الساكت عن الحق شيطان أخرس. والصامت عن الجريمة، شريك فيها. بعد مقتلة دامت أكثر من عشر سنوات، وخلفت وراءها أكثر من 200 ألف ضحية، وقرابة الأربعين مليارا حولت إلى رماد، ها هي الآلة الجهنمية تطل برأسها من جديد، داعية كما عادتها التي لم تنسها أبدا، إلى التكفير والقتل، من خلال آلية من الجهل والعجز الفكري والتأملي. من الذي يمنح هؤلاء القتلة المتخفين حق الإفتاء بقتل الآخرين الذين لا يوافقونهم الرأي؟ اعتمادا على دين إسلامي متسام، لكنهم جيّروا تأويلاته وفق شهواتهم المريضة. ما هو هذا الشيء العظيم الذي يتهدد الإسلام والمسلمين ليصل الأمر بالشيخ عبدالفتاح زيراوي، الحاكم بأمره، لأن يخرج من الظل ليعلن جهرا بأنه يجب حرمان الروائي كمال داوود من جنسيته ومنعه من دخول الجزائر ومحاكمته وتطبيق الحد عليه. قتله. فجأة أخذ مكان الدولة وأفتى ضد كاتب لا أعتقد أنه يحمل أكثر من قلم وحاسوب صغير. نعم ما قاله كمال داوود عن العروبة وفلسطين والجزائر والدين وغيرها من الموضوعات التي أثارها في قناة فرانس2 دفعت الصحافيين الفرنسيين إلى وضعه أمام خياراته التي دافع عنها بطريقته، قابل لأن يناقش. قال سلسلة من الآراء ومن يتابع كتابات زوايا كمال داوود في الصحافة الجزائرية، والحادة جدا لا يستغرب رأيه. وهذا حقه. على الشيخ الحاكم بأمره أن يحمل قلمه ويكتب ويجادل كمال داوود بالتي هي أحسن، إن كان يملك ما يقوله، بدل الركض وراء التهم الخطيرة التي قد تقوده هو إلى السجن قبل إعدام كمال داوود لأنها مناداة صريحة وعلنية بالجريمة، التي يعاقب عليها القانون كجريمة.
الروائي والصحافي كمال داوود يكتب منذ سنوات زاويته النقدية ضد كل مظاهر الحياة بحدة بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على غزة الذي له فيه وجهة نظر قد لا تكون صحيحة، لكنها رأي وعلى من يختلف معه أن يسال قلمه ويفتح الجدل. ماذا قال كمال في الدين ليُجرّم سوى التأكيد على أن المجتمعات العربية مريضة بدينها كما قال المرحوم المفكر مصطفى الأشرف، وعليها أن تنظر للمسألة الدينية نظرة موضوعية وجادة ولا تتركه لتجار الإيمان وموزعي صكوك التكفير والغفران. طالب بنظرة فعالة تدخل الدين في الحيز الخاص الذي يجعل الدين فوق الصراعات الموسمية والسياسوية كما نراه اليوم في الوطن العربي، والمراهنة عل المستقبل. وكل هذا لا علاقة له برواية الكاتب التي تطرح إشكالية ما بعد الكولونيالية.
