تحولت منطقة بورعدي في المدخل الغربي لولاية برج بوعريريج، إلى بساتين ومستثمرات فلاحية تنتج ما لذ و طاب من الخيرات في المجال الزراعي، بعدما كانت عبارة عن أراض بور مهجورة، حيث أصبحت بفضل مجهود ملاكها و التوجه الى الاستثمار في النشاطات الفلاحية العائلية إلى جنة فوق الأرض، تنتج الحبوب بجميع أنواعها و الخضر و الفواكه، ناهيك عن اللحوم الحمراء و البيضاء، بالمستودعات التي شيدت بجوارها.
لم تبق هذه المستثمرات العائلية بعيدة عن الأنظار، مثلما كانت عليه من قبل، بل أصبحت محط أنظار مستعملي الطريق الوطني رقم 5 في شطره الرابط بين بلديتي اليشير و المنصورة، غير بعيد عن منطقة عين الدفلة، بعدما تحولت الأراضي المجاورة للطريق من مساحات بور تكسوها و تنتشر بها الصخور الكبيرة و الحجارة، إلى بساتين و حقول لأشجار الزيتون و الأشجار المثمرة بأنواع مختلفة .
من منطقة مهجورة
إلى حقول و بساتين
هذا التحول المشهود بالمنطقة التي كانت تصنف ضمن المناطق الأقل مردودية في الإنتاج الزراعي و الفلاحي بعاصمة البيبان، دفعنا إلى التنقل لتلك المستثمرات و الاقتراب من مهندسي النجاح و أصحاب فكرة الاستصلاح الزراعي، أين التقينا بأحد الإخوة الذي أكد لنا توجه عائلته خلال السنوات القليلة الفارطة إلى إنشاء مستثمرة عائلية بالأراضي البور التي هجروها منذ سنوات نحو المدن، ليجذبهم الحنين بالعودة إليها و غرسها بأشجار الزيتون و الأشجار المثمرة، فضلا عن تشييد مستودعات لتربية المواشي و الدواجن.
و اعترف محدثنا بأن الفكرة انطلقت بتجربة لأحد الفلاحين الذي قام بشراء قطعة أرض مجاورة لأملاكه، و الشروع في استصلاحها و إحضار آلات التسوية و تفتيت الصخور الكبيرة، خلافا لما كان يبدو عليه الأمر من صعوبة، خاصة و أن المنطقة معروفة بأراضيها الصخرية و تضاريسها الوعرة، ما جعل ملاكها يعجزون على استصلاحها بداعي نقص المردودية من جهة و شح المياه، فضلا عن التكاليف الباهظة لتنقيتها من الكتل الصخرية و الحجارة، لكن هذه الأفكار سرعان ما تلاشت بنجاح تجربة الاستصلاح الفلاحي بالمنطقة في عامها الأول، بالحصول على منتوج وفير من القمح الصلب، ليتحول بعدها الاهتمام إلى دخول أصحاب الأراضي المجاورة في عمليات مماثلة على مساحات بور بقيت مهجورة على مدار عقود، و من بينهم الاخوة «بورعدي» الذين حولوا أراضيهم بمساعدة جميع أفراد العائلة، إلى مستثمرة فلاحية يتنوع فيها المنتوج بين الخضر و الفواكه و اللحوم الحمراء و البيضاء.
مطالب بالاستفادة من حصص الاستصلاح الزراعي
و أكد فلاحون التقينا بهم بالمنطقة، أن فكرة الاستثمار و الاستصلاح عادة ما تصطدم بضرورة توفير الإمكانيات المادية الكافية، ما جعل البعض منهم يفشل في إتمام المشروع، مطالبين من المصالح المعنية بالالتفات إلى منطقتهم، حيث أشاروا إلى اقتصار الإعانات على المساعدة في عمليات حفر الآبار لتوفير مياه السقي.
و يلاحظ الزائر للمنطقة، الفرق الشاسع بين الأراضي التي تم استصلاحها على مدار السنوات الفارطة، و تلك القاحلة و المهجورة و التي لا تزال عبارة عن مساحات بور تقع تحت جبال صخرية، و تنتشر بها الحجارة و الصخور، في حين تحولت أراضي أخرى إلى جنات خضراء تنتج ما لذ و طاب من الخضروات و الفواكه، أين تنتشر بساتين الزيتون، حيث تم غرس أزيد من ألف شجرة زيتون بالمنطقة، فضلا عن التنين و الرمان و الاجاص و التفاح و المشمش والخوخ، و التي أصبح منتوجها يحقق الاكتفاء لأفراد العائلات، و فائضا يوجه إلى الأسواق.
تقلبات السوق تهدد نشاط تربية الدواجن
و زيادة على المنتوج الزراعي، تم تشييد مستودعات تربية المواشي و الأبقار و الدواجن، لكن نشاطها ما يزال مهددا بحسب الفلاحين الذين التقينا بهم، بتقلبات السوق، سيما ما تعلق منها بسوق الدجاج و البيض، الذي شهد تراجعا غير مسبوق على مدار الأشهر الفارطة، ما تسبب في تكبدهم لخسائر فادحة أصبحت بحسبهم، تهدد مستثمراتهم بالإفلاس، في ظل عدم وجود الحماية الكافية للفلاحين، و عدم استقرار الأسعار بما يحقق هامشا من الربح.
و أضاف الفلاحون أن سوق اللحوم البيضاء غير مستقر، و يحتكم إلى المضاربة، حيث كانت الأسعار به تعرف ارتفاعا و انخفاضا حسب العرض و الطلب طيلة العام، ما يجعل أصحاب النشاط يحققون أرباحا في بعض الفترات توفر هامشا من الربح و تغطي الخسائر المسجلة، لكن التقلبات التي يشهدها السوق في الفترة الأخيرة، زادت من المتاعب المادية لعدم وجود توازن في الأرباح طيلة أشهر العام، مضيفين أن الثمن المرجعي للمصاريف، تتطلب بيع الكيلوغرام الواحد من الدجاج بدون فائدة بسعر يتراوح بين 160 إلى 170 دينارا، في حين تراجع طيلة الأشهر الفارطة إلى أقل من 130 دينارا.
نفس المخاوف يطرحها مربو المواشي بالمنطقة، بخصوص عدم وجود حماية للفلاحين و المزارعين، خاصة و أن أغلب النشاطات بالمنطقة تعتمد على الطرق التقليدية و المستثمرات الفلاحية العائلية، و التي تتطلب صب أموال ضخمة لبلوغ الهدف، في حين تبقى المستثمرات الصغيرة مهددة بالإفلاس و الزوال، أين يكتفي الأغلبية بالزراعة المعاشية
 ع/ بوعبدالله

الرجوع إلى الأعلى