الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

ساندروم

يواجه الأفرادُ في المجتمعاتِ الأبويّة صعوبةً في الخروج عن الأنساق المرسومة سلفاً، بشكل يُعيقهم عن الإبداع ويحرمُ المجتمعات نفسها من التطوّر الطبيعيّ.

و يمكنُ أن يقف الدارسُ بسهولة على انتشار "الخلايا الأبويّة" في أجسام مؤسّسات حديثة كالجامعات، على سبيل المثال، حيث تُحكم عشائر وعائلات سيطرتها و تسود مُجاملات في الفضاءات العمليّة كالملتقيات ومناقشة الرسائل وتنقسم "النّخب" بين شيوخٍ ومُريدين.
 وهكذا تتحوّل مؤسسات مُنتجة للمعرفة، يفترض أنّها تضع قواعد النّقاش الرّصين وتدرّب مرتاديها على تقبّل المختلف، إلى نسخٍ من المؤسّسة الاجتماعيّة التقليديّة التي تحتكم إلى روابط الدم والجغرافيا والولاء، أي تُعيد إنتاج البنية الأبوية بنفس الميكانيكا التي تشتغلُ داخل المجتمع.
و إذا كانت هيئة حديثة تتحرّك على سكّة قديمة فإنّنا، بكل بساطة، أمام التعريف  الدقيق للمأزق، فالمجتمع المدعو إلى التطوّر لا يتطوّر تلقائيا ويحتاج في انتقاله إلى قطائع وصدمات ورجّات وتأهيل تقوم به نخبة تنتمي إلى هذا العصر، وليس النّخبة الظّاهرة في المشهد، النّخبة السلفيّة التي تعرّف المستقبل بالماضي ويعاني أفرادُها من "ساندروم النبوّة" الذي يدفع المُصاب إلى تبني القول الفصل في كلّ مسألة والاحتماء بالخطاب الديني أو الوطني بدل تقديم الحُجج و مواجهة المختلف بخطاب العنف و الإسراف في الحديث عن الذات وتقديم السيرة العطرة كنموذج وعدم تقبّل النّقد ( وقد رأينا مؤخرا كيف تعرّض ناقد للشّتم على مواقع التواصل الاجتماعيّ بطريقة تجاوزت الوقاحة من فنّانين لأنّه نشر في كراس الثقافة قراءة في مسرحيّة عُرضت على المسرح الوطني).
ويكفي لتشخيص ضحايا "الساندروم" الاطلاع على منشورات على مواقع التواصل أو الاستماع إلى حوارات يعيد فيها الضّيف الكريم سرد تاريخ النبوّة بضمير المتكلّم.
يؤجّر الشيخ الغابر جسد المثقّف المعاصر، فينتج عن هذا التزاوج خطابٌ مستبدٌّ لا يقبل الاختلاف يلتفّ حوله مريدون طلباً لمزية أو خوفاً من بطش. هكذا يُصنع الباتريارك المعاصر في مختلف الحقول لتعزيز البنية الكلاسيكية المذكورة وإطالة عمرها وعرقلة التطوّر والتحديث.
ويقتضي إخراج الشيخ القديم  من الجسد "المسكون" مراجعة نظام التعليم  من الجامعة إلى الروضة لأنّ إعادة إنتاج "النّمط" تبدأ هناك.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com