اعترف كريستيان غوركوف بأن مستوى المنتخب الوطني أخذ في التراجع منذ «كان 2015»، و أرجع ذلك إلى عدة عوامل، و في مقدمتها مشكل كثرة الإصابات و الغيابات،  لكنه أكد بأن هذا التراجع لم يكن سببا كافيا لوضع مستقبله مع الخضر على كف عفريت، حيث إعتبر القضية التي أثيرت مؤخرا مجرد زوبعة من إفتعال المحيط الخارجي، و كان لها تأثير كبير على الأجواء السائدة وسط المجموعة، من دون أن تكون كافية ـ كما قال ـ لزعزعة العلاقة التي تربطه بالفاف، موضحا في هذا الصدد بأن مشكلة الكرة الجزائرية أصبحت تكمن في المحيط، على إعتبار أن ما يتم تداوله في الشارع أو من طرف وسائل الإعلام ينعكس بصورة مباشرة و سلبية على العمل، الأمر الذي دفع به إلى القول بأنه يبقى ملزما بإنتهاج أساليب جديدة في المستقبل القريب، تندرج في إطار مخطط حماية المنتخب من المحيط الخارجي و تأثيراته.
غوركوف و عند نزوله صبيحة أمس ضيفا على القناة الثالثة للإذاعة الوطنية في حصة «فوتبول ماغازين» إعترف بأنه لن يستطيع مطالبة وسائل الإعلام بالكف عن إنتقاده أو تداول معلومات غير صحيحة، لكنه أشار بالمقابل بأن التحلي بالإحترافية يبقى شرطا ضروريا للبحث عن المصداقية، قبل أن يعرج على قضية التصريحات التي نسبت إليه في حوار نشرته إحدى اليوميات الوطنية الأسبوع الماضي، و أكد بأن تلك القضية أجبرته على نشر توضيح على الموقع الرسمي للفاف، لوضع النقاط على الحروف و تحميل كل طرف مسؤوليته، مادام الحوار ـ على حد قوله ـ «لم يكن سوى مجرد دردشة هاتفية مع شخص لم يقدم نفسه على أساس انه إعلامي، فضلا عن تناوله الكثير من المعلومات الخاطئة». و  رغم هذا فقد أشار غوركوف إلى أنه لن يغير من الإستراتيجية التي إنتهجها في التواصل مع وسائل الإعلام، لأنه كان قد رسم خارطة طريق بخصوص هذا الجانب عند توليه مهمة تدريب المنتخب قبل 15 شهرا، لكن هناك بعض التدابير التي سيتم إتخاذها تحسبا للمرحلة القادمة،  لأن ما تتداوله الصحافة له تأثير كبير على الأجواء السائدة وسط المنتخب، و لو أن مدرب الخضر استدل في هذا الطرح بالقضية التي أثيرت حول المهاجم سوداني و أخبار حدوث خلاف بينه و بين المدرب في تربص جنوب إفريقيا، لأن هذا الخلاف ـ كما إستطرد ـ «تم إفتعاله، إلا أن تداوله إعلاميا جعله شبه موجود فعلا، و السبب في كل تلك القضية تجرد إعلامي جزائري من الإحترافية، لأنني كنت حينها قد فتحت حصة تدريبية لمدة 15 دقيقة للإعلاميين بغرض تمكينهم من تأدية مهامهم، لكن و عند غلق التدريبات أقدم الصحفي على الإختباء في ركن من المدرجات بعيدا عن الأنظار، لتكون عواقب ذلك إثارة قضية سوداني من العدم، و ذلك بعدما فسر حديثي مع اللاعب على إنفراد بنشوب خلاف بيننا «.