سؤالي: هل قرأ الشيخ عبدالفتاح زيراوي، الحاكم بأمره، الرواية وهو العارف للغة الفرنسية؟ هل أزعجته رواية مهما كانت قيمتها، فهي في النهاية عمل تخييلي، ولم تزعجه الصفقات المشبوهة والسرقات الموصوفة للمال الجزائري والفساد المستشري الذي لم تعد الدولة نفسها قادرة على إخفائه من شدة عفن رائحته؟ ماذا يقول الشيخ عن وضعية الملايين من البشر الحياتية في المجتمعات الإسلامية والعربية تحديدا؟
ما دام أصبح خبيرا في الرواية، فماذا يقول عن النفط الذي أصبح في أدنى مراتبه بفضل العرب والمسلمين لتجويع الملايين؟
ما رأيه في داعش التي تنام في كأس القهوة التي يشربها كل صباح، وما رأيه في المسلمين وغير المسلمين الذين تقتلهم على الملأ، أمام الشاشات العالمية؟ لماذا لا يدين القتلة الذين أساؤوا إلى الدين الحنيف وشوهوه، ومنحوا كل المبررات لاعتبار العربي المسلم إرهابيا بموجب الدين واللغة وليس بموجب الممارسة؟
ما رأي الشيخ الحاكم بأمره في المسلمين الذين يقتلون المسلمين؟ والعرب الذين يبيدون العرب والعروبة التي تنفي العروبة؟ هل يعرف أن الرواية هي في النهاية عالم لغوي ينشئه الكاتب ليقول فكرة ما أو التعبير عن أزمة ما في الجسد الذاتي والمجتمعي، ومن يخالفه في الفكرة هناك شيء اسمه النقد، هو أيضا نشاط لغوي وليس سيوفا أو كاتمات الصوت، ترفع في وجه الكتاب.
فليأت بفكرة بديلة، أو بكتاب، بدل القفز إلى الجريمة الموصوفة. داعش ليست فقط حركة إجرامية، أوكلت لها وظيفة تدمير منظم لأي حياة ممكنة في المجتمعات الإسلامية والعربية تحديدا، ولكنها نظام أيديولوجي وفكري ومنظومة من الأحكام العمياء التي تلغي الزمن، لتركن في زمنها الأبدي والميت، لتقدم خدمة جليلة لأعداء الحرية والتنوير والتطور. خطاب القتل بسبب ثقافي وأدبي، هو تشريع للقتل.
أيام الموت الجزائرية في التسعينيات بدأت بنفس الطريقة.
إعلانات سريعة هنا وهناك، وشيوخ قتلة يكفرون هذا وذاك، ووزير أوقاف يبرر بسذاجة غير مقصودة القتل عندما قال: لماذا يقتلون الشرطة المساكين، فهم ليسوا شيوعيين. وكأن، على الشيوعي أو مخالف الفكر المهيمن، أن يقتل. الفكر يموت وينطفئ، عندما يأتي سدنة الدين الجدد الذين لا يستولون فقط على النص القرآني ولكن على مساحات التأويل، فيظهرون شطارتهم على الحلقات الأضعف، أي المثقفين، وينسون الفساد الذي ينخر البلاد ويدمرها من الداخل. دولة في دولة. تماما كما في العشرية السوداء، عندما انتقل خطاب الجريمة، إلى الجريمة نفسها كممارسة، فقُتِل الطاهر جاووت الذي اتّهِم بالكفر والإلحاد، والكتابة الجيدة، الكتابة الجيدة تهمة طبعا، كما هو اليوم حال كمال داوود. قتِل عبد القادر علولة بنفس التهم، لأن مسرحه الذي فتح أعين الناس، ينادي بالمروق لأنه يوصّف فساد المؤسسة وعنفها وحرقها للناس البسطاء.
لهذا أقول إني أشم رائحة الموت تحوم على تلك الأرض التي اسمها الجزائر، لأن الدولة التي تصمت عندما تنشأ في داخلها دولة، أي سلطة تحكم على الناس وتكفر من تشاء، وتتحول إلى دار إفتاء وقضاء، تصبح شريكا ضعيفا وأنها في خطر. والبلاد أيضا في خطر سيكون هذه المرة قاتلا. على الدولة أن لا تتحول إلى حلزون عنيد يخفي رأسه وكأن شيئا لم يكن، في وقت أن القتلة يتهددونها ويتهددون السلم المدني. كيف يسمح لشيخ، حاكم بأمره، بأن يهدر دم كاتب لم يسرق ولم يقتل ولم ينهب، عيبه الأوحد أنه كتب رواية جميلة أدبيا، بلغة راقية وعالية وشديدة التألق والأناقة أوصلت صاحبها إلى مربع الغونكور، التي لم يفز بها، صحيح، ولكن الحديث عنها فاق الرواية التي فازت بالجائزة. كمال داوود رجل يفكر وينشئ عالما تخييليا، متجانسا مع أفكاره وانشغالاته، لا يمكن محاورته بالسكاكين والتهديدات، ولكن بالمزيد من النقاش والجدل، كما حدث له وهو يواجه صحفيي قناة فرانس2.
