يُعتبر الصيدلي محمد أرزقي مشيش البالغ من العمر 45 سنة،المنحدر من دائرة بني دوالة بولاية تيزي وزو، مثالا حقيقيا للمثابرة والإرادة بعدما حكم عليه القدر أن يكون معاقا ، تحدى ذاته ليبني صرحا من الأمل من أجل تحقيق حلمه بأن يكون كاتبا و مؤلفا و صيدليا ورب أسرة ناجح.
تمكن أرزقي من فرض نفسه داخل المجتمع رغم الإعاقة التي يعاني منها، بعدما أصيب بالشلل على مستوى يده اليسرى في طفولته المبكرة ، و تحدى كل العقبات التي تعترض أي شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، و أثبت أن لا يأس مع الحياة. وفي حديثه للنصر التي التقت به في الصيدلية التي يشتغل فيها بوسط مدينة تيزي وزو ،قال السيد مشيش أنّه لم يولد معاقا، بل شاءت الأقدار أن يتحول إلى معاق عندما بلغ ثلاث سنوات من عمره، عندما أصيب بمرض يعرف ب»التهاب سنجابية النخاع» الذي يهاجم الجهاز العصبي المركزي ، و يشتد المرض و يتفاقم فيتسبب في الإصابة بالشلل. ويضيف محدثنا بأنه بدأ رحلة علاج طويلة استغرقت 14 سنة، قضاها خارج الوطن، تحديدا بفرنسا عندما نقله والده إلى مستشفى سان موريس، أملا  في الشفاء، إلا أنه لم يشف من الشلل الذي حوله من طفل طبيعي إلى معاق، و تابع قائلا بأنّه عندما عاد إلى الجزائر واصل تعليمه، ودخل عالم الكتابة وهو في سن 17 متأثرا بإعاقته ،و قام بتأليف كتاب حول الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لكنه لم يصدره إلى غاية 2013، بسبب ظروف خاصة منعته من إخراجه إلى النور طيلة تلك المدة. و تطرق أرزقي في هذا الكتاب إلى المشاكل التي تواجه هذه الفئة الهشة حتى من أقرب المقربين إليهم مثل الآباء و الأمهات الذين يتخلون عنهم  بسبب  خجلهم  منهم ، ليجدوا أنفسهم تائهين في المجتمع ، كما  ألف محمد أرزقي مشيش  كتابا  حول الثورة  التحريرية الجزائرية يروي فيه المجازر التي ارتكبها النقيب في الجيش الفرنسي أودينو في حق المدنيين العزل في الولاية التاريخية الثالثة، مستدلا ذلك بشهادات المجاهدين.
 ويستعد حاليا لإصدار كتاب جديد حول تاريخ الجزائر، و يؤكد السيد مشيش بأنه يهوى الكتابة كثيرا، إضافة إلى عمله كصيدلي، كما يحلم بخوض تجربة التمثيل ويقول بأنه لو عرض عليه أحد المخرجين المشاركة في أحد أعماله الفنية ،فإنه لن يتوانى في القبول، شرط أن يتناسب الدور مع شخصيته.
عن حياته اليومية والصعوبات التي تواجهه قال محدثنا :»أعتمد على يد واحدة في كل شيء، و تأقلمت مع ظروفي الصحية و لم أستسلم أبدا لأعاصير اليأس أو الفشل، بل أنا متفائل و سأمضي  قدما في هذه الحياة، تغلبت على الإعاقة ولم أضعها أبدا حاجزا أمام طموحاتي، فأنا صيدلي و كاتب ورب بيت، الحمد لله لدي زوجة و أبناء، و أتشبث بالأمل لأنه يجعلني إنسانا ناجحا . واجهت كل شيء يبدو مستحيلا لأنني أرى نفسي مثل الآخرين، لا شيء يستحق أن أتوقف عنده طويلا أو أعلن انهزامي واستسلامي لأجله» .                     سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى