الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

حديثُ الحديقة!

تخفّفت"عمارتُنا" المُستنبتة على عجلٍ تحت ضغطِ الحاجة المتزايدة إلى الإسكان، من الحديقة، التي عُدّت في بعض الأحيان ترفًا، حتى وإن ظلّ مصمّمو المُدن والأحياء أوفياء للخضرة في مخطّطاتهم التي تتوسّل التنفيذ من بُناةٍ بأهواء من إسمنت وساكنةٍ مولعة بالجدران ترى فيها الخلاص ومنتهى الأمل.

و أخطر من فصل الحديقة عن العمارة، سقوطها من يوميات وعادات النّاس الذين حوّلوا الشارع إلى فضاء للرّاحة و التسليّة، و تكفي جولة معاينة في شارع من شوارعنا للوقوف على الوظائف الجديدة التي أصبح يتحمّلها مُكرهًا.
و حين تُضاف فضاءات الترفيه، من مسارح ودور سينما  وغيرها، إلى قائمة المفقودات فإنّ النتيجة هي ما نراه وما نسمعه في مدننا بلا زيادة أو نقصان، فثمة نمط عيش تم الاستسلام له، نمط معفى من دواعي المسرّة وأسباب المُتعة!
يتعلّق الأمر بحالة تقشّف يُختصر فيها استغلال الفضاء، بل بتقشّف في الحياة نفسها يُترجمه فقر في اهتمامات الناس واكتفاء بالضروريات، إلى درجة أن فضاءات التسوّق والأكل تحوّلت إلى المقصد الأول لسكّان المدن والمتردّدين عليها، ويكادُ الترفيه والتّثقيف يختفيان من وسائل إعلامنا أيضًا، في وقت تسرقُ فيه التكنولوجيا الأفراد من المجتمع وتلقي بهم في غيابة العُزلة والتوحّد.
وحتى وإن بدأ الحديث عن الفضاء في النقاشات العامّة في السنوات الأخيرة، مع استحداث هيئات عموميّة ومدنيّة تتكفّل بمسائل البيئة المعقّدة، إلا أنّ المعضلة تحتاج إلى تفكير وإلى استراتيجيات، تجعل من العمران تدبيرًا يضع الاجتماع في قلب كل مشروع، وفنًّا يستهدفُ المستقبل، فطاقة المجتمع تحتاج بدورها إلى تصريفٍ، ووحدها المدن المسيّرة بذكاء تستطيع إخضاع الإنسان إلى نواميسها  و انتزاع أحسن ما فيه وإظهاره على مسرحها المفتوح، وردع المظاهر البدائيّة التي يدفعها اللاوعي الجمعي في بعض الفترات من تاريخ المدن وتاريخ الإنسان.
والعمران في نهاية المطاف أصدق تعبير عن الوضعيات الحضاريّة لأنّه يعكس العبقريّة و البراعة أو المتاعب في مُلاحقة تطوّر الحياة، أي أنّه نتاج فلسفة وتراكمات وليس مجرّد حلّ لإشكال طارئ في المكان. والمتصفحّ لكل الحضارات العظيمة، سيجد الحديقة شقيقة للعمارة والبراعة في تنظيم الفضاء دليل القوّة وعنوان المرحلة.
لكلّ ذلك،  لا بدّ من رفد الأفكار الخضراء التي بدأت تظهر في حياتنا و تحويلها إلى ثقافة .

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com