الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

منشقون وغيرهم

منحت الأكاديمية السويدية، مرّة أخرى، الفرصة لمناوئيها بمنحها جائزة الجوائز لمنشقة بيلاروسية في مرحلة تشهد عودة روسيا إلى صناعة القرار الدولي. وحتى وإن لم  نكن قد اكتشفنا “القيمة الأدبية” للكاتبة سفيتلانا أليكسيفيتش بعد، فإن أول ما قفز إلى واجهة الإعلام العالمي هو صفتها كمناهضة للإرث السوفييتي الذي يريد بوتين إحياءه ودفاعها عن الحريات، وهذا ليس عيبا ينال من مكانة كاتبة لكنه يطرح بالضرورة العلاقات الملتبسة بين النضال السياسي والتقدير الأدبي الذي تمنحه أهم جائزة في العالم. وحتى ما ورد في حيثيات منح الجائزة يشير إلى السياسة أكثر مما يشير إلى الأدب:”كتاباتها متعددة الأصوات التي تمثل معلما للمعاناة والشجاعة في زماننا”. وتبدو الكاتبة نفسها التي وصفت فوزها بالرائع منصرفة إلى الهم السياسي، حيث حذرت في أول تصريح أطلقته بعد تتويجها الدول الأوروبية من التقارب مع رئيس بلادها لوكاشينكو.
صحيح أن نوبل ظلت تنبّه العالم إلى كتاب كبار غير مرئيين في الغالب، لكن الجدل لم يتوقف حول ضحاياها ومنسييها وحول أدلجتها خصوصا في سنوات الحرب الباردة حين احتفت بمنشقين فيما اعتبر انخراطا للأكاديمية السويدية في الحرب على المعسكر الاشتراكي، وما يعاب على هذا التوجه هو استخدامه للمعيار السياسي في حقل جمالي خصوصا وأن الجائزة باتت تتمتع بقيمة رمزية كبيرة وبالتالي فإن منحها لمنشقين كان يُفهم كإغاضة للروس والصينيين أكثر منه احتفاء بعبقرية كاتب.
والملاحظ أن الكثير من الجوائز التي تمنح في الغرب باتت تعتمد هذا النوع من المعايير في تقديرها للآداب القادمة من ثقافات الأمم الأخرى في نزعة تخفي مرض المركزية الغربية التي لا تكتفي باستخدام ذائقتها بل تزيد عليها بمراعاة  المقاصد السياسية، الأمر الذي دفع بعض طلاب الجوائز من أرض الجنوب – على سبيل المثال- إلى شتم أنفسهم في سعيهم لتحصيل الأمجاد وإثارة انتباه الميديا.
هذا المعطى يطرح مجددا المأزق الأخلاقي لحضارة مهيمنة في مرحلة حرجة من تاريخ الإنسانية تحول فيها الكتاب والفلاسفة إلى مروجين لخطب الانغلاق والخوف والحرب بل وتتم استشارتهم من طرف صنّاع القرار في شؤون العدوان وأساليبه.
وحين ينتقل  المرض من الساسة والعسكر والصناعيين آكلي البشر إلى رجال الفكر  يصعب أن نتوقع شفاء العالم.

سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com