غليان الأنصار سببه الإعلام رغم نجاحنا في الفوز على السنغال
من جهة أخرى أكد غوركوف بأن مستقبله مع المنتخب الوطني يبقى مرهونا بالنتائج المحققة في التصفيات المؤهلة إلى مونديال روسيا، لأن العقد الذي كان قد أبرمه مع الفاف في أوت 2014 يتضمن شرطا رئيسيا يتمثل في ضمان التأهل إلى النسخة القادمة من نهائيات كأس العالم، و عليه فإنني ـ كما أردف ـ «كنت سأرحل بصفة أوتوماتيكية إذا أخفقنا في التأهل على حساب تانزانيا، لأن ذلك يعني الفشل في تجسيد الهدف المتفق عليه، لكن التأهل جعلني أواصل مهامي بصورة عادية من دون إملاء أي شروط، كون الرؤية واضحة، و طريقة تعاملي مع الفاف ممتازة، و لم يطبعها أي فتور، حتى أن الإعلام الجزائري ذهب إلى إفتعال قضية وهمية تخص مستقبلي، رغم أن جلستي مع رئيس الفاف كانت بهدف تقديم عرض حال عن مواجهتي تانزانيا و كذا التفكير في باقي المشوار». و في سياق متصل أوضح غوركوف بأن وسائل الإعلام أصبحت تلعب دورا كبيرا في التأثير على المحيط الرياضي، مشيرا إلى أن تصرفات الأنصار تجاهه شخصيا في وديتي غينيا و السنغال غير مبررة، لكنها تعد من تبعات ما تتداوله الصحافة، قبل أن يؤكد على أن برمجة لقائين وديين شهر أكتوبر الماضي كان بهدف تقييم المردود الجماعي للتشكيلة، و كذا تجريب بعض الخيارات و منح الفرصة لوجوه جديدة، إلا أن موجة الإنتقادات بلغت ذروتها بعد الهزيمة أمام غينيا، رغم أن المنتخب تمكن من رد الإعتبار بالفوز على منتخب بحجم السنغال، يتشكل من تركيبة بشرية ثرية بالنجوم التي تنشط في أكبر الدوريات الأوروبية، بينما كانت المنتخب الجزائري ـ كما أردف ـ منقوصا من العديد من عناصره بسبب الإصابات.
كثرة الغيابات و الإصابات سبب تراجع المردود الجماعي منذ «الكان»
إلى ذلك إعترف الناخب الوطني بأن مردود الخضر أخذ في التراجع منذ دورة غينيا الإستوائية، حيث أوضح في هذا الشأن بأن آمال الجزائريين كانت كبيرة على القدرة على التتويج باللقب القاري، غير أن بعض العوامل أثرت على المردود، إنطلاقا من عدم قدرة اللاعبين على التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة، و على رأسها الرطوبة، فضلا عن مشكل أرضية الميدان غير الصالحة، و لو أننا ـ حسب تصريحه ـ «تداركنا الإنطلاقة المتذبذبة بالتأهل إلى ربع النهائي عبر مجموعة نارية، و مواجهة كوت ديفوار في الدور الثاني كانت حاسمة، و كنا قادرين على التأهل، إلا أن نقص التركيز حرمنا من ذلك، سيما في كرة سوداني التي كانت بمثابة المنعرج، و لو أن الجميع يعترف بأن عدم تواجد الثنائي براهيمي و فغولي في أوج العطاء البدني و الفني أثر مباشرة على آداء المجموعة، و فوت على الكرة الجزائرية فرصة إحراز اللقب الإفريقي في تلك التظاهرة».
 و عاد الناخب الوطني إلى مسيرة المنتخب في هذه السنة، حيث أكد بأن دورة قطر عرفت المراهنة على بعض العناصر الجديدة، سيما و ان عديد اللاعبين الأساسيين غابوا عن أجواء المنافسة الرسمية لفترة طويلة، أمثال بن طالب، تايدر، حليش، إضافة إلى لحسن الذي إعتزل دوليا، و هي أمور أثرت على خيارات الطاقم الفني، خاصة في منطقة وسط الميدان، و هنا فتح غوركوف قوسا ليجزم بالقول: «لقد تيقنا بأن براهيمي يبقى المحور الأساسي في الميدان، و المجموعة تتأثر بغيابه، كما أننا لا نتوفر على 30 عنصرا بنفس المستوى، مما أثر على الآداء الجماعي، و تسبب في تراجع المردود، فأصبحنا مجبرين على تجريب بعض الخيارات الأخرى».
