* يجب مواكبة التحول الرقمي وثورة الذكاء الاصطناعي بوعي * هناك تجاوب كبير مع مسعى استحداث جبـهة إعلامية موحدة
ثمن وزير الاتصال، محمد مزيان، التجاوب الكبير للصحفيين والإعلاميين الجزائريين مع الدعوة إلى استحداث جبهة وطنية إعلامية موحدة للدفاع عن الجزائر وصد كل محاولات استهدافها، وشدد على ضرورة مواكبة التحول الرقمي وثورة الذكاء الاصطناعي بوعي وجدية من خلال إنتاج مضامين نوعية كفيلة برد الهجمة التي تستهدف الجزائر، وإعادة النظر في النموذج الإعلامي الحالي أشرف وزير الاتصال، محمد مزيان، أمس بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، على الندوة الرابعة والأخيرة من سلسلة الندوات الجهوية للصحفيين والإعلاميين الجزائريين بحضور مسؤولي الإعلام الوطني وممثلين عن مختلف المؤسسات الإعلامية.
وعبر الوزير عن ارتياحه الكبير لما لمسه من «تجاوب كبير» من طرف الإعلاميين مع مسعى استحداث جبهة إعلامية موحدة كفيلة بالرفع من إنتاج المضامين الإعلامية الوطنية، ما يجعلها قادرة على التجاوب مع التحديات الراهنة التي تطبعها الهجمات المتكررة و المباشرة ضد الجزائر، أو تلك الأكثر مكرا- على حد تعبيره- التي تسكب سمومها مستعملة الفضاء الرقمي في إطار ما يسمى حروب الجيل الخامس لتنفيذ أجنداتها القذرة.
وفي هذا الإطار جدد الوزير الانتباه إلى أن الجزائر مستهدفة من «غرف إعلام مظلمة» التي تذكر دائما بسوء الجزائر ومؤسساتها وشعبها، وطعنت في الإعلام الوطني ووصفته بالمتخلف، وهو كلام بعيد كل البعد عن الحقيقة والواقع، مؤكدا من جديد أن رئيس الجمهورية يولي عناية كبيرة للإعلام الوطني ويقدره بدليل تنظيمه لقاءات دورية مع ممثلي الصحافة الوطنية.
وحذر مزيان من الذين يستهدفون العقول ورموز البلاد وقال أن من يضرب رئيس الجمهورية أو الصحفي أو المعلم إنما يضرب قدوة المجتمع، مضيفا أن ضرب الجزائر جاء بهدوء وبشكل مبطن، ففي كل مرة الجزائر يكون لها موعد مع التاريخ للانتقال بطفرة نحو التقدم وانسجام المجتمع إلا ويخلقون لنا سيناريوهات و مكائد وذلك من بداية التسعينيات، ويأتون بأسطوانة جديدة لتعطيل مسار التاريخ والتنمية وتقدم المجتمع، فيخلقون البلبلة، ويشككون في كل ما هو ذاتي وقيمي، إذن فعلى الجبهة الإعلامية الموحدة، أن ترد الصاع صاعين باحترافية ومسؤولية وفي لغة حضارية .
وبالمناسبة أوضح أيضا أن رموز الإعلام الوطني مستهدفين هم أيضا، مستذكرا في السياق أسماء لامعة تركت بصمات كبيرة في الصحافة الوطنية، مؤكدا أن على الصحفيين الشباب الاقتداء بهم.
لا تدخل في الخط التحريري للإعلام
وفي سياق متصل أكد وزير الاتصال أن الجهاز التنفيذي لم يتدخل يوما في تغيير أو تحوير الخط التحريري للصحافة الوطنية وقال «لم يحدث هذا ولن يحدث»، مشددا على أن المؤسسة الإعلامية حرة في قيمها المؤسساتية وفي خطها التحريري ولا يتدخل الجهاز التنفيذي في هذا السياق، أما إذا ارتبط الأمر بالبلد وبالقيم الوطنية وبرموز الدولة التي نتخذها قدوة فإن حماية هذه القدوة واجب.
كما أوضح في السياق أن النقد الحضاري لابد أن يكون «بناء وموضوعيا»، لافتا إلى وجود فرق كبير بينه وبين القذف الذي يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وقال «ما أحوجنا إلى البناء الذي يجعلنا ننتقل من الكم إلى الكيف».
وفي نفس الإطار حث الوزير بقوة على التأكد من حصة و موثوقية المصادر، وأوضح أنها أساسية لأنها تزود بالمعلومات، والمعلومات تستخدم في الرسائل والرسالة تعد من أبرز أبنية الإعلام، الرسالة كلمة وبالإمكان بها زعزعة أركان الدولة وانسجام المجتمع، فالكلام لابد أن يكون مسؤولا.
وبخصوص هذه النقطة شدد مزيان على أن «حرية التعبير من دون مسؤولية» لا أساس لها، مبرزا أن للصحفي «مسؤولية اجتماعية خطيرة»، فهو يمكن أن يكون عامل تطور كما يمكنه أن يكون سببا من أسباب اضمحلال الدولة ويزعزع المجتمع، لذلك عليه نقل الخبر والواقع كما هو والتمييز بين الخبر والرأي.
ورقة طريق للانتقال بالإعلام نحو الأحسن
ورافع مزيان أمام ممثلي الإعلام الوطني من 13 ولاية من وسط البلاد وأمام مسؤولي المؤسسات الإعلامية الوطنية من أجل تحقيق «طفرة» في الإعلام الوطني تنتقل به نحو الأحسن، وقال بهذا الخصوص أن الصحفيين يقفون اليوم كأسرة واحدة تسعى بكل ما اكتسبته من معارف خلال التجربة الطويلة للصحافة الوطنية للوقوف أمام واقع المهنة ومساءلته في هدوء وروية بما يكفل رفع العقبات الموجودة و حلحلة التعقيدات المتراكمة.
