السبت 19 جويلية 2025 الموافق لـ 23 محرم 1447
Accueil Top Pub

مواطنون يفضلونها كعلاج: مختصون يحذرون من الحملات الترويجية للحجامة


انتشرت بين المواطنين  في الآونة الأخيرة، ظاهرة التداوي  بالحجامة، لاعتقادهم بأنها الطريقة الأنسب لعلاجهم من الأمراض المختلفة، كما تزايد عدد ممتهنيها من هواة  و غير متخصصين في المجالات العلاجية،  والذين يستغلون النزعة الدينية للترويج لها كحل علاجي،غير آبهين بعواقبها  الصحية، فيما انتشرت بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي دورات تعليمها و تلقين العلاج عن طريقها أيضا.
مواقع التواصل و موضة الطب البديل
تقوم عملية العلاج بالحجامة، على وضع كؤوس زجاجية خاصة على منطقة محددة من الجسم، ثم يبدأ المعالج بتفريغ الهواء الموجود داخل الكأس عن طريق التسخين أو بواسطة جهاز سحب معين، ما ينتج عنه انكسار الشعيرات الدموية   و يخلف علامات حمراء تشبه الكدمات، ويُعرف هذا النوع من التدخل بالحجامة الجافة.
 وهناك نوع آخر من الحجامة، وهو الحجامة الرطبة التي تقوم على إحداث جرح في مكان معين من الجسم وإخراج الدم من خلاله، وهي عملية تتم في أوقات معينة يتداول بأن   « الرسول صلى الله عليه، كان قد تحدث عنها وقال، بأنها أفضل الأوقات للاحتجام».
و الظاهر، أن الحجامة تحولت إلى موضة بين الشباب اليوم وهو ما يؤكده الطلب المتزايد على العناوين التي تقدم هذه الخدمة، و المتتبع لأنواع الإعلانات الأكثر انتشارا و المواضيع الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي  سيقف حتما، على رواج فكرة العلاج عن طريق الحجامة و القول بأن هذه الطريقة هي حل لمشاكل عديدة على غرار الصداع النصفي و الحساسية  و الجيوب الأنفية و العقم و آلام المفاصل والعضلات و ضعف النظر والتبول اللاإرادي كما أنها تنقي الدم من سموم المخدرات، بالإضافة إلى قدرتها على علاج بعض الأمراض النفسية التي تم تثبت وجودها كالفزع أو بالعامية «الخلعة».
لاحظنا و نحن نتصفح العديد من المواقع والصفحات، بأن هذه الفكرة نجحت في شد انتباه الكثيرين، حيث تحظى إعلانات العلاج عن طريقها بتفاعل كبير، لدرجة أن هناك من يقومون بالحجز مباشرة على صفحات بعض               « المعالجين» و المراكز، مع تأكيد الحجز والطلب لأكثر من مرة في أكثر من تعليق على ذات الصفحة، فيما تقوم صفحات عديدة أخرى بالترويج لدورات تكوينية لتعلم ممارستها، دون اشتراط أي مستوى دراسي أو تخصص، و تركز على التسويق والربح المادي السريع، و تكلف الدورة في العموم من30 ألف دج إلى 50 ألف دج، لمدة تكوين تتراوح بين ثلاثة أيام إلى أسبوع.
يهربون من الأدوية إلى الحجامة
تواصلنا مع بعض المهتمين بهذه الإعلانات، وسألنا عن مدى فاعلية الحجامة من الناحية الصحية، فاتضح بأن جميع من حدثناهم مقتنعون بأنها « طب نبوي»، وهي مفيدة جدا و عديمة الأضرار، لأنها علاج طبيعي حسبهم، وتندرج ضمن ما يعرف بالعلاجات البديلة، التي تغني عن تناول الأدوية المسببة للقصور الكلوي، وهو ما أكده الشاب حسام البالغ من العمر 20 سنة، و الذي قال، بأن الحجامة ساهمت في تخفيف آلام الظهر التي يعاني منها منذ سنتين.
