الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

حيـــاء

الذين ماتوا في الحربِ الأهليّة التي عرفتها الجزائر، كانوا جادين في موتهم، أي أنّهم لم ينهضوا بعد انتهاء المذبحة ليتقاضوا أجر الدّورِ. و لم تنبت لهم «فيلات» في أعالي العاصمة ولا في ضواحيها، ومنهم الذين لم يتركوا القبور التي تدلّ الملتاعين عليهم. لم يصبحوا أرباب عملٍ  ولا خُطباء يلقون الدروس على القادمين بعد انتهاء «الحفلة». لا بيوت لهم في «أليكانت» ولا شقق في اسطنبول ولا عشيقات صغيرات يغالطن شيخوختهم.
الذين ماتوا عبثاً، ماتوا حقاً، لم يستفيدوا من حقّ اللجوء إلى مكانٍ آخر ولا من حقّ الاختباء في «المحميّات». وفوق كلّ ذلك فإنّهم يتمتّعون بصفةٍ جزائريةٍ  كانت منتشرةً قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتفِ الذكيّة، تسمى: الخجل أو الحياء.  من خصائصها، عدم الإشارة إلى الذات عند الحديث عن بطولةٍ.
الذين ماتوا في الحربِ العبثيّة، ماتوا لأنّ هناك من كان يعبث، والعابثون لا يخجلون عادةً، ومنهم من يؤكد القاعدة الآن من باب استغلال انعطافة التاريخ، ككلّ مرة. و منهم من يصعد إلى المنبر ليقدّم الدروس، دون أن يقول له أحدٌ: ضع شيئاً مناسباً في مصدرِ رأيك يا شريك الموت!
من غير المعقولِ أن تتطاول على حاملي العلوم والمعارف، لأنّ الثـراء أصابك في زمن الحربِ ونجوتَ لأنّك لم تكن على حقّ، و ليس من حقّك إن أصابك ما أصابك أن تسفّه «بروفيسورا» في الجامعة  وحجّتك التي لا تبوح بها أنّك ترى نفسك صانع رأي رغم أنّك «لم تتعلّم»! لذلك تطوّعت بإلقاء دروس حول ما يجب أن تكون عليه الصّحافة والسياسة والاقتصاد وحسمت في مشروع المجتمع.
وبعد
هل يجوز للذين كانوا يتباهون بالمسدسات، من أهل الصّحافة والثقافة وكوادر السيّاسة ، الذين كانوا يرعبون النّاس ويتظاهرون بأنّهم يقومون بأدوار خطيرةٍ في دهاليزِ الجمهورية، هل يجوز لهم اليوم تبشير النّاس الذين لم يموتوا أو الذين ولدوا بعد الموت، بجمهورية أخرى؟
هذا السؤال لا ينشد إجابة بقدر ما يتطلّع إلى بعث تلك الصّفة التي عُرفت قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية وقبل بروز الأصابع التي تشير إلى أصحابِها.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com