الأحد 20 جويلية 2025 الموافق لـ 24 محرم 1447
Accueil Top Pub

لا ترقص هنا!

غيّرت شبكات التواصل الاجتماعي الصورة الكلاسيكية للكاتب، وجعلته في «متناول» الجماهير مباشرة، بعدما أتاحه التلفزيون وجعله يتحدّث ويُشير بيديه!
ومن نِعم ذلك، أن تحوّل الكاتب إلى نجمٍ يضطرّ إلى الاستعانة بالحرّاس لمنع عشّاقه من لمسه تبرّكا، والتضحيّة بساعاتٍ طويلةٍ من عمره الثمين لمنحِ توقيعه للجماهير الواقفة في الطابور. مرحباً، لقد تغيّر العالم كثيرا. لقد صار الكاتب لا يقلّ شأنا عن نجوم الكرة والغناء. أما الذين لا حظّ لهم في الطوابير و لا يتفقد وزراء فطور صباحهم، فلهم أن يخترعوا جماهيرهم الوهميّة أو يعزّوا أنفسهم بقرّاء نوعيّين لا يحبّون الفايسبوك أو يتوسلوا الأبديّة التي لا يُظلم في شرعها صاحب حقّ لتنزلهم بين الخالدين الذين يعيشون في أزمنةٍ غير أزمنتهم!
تؤكد أحلام لدوستويفسكي أنّ العالم تغيّر حقا والأدب أيضاً، وأن الذنب ليس ذنبها. لقد صار الكاتب المعاصر ينعم بالحب المباشر، ولو عاش كافكا شخصيّا في زمننا  لما فكّر لحظة في التخلّص من أثره.
أجل، لقد تغيّر العالم. والذنب ليس ذنب أحلام و لا غيرها من الكتّاب الذين يعتقدون بجماهيرية الأدب حتى وإن عاشوا في مجتمعات شفويّة شِبه بدائية لا تتعاطى مع «المكتوب» وتنزع نحو الاحتفالات الطقسية، المرتبطة بالأعراس و «الزرد» في الحالة الجزائرية، وقد سبق لأحلام  ذاتها أن عبّرت عن سعادتها البالغة بزغاريد الطالبات عقب كلمة لها في إحدى جامعاتنا العريقة، ولم تفكّر لحظة وهي المختصّة في علم الاجتماع، أن ردّ فعل الشّخص الذي يقرأ ليس الزغردة، مثلما لم يخطر ببال كتّاب الطوابير أن القارئ الحقيقي لا يتدافع و أن الظاهرة تُفسّر أنتربولوجيا، وهي ليست بالضرورة مدعاة للفخر!
لقد تغيّر العالم وتحوّل البشر والأثر إلى سِلع معروضة في الشاشات والواجهات، وتحوّلت الميديا إلى آلة رهيبة للترغيب في «المبيعات» والترويج للسياسات المشؤومة التي تسفّه الإنسان نفسه وتجردّه من قيّم وجماليات راكمها  منذ نزوله من الشجرة ومنذ خروجه من الغابة وهي تضع السوق كمعيار للقيمة و المجد.
 لكن الأدب ليس فنا مشهديا، لذلك لا يتسع للطّقوس الجماعيّة والهستيريا الفرديّة، والمهمّ فيه هو ما  يُكتب وليس وضعيّة جسد كاتبه في الفضاء وصوّره على «الجدار». الأدب فنّ اللعنة والصّمت وليس حلبة رقص.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com