أتمنى من القنوات التي استضافت الشيخ زيراوي ليعلن على الملأ التكفير القاتل، أن تستضيف كمال داوود الذي أهدِر دمه، وتسمعه، لأنه لو حدث أي مكروه للكاتب، سيتحمله القاتل الذي أفتى. فهو ليس أقل إجراما من داعش التي استعار خطابها وممارساتها. لهذا أقول اليوم بلا تردد: الجزائر في خطر.
ليس بسبب سجال بين كاتب وقارئ سماعي، لم يقرأ النص لأن كل ما قاله الشيخ الحاكم بأمره، رواية ميرسو، تحقيق مضاد، لا يبين مطلقا أنه قرأه أو حتى لامسه. لم يذكر في أية لحظة من لحظات أحكامه بالإعدام، أن الكاتب استعاد حادثة قتل العربي في غريب كامي، وأعطى المساحة لهذا العربي الذي كان بلا اسم، ليعبر عن هويته باسمه: موسى، وأن ما اعتبر ذاكرة منسية أعادها الكاتب داخل الرواية إلى الواجهة من خلال شخصية هارون، أخي موسى. الشيخ الذي يفتخر بالحضارة الأندلسية التي علّمت الغرب العقلانية، أمثاله هم من طرد ابن رشد من أسوار مدينته، وقذفوا به نحو المنافي وأحرقوا كتبه. ربما كانوا أرحم من الشيخ عبدالفتاح زيراوي، لأنهم لم يطالبوا على الأقل بقتل الكاتب؟
واسيني الاعرج في القدس العربي
محاكم التفتيش المقدس تستيقظ في الجزائر على هامش تكفير الروائي الجزائري كمال داوود
- التفاصيل
-
عرض افتراضي للخط العربي بأوبرا الجزائر
تنظم أوبرا الجزائر بصفحتها على الفايسبوك منذ الثلاثاء معرضا افتراضيا جماعيا للخط العربي بعرض حوالي أربعين لوحة فنية في مختلف مدارس...
فيما أطلق التونسيون مبادرة مماثلة لمساعدة المتضررين من كورونا
نجوم الفن في مصر يشاركون في تحدي الخيرأطلق العديد من نجوم الفن و الرياضة، و كذا رجال أعمال في مصر، حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تعرف بتحدي « الخير»، لجمع مساعدات و تبرعات عينية للعائلات المتضررة من وباء...
الكليب حقق ما يقارب 4 ملايين مشاهدة في أقل من 24 ساعة
مامي و سولكينغ يتربعان على الترند بديو - صافي دي زاني -أطلق أمس النجم سولكينغ ديو غنائي على قناته في يوتوب جمعه بأمير الأغنية الرايوية مامي، بعنوان « صافي ديزاني»، فحقق نجاحا باهرا ، و احتل...
سولكينغ يتحدى كورونا بتسجيل أربعة أغاني جديدة
نشر المغني سولكينغ مقاطع على حسابه الرسمي بموقع إنستغرام من داخل أستوديو “بلانت راب” أثناء تسجيله لأربع أغنيات من ألبومه الجديد لسنة...
