الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

الانتشار ضدّ القيمة

تمنحُ المنصّات الالكترونيّة فضاءً جديدًا للأدب يقرّبه من جمهورٍ لم يكن من هواة الكتب بالضرورة، لكنّها تحرّره، بالمقابل، من قواعد الكتابة وشروطها الفنيّة، فتنسفُ التقاليد التي راكمتها السلالاتُ الكاتبة على مرّ الأزمنة، بل وتستهدف "القيمة" حين تستبدلها بمعيار الانتشار، فتصبح المُشاهدات والقراءات المليونيّة عنوانًا للنّجاح باتت تستندُ إليه حتى دور النّشر العريقة والصّحافة المتخفّفة من جديّتها في بحثها عن مكانٍ في مأدبةِ اللّئام الالكترونيّة، متأثرة بالعائدات الماليّة الكبيرة التي يحقّقها أدب المنصّات منزوع الفنّ.

إنّنا باختصار أمام إشكاليّة جديدة يطرحها التطوّر التكنولوجي في حضارة السّوق التي تتجه نحو جعل الذّكاء الاصطناعي القوّة المنتجة الأولى للسلع والأفكار، وحتى النشاطات الفنيّة التي ارتبطت بعبقرية الإنسان، فسيّد الأوان "شات جي بي تي" مثلا،  لا يردّ دعوةَ داعٍ  إلى كتابة القصائد والقصص وإعداد الأطروحات النقدية، وربما كتب مستقبلا الروايات الأكثـر مبيعًا، ويبقى السؤال المحرج حول كيفيّة استفادة الأعمال ذات القيمة من منصّات تتغذّى على تفاعلات جمهور الإثارة.
في المجال الأدبي، يبدو تحمّس حرّاس المعبد من نقاد وإعلاميين مختصّين لما يتحمّس له الجمهور سلوكًا مخيفًا، خصوصًا حين يرتبط بخطابات الحريّة و التجاوز و الاختراق والعالميّة.. و غيرها من التبريرات التي تُساق في معرض امتداحِ أعمال جماهيرية من دون قيمةٍ فنيّة، لأنّ ذلك يخدم فوضى النشر ويعزّز التجاسر على الآداب والفنون الذي لا يحتاجُ إلى تعزيز في عصرنا السعيد هذا.
وبقدر ما تخدم الفضاءات الالكترونيّة الآداب والفنون وتمنحها حياة جديدة، فإنها تميّع عمليّة النّشر وتقتل النّاشر، فيحجب العملُ المبتذل العملَ الرصينَ، و تُخفي الإثارةُ القيمةَ.
ولا تتعلّق إثارة هذه المخاوف، بدعوة إلى منع أيّ عمل أو بحنين إلى منظومةٍ تقليدية، بل بإبراز الحاجة إلى تمكين الأثر القيّم وغير الرائج من فضاءات العصر وأسباب الانتشار، وهذا الجهد لا يمكن أن تنهض به سوى الهيئات العامة والدول أو مؤسّسات خاصّة لا تحسب الرّبح بعائداته الماديّة فحسب،  وهو قبل ذلك وبعده هاجسٌ يفترضُ أن يشغل النّخب حتى لا تتيه في البراري الالكترونيّة وتختلط ُخطواتُها وأصواتُها بخطواتِ وأصواتِ الغوغاءِ!

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com