وعد الربّان الجديد لسفينة حزب جبهة التحرير الوطني، بإحداث " ثورة" داخل الحزب العتيد على بعد أقل من ستة أشهر من موعد الانتخابات التشريعية، على أمل التخلص من نواب طاب لهم المقام داخل أسوار المجلس الشعبي الوطني لأكثر من عهدة انتخابية و يطمعون في المزيد من العهدات، مثنى و ثلاث و رباع ..
الفصل الثاني من الثورة على القدماء الذين اتخذوا من النيابة مسارا مهنيا إلى غاية التقاعد دون تقديم الحساب، هو إعطاء وعد جديد بفسح المجال هذه المرة واسعا أمام شريحة الشباب والنساء وشرائح أخرى أكثر تمثيلية وتشكّل الوعاء الأكبر للحزب الحاكم سياسيا و انتخابيا.
الأمين العام الذي هو طبيب أيضا، يبدو أنه فحص جيّدا الحالة السياسية لمئات النواب الذين يشكلون الغالبية في الغرفة السفلى، وتبيّن له أن الحزب العتيد في حاجة إلى ضخ دماء جديدة من القوى الوطنية المعطّلة والتي تتدافع في القاعدة المترامية الأطراف في الجزائر العميقة، وتنتظر دورها لخدمة الحزب الوطني الأقرب إلى نفسية الجزائريين في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
هذا التشخيص الذي توصّل إليه طبيب الأفلان، يبدو أنه ينطبق أيضا على سائر الأحزاب السياسية الممثلة في المجالس المنتخبة عموما، أين يسجل الرأي العام الوطني هذه الأيام طفو وجوه سياسية من جديد على السطح بعد غياب دام لسنوات طويلة. وهو ظهور مقترن بالمواعيد الانتخابية القادمة، حتى أن هناك من شرع في حملة انتخابية مبكرة لمعاودة الكرّة من جديد
و كأن شيئا لم يحدث.
ولد عباس و فور خلافته لعمار سعداني على رأس الجبهة باعتبارها آلة انتخابية، كان قد قدّم وعدا غليظا برمي " الشكارة" إلى القمامة
و قال أن لا مكان لأصحاب المال القذر في الصفوف الأولى للحزب الذي يجعل من العمال و الفلاحين
و الشباب و النساء قاعدته الانتخابية.
حتى أن وزراء الجبهة في الحكومة ترك أمر مصيرهم الانتخابي بيد رئيس الحزب و الذي هو رئيس الجمهورية، ليقرّر حسب المردود المهني لكل وزير من يمكن ترشيحه مرّة أخرى ومن يتم إرجاؤه إلى مواعيد لاحقة أو توجيهه إلى مهام أخرى.
ويبدو أن الأمين العام الجديد ومن دون شك يحمل بين يديه خارطة طريق محددة المعالم، باتجاه المواعيد الانتخابية القادمة التي تشكل عوامل استقرار للبلاد بأكملها، و منها فسح المجال أولا أمام الشباب و النساء و سائر الكفاءات الوطنية للالتحاق بأحزاب الأغلبية الحاكمة من جهة،
و من جهة أخرى توسيع قاعدة الحكم في مختلف المجالس المنتخبة إلى باقي القوى السياسية التي بإمكانها تقديم الإضافة اللازمة لمواصلة معركة بناء الجزائر و الخروج بأخف الأضرار من الأزمة الحالية.
التحديات الجديدة التي تواجه الجزائر، تؤكد أن لكل مرحلة رجالها وبرامجها وأن الأعباء الكثيرة تحتم على القيادات الحزبية، السماح بإبراز جيل جديد من المنتخبين القادرين على الوفاء بالالتزامات الانتخابية التي قطعوها على أنفسهم أمام الذين رشحوهم أولا وثانيا أمام ناخبيهم الذين وضعوا ثقتهم فيهم.
المنتخبون وبغض النظر عن الحزب الذي رشّحهم وزكّاهم، ملزمون أخلاقيا وسياسيا كغيرهم من المسؤولين و هم يعودون إلى خطب ودّ الناخبين، أن يقدموا اعتذاراتهم عن التقصير الذي بدر منهم و أن يجيبوا على السؤال الذي حيّر الجزائريين حول عدم حضورهم للعمل في البرلمان و لكنهم يقبضون الأجرة في نهاية كل شهر و في نهاية كل عهدة.
النصر

الرجوع إلى الأعلى