
أكّد مختصون للنّصر أنّ الأرضية والرؤية لإرساء صناعة ميكانيكية بالجزائر موجودة ولا بأس بها، غير أنه ينبغي الوصول إلى التكامل بين مختلف الفاعلين للتقدّم إلى مستويات أعلى في هذا القطاع، من خلال مرافقة البحث العلمي والابتكار وتثمين منتوجه وكذا الاستعانة بالمؤسسات الناشئة وبالتجارب الدولية. وتحدّثت، النصر، على هامش اللقاء الوطني الاستراتيجي حول الميكانيك المنظم بمركز البحث في الميكانيك بقسنطينة، مؤخرا إلى مجموعة من الفاعلين الذين قدموا وجهات نظرهم بخصوص الصناعة الميكانيكية وسبل تطويرها بالجزائر.
إسلام. ق

* مدير التطوير التكنولوجي والابتكار جيلالي تاساليت
عملنا على توفير البيئة المناسبة للبحث والابتكار
أكّد مدير التطوير التكنولوجي والابتكار على مستوى المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، جيلالي تاساليت، أنّ مختلف التكنولوجيات والصناعات المتقدمة وكذا اقتصادات الدول المتطورة أو النامية تنطلق من العلم فالبحث والتطوير والابتكار أساس هذه العملية، لافتا إلى أنّ المديرية العامة عملت على تحضير البيئة المناسبة فيما يتعلق بالبحث والابتكار من خلال إنشاء منصات تكنولوجية ورقمية في الميكانيك تحتوي على تقنيات وأجهزة متطورة، حاضنات أعمال منها المتخصصة كالموجودة بمركز البحث في الميكانيك، كذلك تم تطوير عدّة مخابر للبحث مرتبطة بهذا المجال، مضيفا أنّ الهدف يتمثل في تثمين ما تم تطويره بالتعاون مع مختلف القطاعات بالأخص الصناعة بغية حل بعض الإشكاليات على غرار الاعتمادات والضمان على المنتوجات معتبرا إياها مهمة وينبغي أن تتماشى مع ترقية صناعة السيارات وكذا قطع الغيار، مشيرا إلى ضرورة التكامل بين مختلف الفاعلين.
ووجّه المتحدّث دعوته إلى مختلف الفاعلين الاقتصاديين الناشطين في المجال من أجل التقرّب من مراكز ومخابر البحث التي تقوم بدور كبير وتعمل مع عدّة شركاء لافتا إلى أنه ينبغي تدعيم هذه الشراكات وفق مبدأ الربح للجانبين حتى مع المورّدين، كما أردف أنّ قطاع البحث العلمي والابتكار تطوّر وبإمكانه المساهمة في ترقية قطاع الصناعة الميكانيكية، معبّرا عن الجاهزية للمشاركة مع كل القطاعات، كما أضاف أنّ المديرية العامة تعمل على تطوير البحث التطبيقي والبحث الذي يخدم المجتمع والاقتصاد الوطني والشركاء الاقتصاديين. وأكّد العمل على تطوير طرق لأجل تثمين منتوج البحث العلمي والابتكار، عبر إنشاء مؤسسات اقتصادية وأخرى ناشئة ومصغرة وكذلك المؤسسات الفرعية التي تقوم بدور التثمين، كما اعتبر أنّ هذه الحلقة ينبغي تطويرها بشكل أكبر بالشراكة مع مختلف الفاعلين إذ ينبغي للمتعاملين الإقبال لطرح إشكالاتهم، مؤكدا وجود بعض المشاريع الرائدة مثلما وصفها على غرار السيارة الكهربائية التي يتم تطويرها بمركز البحث في الصناعات التكنولوجية بالجزائر العاصمة، كذلك مشاريع مع مؤسسات اقتصادية في صورة بعض قطع الغيار التي يتم تطويرها في المنصات التكنولوجية، منوّها بأنّ نسبة براءات الاختراع ارتفعت لأكثر من 200 بالمائة منذ سنة 2022 في مختلف المجالات.

* الرئيس المدير العام لشركة سوميمي بلوس عادل بن ساسي
على الصنّاعي الجزائري التطلّع إلى السوق العالمية
ذكر الرئيس المدير العام لشركة «سوميمي بلوس» المختصة في الميكانيك الدقيقة والصيانة الصناعية، عادل بن ساسي، أنّ السياسة الجزائرية في مجال الميكانيك معروفة ولا ينبغي النّظر إلى أن الجزائر بعيدة، معتبرا وجود مرحلة جديدة من الصناعة هي 4.0، كما لفت إلى أنّ الصناعي الجزائري لا يجب أن ينظر فقط إلى السوق المحلي وإنما كذلك العالمي فسلسلة التقييم تسمح بالوصول إلى رقم ضخم يجعل تنافسية المنتوج الجزائري تظهر في الخارج ومحليا، معطيا مثالا بعدم وجود مصنع في العالم يصنّع أقل من 350 ألف حتى نصف مليون في العام حتى ينافس، حيث يعتقد أنّ النظرة ينبغي لها أن تتغيّر إلى آفاق أخرى باعتباره وحدة صناعية يحتاج إلى البيع خاصة إذا كان المستثمر يملك التراخيص للتصدير.
