الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

المتكلّم

يذهبُ «العالمُ» إلى التلفزيون فيفقد علومَه ويتحوّل إلى عجينةٍ في يدِ المذيعةِ يؤمّن على أقوالها ويجتهدُ في ترقيعِ جملها.
لا يحتاج التلفزيون إلى العلم ولكنّه يحتاج الكلام ليسند مقاصده المعدّة سلفاً، لذلك يختلق أحياناً «خبراء» لا يتردّدون  في إلقاءِ جملٍ بحركات اليدين و تقطيبات تستدرج الصّرامة من مكامنها القصيّة لإقناع المتلقي برجاحة طرحٍ يعوزه البرهان.
ومن فرط ذهابه إلى التلفزيون، قد يبرهن الخبيرُ ذاته على نجاعة برنامج ونقيضه. و لأنّه تعوّد على قول أيّ شيء دون أن يقول له أحدٌ «ماذا تقول»؟ يذهب إلى قناة أجنبيّة باعتداد وطنيّ ظاهر ويشرع في مجادلة الآخرين بلغةٍ مرتبكةٍ هي مزيج من دارجةٍ «يفهمها الحمامُ المحلي» وفرنسيّة وعربيّة المسلسلات (كأن يضيف الحاء المصريّة إلى الأفعال! ) و قد يستعين بالغضبِ حين يجد نفسه في نقاشٍ لا يمتلك أدواته، وربّما سِيق إلى موقفٍ حرجٍ  دون أن يدري كحال بروفيسور في العلاقات الدوليّة ظهر مؤخراً على قناة فرنسيّة ليشرح وجهة النّظر الجزائريّة في الأزمة الليبيّة و انتهى مدافعاً عن حفتر وجيشه!
يختلفُ تعريف التلفزيون للخبير عن التعريفات التي سبقت ظهور هذه الآلة الجهنميّة التي تستقطب النّاس كما تستقطب المصابيح الكائنات الصّغيرة الطائرة، لأنّ التلفزيون يحتاج إلى كلام «يخدع» به مشاهديه الأعزّاء في زمنٍ محدّد ولا تهمّه المفاهيم التي تنشد موتاً هادئاً في القواميس والكتب.
يحتاج الخبير إلى التعريف بنفسه عبر التلفزيون في اللّحظة التي يقتنع فيها أنّ العلوم والمعارف لم تعد تهمّه في حدّ ذاتها، أي حين يبلغ العتبة الفارقة بين العلم والحاجة، لذلك سيتخفّف من صرامة العلم وينزل إلى درجة الكلام الذي يخدم الأغراض، ولا بأس في خدمة الغرض للغرض أن يركب صفته ليقفز إلى موقعٍ آمنٍ لا يقول فيه بالضرورة الكلام الذي يجب أن يقوله بل الكلام الذي يستطيبه المعنيّون بالسّماع، من صنّاع قرارٍ أو مشاهدين تكفي صفة أعزّاء لتعريفهم.
يحتاج التلفزيون إلى الخبير ليعزّز ما يريد قوله ويحتاج الخبير إلى التلفزيون ليصير ما لم يكنه، لذلك يترك العلم والعقل في البيت كلّما قيل له تعال ويجمع ما تجود به محرّكات البحث ويركض ليتكلّم ويكمل جمل المذيعة.
ملاحظــــة
حين يستخدم الموصوفُ الصفةَ ابتغاء صفةٍ أخرى قد ينتهي بدون صفة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com