الممثل صابر عياش للنصر
الإعاقة دافعي و التحدي سلاحي لتحقيق التألق الفنييواصل الممثل المسرحي صابر عياش رفع التحدي لمحاربة كل أشكال التهميش و إزاحة كل العراقيل التي يواجهها في مساره الفني الذي بدأه منذ 32 عاما، و يواصله بشغف، معتبرا...
صنف في المرتبة 37 كأفضل ألبوم موسيقي في العالم
رابح عصمة يعود بألبوم - أجكو - طرح الفنان رابح عصمة منذ حوالي أسبوع ألبوما غنائيا جديد يحمل عنوان «أجكو» أو «العمود «، سجل به عودته إلى الساحة الفنية بعد غياب خمس سنوات، و حافظ من خلاله على طابعه ...
يشرع في بثه يوم 21 مارس: "
المطرب عبد العزيز بن زينة في - ذا فويس سينيور- يشارك مغني المالوف العصري عبد العزيز بن زينة في برنامج المواهب ذا فويس للكبار المقرر...
تعد من الفنانات اللائي نجحن على الصعيدين الفني و العلمي
صورية زبيري ..حنجرة المالوف التي غنّت في المحافل الدوليةتعد من أبرز الأصوات النسائية القسنطينية، اقترن صوتها بفن المالوف، و نقلته إلى المحافل الدولية، فأبهرت الأجانب بحنجرتها الذهبية، إنها الفنانة صورية زبيري...
الممثل مالك فلاق للنصر
دخلـت عالـم التمثيل صدفـةأكد الممثل الشاب مالك فلاق أن المسرح احتضن موهبته، و وفر له التكوين المتواصل و العمل، و منح له فرصة الظهور، ليفتك عدة جوائز داخل و خارج الوطن. و شارك الفنان الشاب في...
سهيلة بن لشهب تتصدر الترند بكليب « جرح كبير»
تصدرت الفنانة الجزائرية سهيلة بن لشهب الترند على يوتيوب، بفضل إصدارها الجديد « جرح كبير» الذي أطلقته أول أمس على قناتها، محققة...
حسبما جاء في صفحة سارة لعلامة
تصوير الجزء الثاني من - مشاعر - بتونسانطلق مؤخرا تصوير الجزء الثاني من مسلسل «مشاعر» بالجارة تونس، بمشاركة فنانين جزائريين منهم نبيل عسلي، سارة لعلامة و حسان كشاش، و عدد من الفنانين التونسيين من بينهم أحلام فقية...
تشارك في " أولاد البحر" بتونس
رزيقة فرحان تعود للتلفزيون بعد غيابستشارك الفنانة المتألقة رزيقة فرحان، في عمل رمضاني جديد سيتم بثه عبر قناة «نسمة» لكن بصوتها فقط. وكشفت الممثلة و مقدمة البرامج من خلال فيديو نشرته عبر حسابها على انستغرام، بأنها ستسجل...
الممثلة نوال عواق للنصر
نوعية الأعمال أهم عندي من الشهرةكشفت الممثلة نوال عواق أنها ستكون حاضرة بقوة على شاشة رمضان 2020 فقد تلقت عروضا للمشاركة في ثلاثة أعمال رمضانية، بالإضافة إلى مسرحية «دون جوان» مع مسرح قسنطينة، و...
الممثلة هاجر سراوي
أنا الطبيبة نهاد في - النفق - و وريدة مالك حدادكشفت الممثلة القسنطينية الشابة هاجر سراوي، أنها ستطل على الجمهور في رمضان بدور الطبيبة نهاد، من خلال المسلسل الدرامي الاجتماعي «النفق» للمخرج بشير سلامي، كما أنها...
الممثلة سميرة صحراوي للنصر
خشبة المسرح هي المدرسة الأولى للفنان و محك نجاحهاعتبرت الممثلة سميرة صحراوي، أنّ خشبة المسرح هي المدرسة التي تضمن للممثل التكوين الأول، و يمكنه أن يبرز فوقها طاقاته و يصقل موهبته أكثر و...
< 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 >