الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

الكتابةُ ضدّ التأتأة

سليم بوفنداسة

تواجه الصّحافة المكتوبة محنةً حقيقيّة، ليس بسبب كورونا وحدها، ولكن بسبب توجّه عام نحو المؤثرات البصريّة و الصوتيّة التي تعفي المتلقي من كلّ جهدٍ.
و تخفي فرحة منظّرين بزوال الورق أزمة وعيٍ وسوء تقديرٍ لعواقب اختفاء واحدةٍ من أهم وسائل التثقيف والتعليم وإشاعة الديمقراطيّة في عصرنا.
و المشكلة ليست في انتقال الصحيفة من الورق إلى الدعائم الالكترونيّة، ولكن في ازدراء "المكتوب" لحساب المرئيّ والمسموعِ، الذي يلتقي فيه الجمهور مع صنّاع القرار دون أخذ المهنيّة و قيمة العمل بعين الاعتبار.
فالمكتوب الذي يراعي الجودة والدقة، يتجاوز في وظائفه الإبلاغ إلى التكوين والتثقيف، خصوصاً حين يصدر عن مؤسسات إعلاميّة حقيقيّة وعن إعلاميين حقيقيين، درسوا حقاً وتدرّبوا و مرّوا بمختلف المراحل التي تقتضيها مهنتهم، ويمتثلون في عملهم إلى المعايير المهنيّة والأخلاقيّة.
ولا تقدّم "البدائل" المطروحة هذا النّوع من "الخدمة" لغياب إنتاج سمعيّ بصريّ وطنيّ أو صناعة تلفزيونيّة، وهو ما جعل من أغلبيّة القنوات التلفزيونية مجرّد إذاعات مرئية، والخوف كلّ الخوف أن نستنسخ "أقبح" النماذج العربيّة في "برامج" يجلس فيها المذيع ليعيد سرد النهار السابق في مونولوغ طويل يراعي فيه امتداح السلطة والجهات المانحة للرزق وهجاء المعارضة إن وُجدت  في قالبٍ غريبٍ على المهنة، حيث يكتفي بذكر  أخبارٍ والتعليق عليها دون إسنادٍ مع الإيحاء بأنّه يوحى إليه، وقد يقومُ بما يقوم به دون أن يقول له أحدٌ إنّ ما تقوم به غير أخلاقيّ، وربما قيل له عكس ذلك تماماً، وقد لا يحتاجُ فيما يقوم به إلى لغةٍ ويكتفي بأنصافِ الجُمل وأسماءِ الإشارةِ والتأتأةِ.
لا يخدم هذا "النوع" الصّحافة، مثلما لا يخدم الديمقراطيّة الناشئة التي تحتاج إلى صحافةٍ تكشفُ الحقائق وتعرض الآراء والأفكار المختلفة وتثقف المتلقي وهي مهمة تبنّتها طويلاً الصّحافة المكتوبة حاملة الفكر، لذلك تعمد دوّل كبرى إلى دعم صحفها  حفاظاً على "رأسمالٍ" معرّضٍ للخطر بسبب الجوائح السمعيّة البصريّة والانفجار التكنولوجي الذي مكنّ جميع النّاس  من التخاطب العلني و  الذي تحيل مخاطره في كلّ مرّة إلى ضرورة بقاء المحترفين في المشهد.

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com