وقال المتحدّث إنّ خارطة الصناعة الميكانيكية هي بيئة متناسقة كل له دوره، وبالنظر إلى البيئة الاقتصادية في الجزائر نجد أنّ البنوك موجودة، الوكالات الوطنية التي تقوم بالدعم والمساعدة هي الأخرى متوفرة، الجمعيات المهنية بدورها كذلك حاضرة، بالإضافة إلى توفر اليد العاملة، سعر الطاقة منخفض بالمقارنة مع الجيران دون الحديث عن الدول الأوروبية، لافتا إلى أنّ هذه امتيازات مهمة، ومع وجود مختلف هذه الفواعل إلا أنّ الوضع لا يسير مثلما يراد له حيث أرجع المتحدث ذلك لغياب التكامل بين مختلف هذه الفواعل لغياب الحوار والتشاور.
وقدم المعني مثالا رغبة في الولوج لصناعة السيارات وتصنيع قطع الغيار قام وزير الصناعة السابق، سيفي غريب، بجمع مختلف الفاعلين وتم الخروج بنتائج تشخيصية تخص وجود مشكلات الضمان والأمان للمنتوجات وكذا مخابر البحث، كما أكّد أنه قبل أسبوع من اجتماع لجنة تطوير قطع غيار السيارات تم إحصاء 120 شركة مختصة في المجال موجودة وناشطة محليا ومنهم حتى من ينشط عبر «فيسبوك»، لافتا إلى أنه على بورصة المناولة الصناعية البحث عن هذه الشركات ودمجها في ميدان تصنيع السيارات، معتبرا أن الأمر يدعوا للأسف لكون القدرات موجودة والمستثمرون استثمروا لكن لا يستطيعون بيع منتوجاتهم لأن مصنع التركيب لا يقتنيها بالإضافة إلى الأسعار المرتفعة لأن الكمية صغيرة ولا يمكن الاستثمار مثل مصانع أجنبية تصنّع بأعداد كبيرة.

* رئيس النادي الاقتصادي الجزائري: السعيد منصور
النظرة موجودة يبقى التطبيق
وذكر رئيس النادي الاقتصادي الجزائري، السعيد منصور، أنه ينبغي مد الجسور بين مختلف الفاعلين في القطاع الصناعة الميكانيكية للوصول إلى صناعة تكاملية في المجال، كذلك ينبغي القيام بدراسة جدوى للمشروع من مختلف جوانبه المواد الأولية، اليد العاملة المؤهلة واحتياجات السوق، ثم المرور إلى مصنّع السيارة، مضيفا وجود نماذج عالمية موجودة يمكن التعلم منها معطيا مثالا بالصين التي سبق وأن زارها سنة 2004 ووقف على وضعية قطاع الصناعة وكيف تطوّر في ظرف 20 سنة، كذلك النموذج التركي في صناعة غيار السيارات وحتى البرازيل، حيث يرى المتحدّث أنه ينبغي الاستعانة بالشريك الأجنبي للحصول على التكنولوجيا في أقرب وقت معتبرا أن هذه المؤسسات المتمثلة في مصنعي السيارات دخلوا إلى الجزائر وسيطالبون بالقطع التي يحتاجونها لنشرع في تصنيعها كذلك ستكون هناك مرافقة من قبلهم للزومية الوصول إلى نسبة إدماج معينة بحسب ما تفرضه الدولة.
ويرى المتحدّث أنّ هذه المؤسسات ستشارك وتقدّم مختلف المعلومات للالتزام بنسبة الإدماج المطالب بتحقيقها، لافتا إلى أن الجزائر في حاجة إلى قطع غيار السيارات ذاكرا أننا نسترد ما بين 800 مليون و1.2 مليار قطع في السنة بالإضافة إلى ما بين 300 و500 ألف سيارة سنويا تحتاجها السوق الجزائرية، وهذا الكم سيخلق رغبة للمتعاملين الاقتصاديين في الاستثمار، كما أردف أنّ الجزائر قامت في سياستها بجلب المستثمرين ومصنعي السيارات وكذلك أتت بالقوانين الجديدة في صورة قانون الاستثمار الجديد ومنحت التراخيص اللازمة، وبالتالي فالنظرة موجود لكنها تحتاج إلى صبر حيث يتبقى كيفية تطبيقها على أرض الواقع الذي يحتاج إلى ميكانيزمات وتشاور وآراء. وفصّل في الاحتياج بقوله التكامل بين القطاعين العام والخاص، الخاص مع نظيره الخاص، الأجنبي والجزائري فتشرع الفكرة في التكوّن، لافتا إلى أنّ الدور الفعّال الأكبر يتمثّل في جانبين أولها القوانين وتسهيل الاستثمار عبر الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وثاني الأمور دعم وتكوين المؤسسات الناشئة لجلب أفكار جديدة بغية تحسين الأداء في الصناعة وكذلك القيمة، على اعتبار أنّ هذه المؤسسات عند إيجادها للفكرة تعمل على تطويرها سواء من ناحية الكم أو الكيف وكذا السعر.