شابة أخرى تواصلنا معها، قالت، بأنها لم تكن تؤمن بفعالية الحجامة وقدرتها على شفاء مختلف الأمراض لكنها غيرت رأيها مؤخرا، خصوصا بعدما أصبح العديد من الأطباء يحذرون من خطورة  مسكنات الألم على صحة الإنسان لتتجه بدورها نحو العلاج بالحجامة كلما ألم بها وجع.
و من الأسباب التي تدفع الجزائريين إلى عدم  مراجعة الطبيب، والاكتفاء بعمل الحجامة، هي تجنب تسديد ثمن الكشف الذي لا يقل في العموم عن 2000 دينار، وهو ما ذهب إليه البعض، فيما قال آخرون، أنهم كثيرا ما يتناولون أدوية الطبيب لكن دون الحصول على نتائج تذكر، خاصة من يعانون من التهاب العصب الوركي  أي  « عرق النسا» وذلك حسب ما أكدته سيدة تبلغ من العمر 54 سنة، قالت  بأنها جربت العديد من الأدوية فكانت فعاليتها مؤقتة، ولكنها شعرت بتحسن كبير منذ بدأت تخضع لجلسات العلاج بالحجامة.
جدل المنافع و المخاطر
عشوائية كبيرة تطبع، ممارسة الحجامة و الاعتماد عليها في علاج أمراض يعتبرها الطب معقدة، و الأسوأ هو أن هناك من بين الممارسين، هواة و غير متخصصين، لدرجة أن الحجامة تعتبر من الخدمات التي تقدمها بعض صالونات العناية بالبشرة و يمارسها أشخاص دون خلفية علمية، وهو ما يحذر منه مختصون، بينهم

أطباء يؤكدون، على أن الحجامة قد تسبب، تلوث الدم نتيجة عدم إتباع إجراءات التعقيم السليم.
 وذكرت شابة  في تعليق، على أحد إعلانات العلاج بالحجامة، بأنها تخاف من هذه طريقة في التداوي، موضحة بأن سبب خوفها هو فوضى ممارسة الحجامة، لأنها طريقة تتطلب خبرة ودراسة للطب البديل، إضافة إلى ضرورة وجود طبيب متخصص بجانب المعالج بالحجامة، من أجل إسعاف المريض في حال حدوث أية مضاعفات كالنزيف مثلا، وأضافت أخرى، أنها لا تثق بممارسيها  بسب ما يتداول عن عدم اهتمام الكثيرين منهم بشق التطهير و التعقيم وهي أمور سمعت عنها من أطباء أطلقوا تحذيرات خلال فترة الجائحة، جاء فيها بأن، الحجامة من بين طرق انتقال الفيروسات.
و تعد الحجامة على الصعيد الطبي، واحدا من المواضيع المثيرة للجدال، فبينما يرى مؤيدوها أن لها فوائد واضحة على الصحة، يؤكد معارضوهم، عدم وجود معطيات بحثية كافية لدعم هذه الطرح، مع الإشارة إلى أن تأثيرها نفسي فقط وأنها لا تصلح لأن تكون علاجا مستقلا، بل مكملا للعلاج الكيميائي فقط.
و بهذا الخصوص، أكدت المختصة في الحجامة «نبيلة.ي» أن هذه المهنة أضحت متاحة للجميع، الأمر الذي خلف نوعا من الفوضى و عزز المخاطر، مشيرة، إلى أن ممارسة العلاج بالحجامة،  يتطلب مستوى علميا معينا، كأن يكون الممارس طبيبا، أو خريج تخصص ذي صلة، كالبيولوجيا  أو التمريض مثلا.
وقالت، إن عملية العلاج بالحجامة، يجب أن تمر عبر مراحل أولها التشخيص الجيد للمشكل، وإجراء تحليل للدم لتجنب أي أنواع من العدوى، كما يجب حسبها، عدم زيارة المعالجين الذين يمارسونها في منازلهم بل الذهاب إلى المراكز المتخصصة في ذلك.