و الغرض من كل ذلك، يؤكد المتحدث، وضع «ورقة طريق واضحة» كفيلة بالانتقال بالإعلام الوطني نحو الأحسن، وبما يجعله يواكب التقدم الحاصل على المستوى العالمي والارتقاء به إلى مرحلة جديدة تسمح له بالتفاعل الإيجابي مع مستلزمات الطفرة النوعية التي تعرفها البلاد على كافة المستويات وكفيلة كذلك بجعله يتولى مهامه الوطنية في الرد على الهجمات الإعلامية المتعددة المصادر.
مواكبة التحول الرقمي وإعادة النظر في النموذج الإعلامي
ولم يفوت وزير الاتصال مناسبة عقد اللقاء الجهوي الرابع والأخير للصحفيين، ليشدد على أنه في عالم تتنوع فيه وسائط إرسال المعلومة وتتغير فيه تقنيات الاستهلاك الإعلامي أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى «مواكبة التحول الرقمي بوعي وجدية»، وذلك عبر إنتاج مضامين مكثفة ونوعية تضمن الحضور المستمر في الفضاء الرقمي وفي منصات التواصل الاجتماعي أو ما يعرف اليوم بوسائل الإعلام البديلة بما تحمله من مخاطر كونها في متناول الجميع وذات فعالية، حيث تستعمل لضرب استقرار البلدان.
وعليه أكد أن الأجندة الهدامة هذه لا تزال سارية المفعول لذلك فنحن «مطالبون وبشدة برفع تحدي رقمنة قطاع الإعلام» بما يكفل تضييق الفجوة الرقمية ومسايرة مجهودات الدولة المتواصلة على مستوى تجديد الهياكل القاعدية المتعلقة بذلك، وقال إن العمل جار حاليا لإدراج تقنيات الجيل الخامس وسيتم الإعلان عليه مع بداية جوان المقبل من خلال وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.
ومن هذا المنطلق أكد الوزير على أهمية الانتقال الرقمي وضرورة «إعادة النظر في النموذج الإعلامي» الحالي والرقي به إلى مرحلة تجعله يستفيد من المكتسبات الجديدة لتكنولوجيا الإعلام والاتصال الحديثة وتداعياته على مستوى ما يعرف اليوم بالملتيميديا أو الإعلام المتعدد الوسائط، مشيرا إلى وجود تجارب ناجحة في الجزائر في هذا المجال، مشددا في ذات الوقت على التكوين النوعي الذي أضحى مطلبا ملحا، ومحاكاة التجارب الخلاقة في هذا المجال في البلدان الأخرى، وضمن هذا الغرض تندرج دورات التكوين الموجهة للصحفيين في العديد من المجالات الإعلامية التي نظمتها الوزارة الوصية.
التوجه إلى الذكاء الاصطناعي بـذكاء
وفي نفس الاتجاه حث محمد مزيان الصحفيين الجزائريين التوجه إلى الذكاء الاصطناعي، أو الوافد الجديد في قطاع الإعلام، عن طواعية وبطرق مدروسة بالنظر للثورة التي أحدثها هذا الأخير، والتي جعلت التحكم في التقنيات الحديثة أكثر من ضرورة، وإلا سنقع تحت طائلته ونتجرع سلبياته ومخاطره.
وقال في هذا السياق أن للذكاء الاصطناعي استعمالات كثيرة كفيلة بتسهيل المهام على الصحفي و جعله يهتم أكثر بنجاعة ونوعية المضامين التي ينتجها، واعتبر أن التحكم في تقنيات هذا الذكاء سيمكن المؤسسة الإعلامية والصحفي من تحليل المعطيات ويساعد أيضا على مهمة التحري والتحقق من مصدر الخبر و موثوقية مضمونه إذا تم التحكم في تقنياته، وفي حال العكس ستكون مخاطره كبيرة.
لذلك ألح مزيان على التكوين المستمر في هذا المجال ومواكبة المستجدات المتواترة فيه، مشيرا إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام يساهم في دعم السيادة الرقمية الوطنية، وعبر الوزير عن استعداده التام للإصغاء لكل مقترحات الأسرة الإعلامية في هذا المجال، مضيفا بأنه ينتظر منها ورقة طريق تسمح للقطاع من ضبط أخلاقيات استعمال الذكاء الاصطناعي في الإعلام لأن الجزائر قد وضعت ترسانة قانونية كاملة لحماية البيانات ذات الطابع الشخصي.
كما لفت الوزير أيضا إلى أهمية الإعلام الجواري لما يوفره من مضمون قريب من اهتمامات المواطن، وحث الإعلاميين على الاهتمام بهذا النوع من الإعلام لنقل نبض الحياة في القرى والمدن والأحياء ونقل انشغالات المواطنين. وفي الختام أعرب عن أمله في أن يكون ما ينتظر من أشغال هذا الملتقى بحجم التجربة الصحفية التي عرفتها عاصمة البلاد وكذا بحجم التحديات السياسية للمرحلة الدقيقة التي يعرفها العالم والتي ستكون لها تداعيات لا محالة على البلاد، لذلك الجميع مطالب – يشدد الوزير- بوضع اللبنات الأساسية التي تجعل القطاع يرفع من وتيرة إنتاج المضامين الإعلامية مع مراعاة الجودة والنوعية وعبر كل الوسائط المتوفرة، بما يكفل التصدي للهجمة الإعلامية الممنهجة التي تتخذ من حرية التعبير ذريعة لها.
إلياس -ب