وأردف المتحدّث أنّ التعاون بين الأجنبي والجزائري المصنّع، مع وجود قوانين الدولة والمناخ المناسب، بالإضافة إلى المؤسسات الناشئة يؤدي إلى بلوغ الأهداف يبقى تنظيمها وتركيبها حيث شبّه الأمر بالسلاسل المتفرّقة كل جانب يحرّك الآخر، مضيفا أنّ هذه الجزئية هي التي يتم العمل والتحاور بخصوصها، مشيرا إلى أنّ الدولة دورها منظّم يتمثّل في تسخير أرضية مناسبة وهو ما يحصل أما الفاعل فهم رجال الأعمال والاقتصاديين، غير أنه تحدّث في المقابل عن وجود بيروقراطية تعيق تيسير العملية، معطيا مثالا بالحصول على رخصة الاستغلال التي تحتاج للمرور عبر عدة مؤسسات للحصول عليها بينما أكد رئيس الجمهورية على منح واحدة مؤقتة للمعني ريثما يتحصل على خاصته لكن الإدارة في بعض الأحيان لا تمنحها.
ويعتقد المتحدّث أنّ القوانين موجودة لكن ربما يمكن المطالبة بتغيير بعضها حسب المتطلبات لكون العصر يتغيّر بسرعة وكذلك التكنولوجيا، لكن الآليات التي من الممكن تطبيقها تكون على مستوى مناطق النشاطات والصناعية بحيث تكون جاهزة من ناحية التكنولوجيا ومهيأة وتضم مختلف المرافق في صورة الأمن الجمارك، البريد، حتى يجد المستثمر كل الظروف مواتية فيقوم بدوره في التصنيع، فضلا عن الأسعار المرتفعة التي كانت مفروضة على الأراضي ينبغي التسهيل في هذا الجانب لاستقطاب المستثمرين والحصول على فوائد من خلاله أما الأرضية فتظل في مكانها يتم استغلالها وفق عقود إيجار وأسعار على المدى الطويل، فضلا عن دعم البنوك للشباب في بعث المشاريع.

* الأستاذ بجامعة عين تيموشنت مراد بن عصمان
الشركات الناشئة تساهم في تقديم الحلول وتطوير القطاع
يرى الأستاذ بجامعة عين تيموشنت، مراد بن عصمان، أنّ قطاع الميكانيك لا ينحصر في السيارات أو قطع الغيار فقط وإنما كذلك العتاد الميكانيكي الذي ارتفعت أسعاره، والعتاد لا يتضمن فقط الميكانيك النقي بل يندرج فيه كذلك الإعلام الآلي، الإلكترونيات وبالتالي فإن الوضعية متعددة المجالات، وبحكم توفرها على هذه الخاصية فكثير من المؤسسات الناشئة بإمكانها أن تمنح حلولا في هذه الجوانب، خاصة وأنّ معظم العتاد مستورد، كما يرى أنه إذا تمّ النّظر إلى هذا العتاد فإنّه بالإمكان صناعة نسبة 60 بالمائة منه في الجزائر. ويعتقد المتحدّث أنّ المؤسسات الناشئة قد لا تنخرط بنسبة كلية في صناعة هذه الآلات لكن بإمكانها المشاركة في جوانب الخوارزميات والإعلام الآلي والذكاء الاصطناعي، وبهذه الطريقة تستطيع المؤسسات الناشئة المساعدة في تطوير قطاع الصناعات الميكانيكية في الجزائر حسب، بن عصمان، كما تحدّث عن إمكانية التفاوض لأجل جلب التكنولوجيا الصناعية وتوطينها بالجزائر حيث ذكر كمثال وجود بعض المستثمرين في إنتاج بعض المواد الكيميائية الذين يحتاجون إلى استيراد عتاد مخصص لذلك يتجهون إلى الصين للتعامل مع الموردين لهذه الآلات الذين يقومون بتنفيذ المشروع من بدايته إلى نهايته، فعوض جلب المشروع كاملا من الخارج يمكن التفاوض معهم للإبقاء على نسبة معينة للعمل عليها محليا بالجزائر، حيث يستفيد المورد الصيني من أموال الشراء لكننا بالمقابل نستفيد من التكنولوجيا، كما يمكن من خلال المؤسسات الناشئة القيام بتقنيات هندسية مختلفة وتصنيع هذا العتاد محليا، موضحا أنه على المؤسسات الناشئة فرض نفسها.