ولفتت الانتباه إلى أن هذا العلاج التكميلي، يمنع عن بعض الأشخاص المصابين ببعض الأمراض المزمنة، على غرار مرضى الفشل الكلوي و الأمراض الجلدية و مرضى القلب كما يمنع على المتبرعين بالدم، لأنها لا تناسب وضعهم الصحي.
وأكدت، أن نسبة كبيرة من المعالجين بالحجامة لا يعرفون الطرق العملية السليمة للقيام بها، بل يكررون ما رأوه من غيرهم وذلك من منطلق الاعتماد على الخبرة، وهذا حسبها  من العوامل الخطيرة التي يجب أن ينتبه إليها المريض قبل الخضوع للحجامة، كي يضمن أكبر قدر من السلامة.
وأضافت، أن العلاج بالحجامة، يعد من أضمن أنواع العلاج على مستوى العالم، وذلك انطلاقا من الحجج العلمية التي أكدت، أن هذه الطريقة لها القدرة على شفاء الأمراض. مشيرة، إلى أن هناك نوعان من الحجامة، الوقائية و هدفها الوقاية من بعض الأمراض المختلفة وتنشيط الدورة الدموية وتكون حصصها خلال فصل الربيع ويتبعها نظام غذائي وحركة، أما الحجامة العلاجية، فتكون في أي وقت طيلة السنة.وتدعو المتحدثة، إلى عدم الانسياق وراء وهم الدورات السريعة المكثفة لتعلم الحجامة، لأن بعض من يقفون خلفها يفتقرون للخبرة و للخلفية العلمية، كما يجب أيضا عدم المبالغة بالخضوع للحجامة، لأنها قد تسبب أضرارا صحية كثيرة، و الأصح حسبها، أن تتباعد الحصص كثيرا، مضيفة بأن مواضع الحجامة منتشرة على جسم الإنسان، و يختلف تطبيقها العلاج عليها من شخص إلى أخر، على حسب عوامل كثيرة ترتبط بطبيعة المشكلة الصحية و الحالة الصحية للمريض والسن وغيرها.
رئيس قسم الاستعجالات بمستشفى البير : الحجامة لا تعالج جميع الأمراض
يحذر الطبيب العام، محمد ياسين أمين خوجة، من المخاطر الناجمة عن العلاج بالحجامة لأكثر من مرتين في السنة مؤكدا، أن ذلك قد يلحق ضررا بالإنسان، خصوصا من يعانون من أمراض مزمنة كالتهاب الكبد الفيروسي.
ويرى المتحدث، أن التداوي بالحجامة أضحى عادة بالنسبة للكثيرين، و ذلك لاعتقادهم بأنها قد تكون بدليلا للعلاج بالدواء، وهو أمر خاطئ لأنها طريقة مكملة هدفها الاسترخاء، ناهيك عن أنها قد لا تناسب جميع الناس.
 وقال الطبيب، بأن الحديث عن استخراج الدم الفاسد عن طريق الحجامة، لا أساس له من الصحة، مؤكدا أن التبرع بالدم كاف جدا لتصفية الجسم، حتى أنها عملية مماثلة جدا للحجامة من حيث التأثير.
وأضاف، أنه لا يمكن إنكار قدرة الحجامة على علاج بعض الأمراض المستعصية،  خصوصا إذا استخدمت بطريقة طبية وصحيحة وتحت تعقيم طبي كامل، مشيرا، إلى أن هناك من بين ممارسيها من يفتقرون للكفاءة و التأهيل، و بينهم من  يستخدمون زجاجات غير معقمة لسحب الدم، وهو ما يساهم في انتقال بعض الأمراض الفيروسية الخطيرة على غرار التهاب الكبد الفيروسي.
ويوضح الطبيب، أنه يشترط في من يمارسون الحجامة     أن يكونوا حاصلين على شهادات  من معاهد وجامعات معترف بها في المجال، وأن يستخدموا أدوات معقمة و غير صالحة لإعادة التوظيف، لضمان عدم نقل الأمراض عن طريق الدم بين المرضى وأن يكون تخصصهم الأصلي ذا صلة بالمجال الطبي .    
               لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com