الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

عن الوحشيّة عموما وعن الغرب بالخصوص

قد تبدو الكلماتُ تعيسةً أمام الأهوال التي تحدثُ، وقد يبدو كلّ موقفٍ لا يغيّر الحال مجرّد انفعال بلا أثر، أمام الجدران التي أقامتها وسائل الإعلام الغربيّة ووسائل إعلام عربيّة مُتصهينة، حاولت اختزال ما يحدثُ في ردّة  فعل على اعتداء لمنع تكراره.

لكنّ كلمات قليلة نجحت في اختراق الجدران وإرباك السرديّة الغربيّة الصهيونيّة للمأساة الفلسطينيّة، حيث تمكّن ناشطون وصحافيون فلسطينيون وعرب من تقديم  حقائق عاريّة عن وحشيّة الكيان وتهافت وبهتان داعميه، في تدخلاتهم عبر وسائل إعلام دولية أو في نشاطهم التوثيقي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رغم الحجب والتضييق، بل وأحرجوا محاوريهم الغربيّين وقدموا لهم دروسًا في أخلاقيّات الصّحافة، بعد فضح انحيازهم لرواية المعتدي وإخراج ما يحدث عن سيّاقه التاريخي، في ترجمة لنهج  إدوارد سعيد الذي لخّصه في عبارة بديعة: مجابهة القوّة بخطاب الحقّ.
لقد أصرّ صحافيون و نشطاء فلسطينيون على نقل الحقائق من الأرض، ويكفي أن من بينهم من أبيدت عائلاتهم لكنّهم ظلّوا صامدين أمام الكاميرا، لأنّ ثمّة قصّة تروى للعالم، قصّة يقتضي سردها تجاوز المأساة الشخصيّة.
وهكذا وقف الرأي العام العالمي على المغالطات التي تسوّقها الحكومات الغربيّة المنخرطة في الجريمة، ووسائل إعلام تموّلها لوبيات صهيونية، وفي أيام معدودات اتضح أن الدوّل الغربيّة التي تروّج للديمقراطية وحقوق الإنسان، تقع فعلًا تحت "احتلال" اللّوبي المذكور، الذي يعيّن الرؤساء ويرسم الخطّ الافتتاحي لوسائل الإعلام، وينصب مشنقة "معاداة الساميّة" لكلّ من جاهر بالحقيقة.
وذلك مكسب آخر إلى جانب إعادة القضيّة إلى واجهة الأحداث العالميّة، بعد أن كادت تُقبر بسبب التواطؤات الغربيّة والعربيّة مع الاحتلال.
هذا الوضع الجديد جعل الأذرع الإعلامية والفكريّة تتحرّك محذرة ، كالعادة، من تسفيه ما يسمى بالمحرقة، أو "عولمة الكراهيّة" على حدّ تعبير الفيلسوف ألان فينكلكروت، والكراهيّة هنا هي الترجمة الغريبة لكلّ انتقاد لما يقوم به الكيان الصهيوني.
لكنّ السقوط الأخلاقي لفلاسفة الصهيونية، شأنهم شأن الحكومات ووسائل الإعلام الغربيّة، لم يعد خافيًا، وقدرتهم في الإقناع خفتت رغم المساحات الواسعة التي تخصّص لهم في وسائل إعلام لتقديم "مونولوغات" بائسة وتظهر تناقضاتهم كحال برنار هنري ليفي الذي رفض مقارنة صورة لعمارة أصابها صاروخ روسي في أوكرانيا بعمارة قصفت وسقطت على ساكنيها في غزة لأنّ الأوكرانيين مقاومون، في نظره، أما أهل غزة فلم يجد حرجًا في وصفهم بالأوغاد.
ما تقدّم يؤكد بوضوح "سقوط الغرب" على جميع الأصعدة، والفضل للدم الفلسطيني الذي كشف للإنسانيّة عن الوجه الوحشيّ لحضارة قدّمت نفسها كخلاصة لكلّ الحضارات.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com