الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

لغة غير مرئية

هل كفت الجزائر عن إنتاج الأفكار وباتت «نخبها» تكتفي بردود أفعال حول ما يتداوله رواد شبكات التواصل الاجتماعي؟
معاينة يفرضها ما يثار، مرّة أخرى، حول المسألة اللغوية بمناسبة كلام عارض لكاتب جزائري في قناة فرنسية، وبمناسبة حذف “البسملة” من الكتب المدرسية.
فكمال داود لا يستطيع “إلغاء” العربية بتصريح، كما أن الانتقادات التي تعرض لها كانت على أساس خاطئ، فالرجل قال أن العربية ليست لغتنا الأم في الجزائر والمغرب، في إشارة إلى اللغات الدارجة، وبالطبع فهو ليس أول من يصل إلى هذا  “الاكتشاف” فقد سبقته إليه قبل نحو ثلاثين عاما مليكة  قريفو صاحبة كتاب “المدرسة الجزائرية من بن باديس إلى بافلوف»، حين أكدت على “أجنبية” العربية التي يكتشفها التلاميذ في المدارس، مع مراعاة الفرق بين باحثة ميدانية مختصة وكاتب يدلي برأيه.
 لكن داود أخطأ حين أراد إلصاق العربية بالسلطة، وهي والحق يقال بريئة من هذه اللغة، لأن السلطة التي قصدها تتعاطى نفس اللغة التي يكتب بها هو و يعترف  أنه يحبها ( ولا لوم عليه في ذلك)، ومن الغرابة حقا أن يصدر تشخيص كهذا عن كاتب وصحفي في نباهة داود. فالفرنسية هي لغة السلطة ولغة المال ولغة القوة ولغة الصحافة ولغة الأدب في الجزائر، والدليل على ذلك أن الكثير من الكتاب الذين يكتبون بالعربية التي ليست هي اللغة الأم، ويطرحون آراء أكثـر ثورية من أراء داود ويلقون بنصوص أقوى من نصوصه يظلون غير مرئيين وغير معترف بهم، ويعيشون هذه الوضعية كنوع من القهر، إلى درجة أن كاتبا  كسعيد بوطاجين (الذي ليست له مشكلة مع الفرنسية) أطلق صرخة مدوية: “علموا أبناءكم الفرنسية”!  وإلى درجة أن بعض الكتاب الذين لا يتقنون اللغتين أصبحوا يدافعون عن الفرنسية وينتقدون العربية في “تقمّص” بديع للمعتدي!
والأمر في نهاية المطاف يتعلق بلغة مستبدة لا يقبل حراسها بلغة أخرى كالانجليزية التي هي لغة العالم، والتي من المفروض أن نعلّمها لأبنائنا، الذين لا علاقة لهم بالماضي، كي يذهبوا إلى المستقبل.
كما تلخص “قضية البسملة” انصراف النقاش عن الجوهري لحساب السطحي، وتلك أيضا علامة من علامات الإفلاس، في مراحل تحتاج فيها الأمة إلى صوت العقل وإلى تشخيصات دقيقة لأسباب تخبطنا.
ملاحظــة
العربية ليست اللغة الأم، هذا أمر معروف قبل ظهور داود، وهي ليست لغة الأب أيضا، والمؤكد أن الذين يتعاطونها سيظلون بلا ثدي ولا سند.   
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com