الجزائري وهيكلته يقومان على إنشاء نسيج واسع من المؤسسات المتوسطة والناشئة، وهو حافز لتطوير الصادرات خارج قطاع المحروقات.
وتتطابق تصريحات رئيس الجمهورية، مع تقارير اقتصادية وطنية ودولية أبرزت الأداء الجيد للاقتصاد الوطني خلال الفترة الأخيرة، وهو ما عكسته المؤشرات المسجلة في عدة مجالات، مع نمو قوي لقطاع خارج المحروقات، وتضخم متحكم فيه، ووضعية خارجية صلبة رغم التراجع المسجل في أسعار المحروقات.
وبحسب تقرير صادر عن بنك الجزائر، فقد سجل الاقتصاد الجزائر نموا معتبرا في حدود 3,6 بالمائة، كما ظل نمو إجمالي الناتج المحلي خارج المحروقات قويا، حيث ارتفع إلى حدود 5 بالمائة، وفيما يخص التضخم، فقد استمر تباطؤ مؤشر أسعار الاستهلاك الذي بدأ سنة 2023 حيث سجل التضخم على المستوى الوطني 4,40 بالمائة نهاية سنة 2024، مقارنةً بنسبة 7,18 بالمائة نهاية ديسمبر 2023. بسبب تحسن وضع المنتجات الفلاحية الطازجة، التي تباطأت إلى 2,89 بالمائة في سنة 2024، بعد أن بلغت 15,29 بالمائة في 2023.
التزام رئاسي بالوقوف
إلى جانب المتعاملين
وحرص رئيس الجمهورية على طمأنة المتعاملين الاقتصاديين، وذلك من خلال التزامه بضمان المرافقة النوعية، لا سيما للمتعاملين الذين يطمحون لتوسيع نشاطاتهم الصناعية والإنتاجية بشكل عام، عبر تدابير وتسهيلات متعددة، على غرار التمويل عن طريق القرض، وغيره من الحلول.كما بدد الرئيس تبون، المخاوف التي انتابت بعض الشركات حيال نقص المواد الأولية بسبب القيود المفروضة على الواردات، حيث أكد رئيس الجمهورية، أن قضية استيراد المواد الأولية الضرورية لضمان استمرار نشاط المصانع والإنتاج الوطني تعد أولوية الأولويات. وشدد تبون، على أن الدولة لن تسمح بأي تراجع في رقم أعمال المصانع أو تعطيل نشاطها بسبب منع أو تأخير في استيراد هذه المواد.
كما أكد التزام الدولة الكامل بمرافقة الصناعيين في جهودهم، قائلا: “لن نسمح بسقوط كلمتكم مع الشركة الإفريقية التي تعاقدتم معها، وإذا تطلب الأمر مضاعفة استيراد المادة الأولية، فسنستوردها مرتين أكبر”. مشيرا إلى أن ذلك يندرج ضمن استراتيجية الجزائر لتعزيز حضورها الاقتصادي في إفريقيا. وأضاف: “أقول هذا أمام الوزير الأول ووزير التجارة الخارجية، لا أريد لأي مصنع أن يخفض من رقم أعماله بسبب منع استيراد المادة الأولية.. المادة الأولية هي أولوية الأولويات”.
كما ألح، على ضرورة رفع القدرات الإنتاجية كمّا ونوعا وجعلها أكثر تنافسية على المستوى الدولي، مع ضمان ديناميكية إنتاجية أكبر، باعتماد على نظام ثلاث فرق متناوبة، خاصة بالنسبة لإنتاج المواد التي تسجل طلبا واسعا، مشيرا إلى أنه "ليس هناك فرق بين المتعاملين العموميين والخواص. وكلهم معنيون بالنهضة الاقتصادية والمسؤولية التي على عاتقهم إزاء التنمية الوطنية".
استراتيجية لدخول
الأسواق الافريقية
وتبدى الجزائر رغبة في دخول الأسواق الافريقية، خاصة دول غرب افريقيا التي تمثل بوابة الجزائر للدخول إلى كل أسواق القارة، وقامت بإطلاق عدة تدابير لتسهيل وصول المتعاملين إلى أسواق القارة خلال السنوات الأخيرة عبر سلسلة خطوات عملية، بينها إنجاز معبر تجاري وطريق بري يربط تندوف بالزويرات الموريتانية، وفتح خطين بحريين تجاريين مع موريتانيا والسنغال، وإنشاء بنوك جزائرية في موريتانيا وكوت ديفوار، إلى جانب فتح خطوط جوية جديدة مع عدة دول أفريقية، وتوقيع اتفاقات اقتصادية وتجارية متعددة مع دول القارة.
وأشاد الرئيس تبون بما وصفه بـالأرقام "غير المسبوقة" لمعرض التجارة البينية الإفريقية، والذي أسفر عن توقيع عقود وصفقات بلغت قيمتها الإجمالية 48 مليار دولار، بينها عقود حينية بقيمة 11.4 مليار دولار، وعقود أولية بقيمة 11.6 مليار دولار. وقال: "المعرض تجاوز كل التوقعات، وكان ثمرة تعبئة جماعية استقطبت الفاعلين الاقتصاديين والشركاء الأفارقة والدوليين إلى الجزائر".
وأكد الرئيس أن التوقيع على عدد هام من الصفقات خلال المعرض يعكس ثقة الشركاء الأفارقة في الجزائر ومناخها الاستثماري، وهي ثقة قال إنها “تحققت بفضل الصناعيين ورواد الأعمال الشباب أصحاب المشاريع الواعدة”. وفي هذا السياق، دعا رئيس الجمهورية المتعاملين الاقتصاديين إلى الوفاء بالتزاماتهم في الصفقات المبرمة خلال الطبعة الرابعة من المعرض، والعمل على رفع مستوى الفاعلية واستغلال كل الفرص الاقتصادية المتاحة داخل القارة الإفريقية. ع سمير