الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

المواطن سهيل

مات سهيل الخالدي في الجزائر التي اختارها للعيشِ والموتِ، الجزائر التي كان يهربُ إليها فاقدو الأوطان دون تفكيرٍ، لأنّها كانت تمنحُ الأملَ قبل أن تسقط في المستنقع الدموي، لكنّ الفتى الفلسطيني ظلّ على وفائه لها، لم يغادرها كما فعل آخرون ولم يتنكّر لها، لأنّها ضاقت حين ضاقت على الجميع. ولا لوم على الذين ذهبوا شمالاً وفي قلوبهم حسرة على ضياع حلم «الميتروبول العربي».
 سيذكره جيلٌ من المبدعين الجزائريين الذين خطوا خطواتهم الأولى على صفحاتِ «الشّعب»، حيث رافقهم لسنواتٍ كرسولِ محبّةٍ. سيذكره الراسخون والعابرون في الصّحافة. وقبل ذلك ستكون حياته درساً  في «المواطنة»، وهو الذي عانى من نظرات «عنصريّة» كان يردّ عليها بالتأكيد على «جزائريته» حتى في أحلك الظروف. قد يكون الوطن، في نهاية المطاف، المكان الذي نختاره، المكان الذي نبنيه وليس بالضرورة «المنجم» الذي ننهبه ثم نخرّبه حين يُقال لنا كفى!
وربما استفدنا من هذا الدرس في هذا الوقت بالذات، حيث تحوّل متعلّمون في المدارسِ  المجانيّةِ والجامعاتِ المجانيّةِ ومستفيدون من السّكنِ المجاني والعلاج المجاني إلى منتجي كراهيّة، باسم هويات وايديولوجيات، كادت تمزق النسيج الاجتماعي بل و تأتي على الدولة الوطنيّة المعذّبة في بنائها وفي وجودها.
ويحيل هذا المعطى المخيف إلى خللٍ في بناء الإنسان الجزائري، منتوج الريع و الرومنسية الثورية، الذي قد يؤدي بنفسه إلى التهلكة وهو ينشد تحسين الوضع.  فالديمقراطيّة (الضروريّة) هي نتيجة نهائيّة لنضجٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ ولن تكون هبة من أحدٍ، لن يمنحها لك ماكرون ولا «فريدم هاوس» ولن يجود بها متقاعدون فاشلون في مسارهم المهني أو لصوص سابقون لم يسألوا عما فعلوا أو محبطون من أمرِ ما، ولن تتدرّب عليها في صربيا!
و أخطر عدوّ للديمقراطيّة هو الكراهيّة الآخذة في الانتشار كالوباء، بترويج من فرسانٍ الكترونيين أخذتهم العزّة بالإثم في غياب رادعٍ أخلاقي أو قانوني.
قد يكون موت كاتب غير مناسبٍ لقول هذا الكلام، لكنّه مناسب في حالة سهيل الخالدي، المواطن الجزائري انتساباً الذي يذكرنا بطلبةٍ ومثقفين تعلّقوا بالجزائر وانتموا إليها ووجدوا صعوبةً في الخروج منها لأنّها كانت بالنّسبة لهم حلماً وفكرة، في وقتٍ يسعى بعض أبنائها إلى اختزالها في «مغانم» وتخريبها بعد ذلك.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com