الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

«خيط الروح»

غضب الجزائريون من الوحش البحري الذي قضم  الخيط الذي يربطهم بالحياة وساءت أحوالهم في الأيام القليلة التي قلّ فيها التدفق. ورغم التطمينات التي قدمها القيّمون على شؤون الخيط، بأن الحرمان لن يدوم أكثر من أسبوع، إلا أن الخوف سكن البطون وبدأ الناس يتصورون السيناريوهات الأبوكاليبتية لحياة بدونه.
 لا نتحدث هنا عن الخسائر الاقتصادية لأن مؤسساتنا، لحسن الحظّ، محصنّة ولا تعوّل على التكنولوجيا في إدارة شؤونها ضمن تصورات مستقبلية أثبتت صوابها وقت الكوارث ولكن عن الخسائر الروحية لشعب بدأ يهجر الحياة نحو الحياة الافتراضية وبات قطاع واسع منه يعيش في الفضاء الأزرق غير المسيّج حيث يجري تبادلات حرّة يحصّل بموجبها ما عزّ تحصيله في الواقع.
ثمة تغيرات بدأت تطرأ على سكان هذا الإقليم ليس بفضل التنمية البشرية ولكن بسبب تكنولوجيات الاتصال التي أتاحت لهم فرص مراوغة الأنساق الكلاسيكية بل ومكنتهم من «فرض الذات» على المسرح الضوئي من خلال التعليق على الأحداث بإسراف وتبادل الأخبار وإبداء الرأي السديد في كل شيء. وبات من السهل التقاط الجزائري من خلال الشخصية القاعدية الافتراضية التي يقدمها على الشبكة، وهي في العموم شخصية محشوة برياح البطولات وريشها ومزينة بالمعارف الموسوعية تضاف إليها خصلة أبدية تتمثل في تمجيد الذات وتسفيه الآخر. و في السياق تتدفق قصص حب ووصال وغدر وتجري حياة كريمة موازية للحياة الواقعية الشحيحة التي لا مسرّات فيها، بل وينال «العاديُّ» حظّ النجم من خلال رفع حياته مصوّرة إلى الناس.
هكذا تكرست الحياة الجديدة في الشاشات بعد أن ضاقت الحياة القليلة في الواقع، قبل ظهور الوحش المائي قاضم الخيط الذي أعاد الناس إلى ما لا يحبّون وتسبّب في تعطيل الأرواح لنحو أسبوع.
و نكاية في كل الوحوش المائية وحفاظا على الأرواح الطيبة منها والشريرة يرى الساهرون على الأمر بعيون جزعة أن الحلّ يكمن في الإكثار من الخيوط عسيرة القضم، حتى ما إذا قضم خيط تدفق إخوته عنه.
و الهدف هو الحفاظ على الأرواح وتجنّب كسرها أو غضبها، بغض النظر عن تفادي الخسائر الاقتصادية للمؤسسات التي تحتمي بالبدائية من الهزات.
ملاحظة لا ضرورة لها
تساهم تكنولوجيات الاتصال غالبا في ازدهار الشعوب والأمم، وفي بعض الحالات تتحوّل إلى طريق تعيد الإنسيّ إلى غابته الأولى.

سليم بوفنداسة

 

 

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com