أستمد منهجية (4 / 4 / 2) من نجاح «البارصا» و سأبقى وفيا لها
و في معرض حديثه عن الجانب التكتيكي إعترف غوركوف بأنه يتمسك دوما بخطة (4 / 4 /2)، مستمدا ذلك من أسلوب اللعب الذي يعتمده نادي برشلونة الإسباني، و الذي وجد نجاحا كبيرا، لكن الإشكال ـ كما أضاف ـ يكمن في عدم قدرة اللاعبين الجزائريين على التعود على بعض النقاط الأساسية في هذا النمط، حيث أن حتمية المراهنة على اللعب الجماعي و التمريرات القصيرة يبقى العامل الرئيسي الذي يضمن تغطية كل المناطق فوق أرضية الميدان، مع تفادي المراقبة الفردية اللصيقة، و ذلك بإسترجاع الكرة بطريقة جماعية، الأمر الذي يجبر كل اللاعبين على التواجد في «ديناميكية» طيلة فترات اللقاء، و لو أن غوركوف أوضح بأن سبب تراجع مردود التشكيلة الوطنية في لقاء الذهاب ضد تانزانيا لم تكن خياراته التكتيكية، و إنما تأثر اللاعبين بالظروف المناخية الصعبة و كذا أرضية الميدان، ليخلص إلى التأكيد على أن طموحاته على المدى القصير تتمثل في البحث عن هوية المنتخب، و ذلك بفرض أسلوب اللعب أمام جميع المنافسين. غوركوف أكد من جهة أخرى بأن مشكل محور الدفاع يبقى قائما، رغم أن ماندي يبقى قادرا على تقديم الإضافة، و هنا عرج على اللاعبين المحليين، و أوضح بأنه لم يتوفر على الوقت الكافي لمعاينة حسين بن عيادة مع المنتخب الأول، في حين يبقى مدافع المنتخب الأولمبي بن خماسة تحت المعاينة، قبل أن يضيف بأن التجربة الميدانية بينت بأن سليماني يجب أن يكون وحيدا في خط الهجوم بحثا عن نجاعة أكثر، لأنه يريد مساحات أكثر للجري، و تواجد أي زميل له برفقة في القاطرة الأمامية سيشل تحركاته، و هو ما وقف عليه الطاقم الفني الوطني في الكثير من المناسبات عند المراهنة عليه بمعية سوداني.
لا وجود لمشاكل إنضباطية في المنتخب و المحليون بعيدون عن المستوى
جانب آخر ركز عليه غوركوف و يتعلق بالإنضباط وسط المجموعة، حيث أشار في هذا الإطار بأن الأجواء السائدة وسط «الخضر» رائعة و تبعث على الكثير من الإرتياح و التفاؤل،  مفندا أن تكون هناك مشاكل إنضباطية قد طفت على السطح في التربصات الأخيرة، و لو أنه إعترف بوجود تباين صارخ بين عقلية اللاعبين المحترفين و زملائهم المحليين، لكن من دون أن يكون هذا الفارق سببا في ظهور مشاكل و خلافات، ليضيف بأن العناصر المحلية تبقى بحاجة إلى تربصات كثيرة من أجل ضمان جاهزيتها للإلتحاق بالمنتخب الأول، قبل أن يعرج على الحديث عن عمل الطاقم الفني، و فند وجود خلافات مع مساعديه، وقد ذهب إلى الإشادة بالدور الذي يلعبه المساعد نبيل نغير، حيث إعتبره بمثابة همزة الوصل بين الطاقم و اللاعبين المحليين، فضلا عن دوره كمكلف بمتابعة العناصر التي تنشط في البطولة الوطنية.غوركوف ختم حديثه بالقول بأن نجاح المنتخب في التأهل إلى مونديال روسيا يمر عبر تطوير اللعب الجماعي، مع تحمل اللاعبين كامل المسؤولية، مضيفا بأنه يود أن يقدم أفضل ما لديه لخدمة الكرة الجزائرية، و المساهمة في تطويرها، لأن دائرة نشاطه ـ كما قال ـ تبقى واسعة؟،؟ و لا تقتصر على المنتخبات، رغم انه تأسف كثيرا عما هو سائد في البطولة الوطنية، خاصة أحداث العنف و الشغب، و كذا الحركية الكبيرة في سوق المدربين، و إنعدام الإستقرار على مستوى النوادي، بصرف النظر عن التهميش الكلي للعمل القاعدي و الإهتمام بالفئات الشبانية.
صالح فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى