الجمعة 17 جانفي 2025 الموافق لـ 17 رجب 1446
Accueil Top Pub

أخرج قسنطينة من الواقع إلى عالم الفانتازيا: الفنان رسيم باي بن يحيى يستبدل الريشة بتقنية الواقع المعزز


يعرض الفنان رسيم باي بن يحيى، مختص في الفن الرقمي وفن التصور، عمق رؤيته لمدينة سيرتا التاريخية وعراقة عاداتها وتقاليدها، بتقنية الواقع المعزز، وبإبداع فني وأسلوب مبتكر، تجسد في أول معرض فني له، استبدل فيه الريشة بتقنية الواقع المعزز، ليعرض 12 لوحة فنية تفاعلية في رحاب المتحف العمومي الوطني قصر الحاج أحمد باي، بولاية قسنطينة.

إيناس كبير

وقد خرج المعرض الذي أطلق عليه صاحبه "جوهر"، نسبة إلى روح المدينة الحية داخل تراثها وثقافتها، عن المألوف ليقدم تجربة شيقة وفريدة من نوعها باستخدام تقنية الذكاء المعزز.
زوار المعرض الذين كانوا مدفوعين بالفضول أمام لوحات مشفرة، سارعوا بإتباع التعليمات حتى يتمكنوا من فتح بوابة الخيال بواسطة تطبيق إلكتروني ليغوصوا في تاريخ قسنطينة، حواضرها وأساطيرها، التي ركز المعرض على إبرازها، حيث ضمن رسيم باي كل لوحة بعنصر ينتمي للموروث الثقافي فجاءت لوحة المرأة الغراب بطريقة فنية مبدعة، مجسدة أسطورة محمد الغراب، هذه الشخصية التي تشتهر بها المدينة، كما تفنن في تشكيل أزياء تقليدية ترتديها المرأة القسنطينية في الحفلات، وأيضا في حياتها اليومية، على غرار"الملاية السوداء"، "قندورة القطيفة مع الأكمام"، "البرنوس"، "العمامة"، دون أن يغفل عن إلحاقها بالمجوهرات والحلي الخاصة بها ليكون الزي مكتملا.
وشكل في لوحات أخرى المعالم الأثرية والسياحية للمدينة مثل الجسور، والصخر العتيق، كما أبرز التراث المعماري، ممثلا في الأقواس بزخارفها والزليج، التي اعتُمدت في تزيين القصور والمنازل العتيقة.
"جوهر"..يضع ماضي الصخر العتيق في لوحات ذكية
هذه الرؤية الفنية التي أخرجت الماضي في قالب حديث، استضافها قصر الحاج أحمد باي، ليذوب الزمن في رمزية الفكرة والمكان، التي أوضح الفنان رسيم باي بن يحيى، أنه اختار هذا المعلم التاريخي كونه ينطبق على فكرة "جوهر"، وقد تحول بذلك إلى ساحة تفاعل فيها الزوار مع محتوى المعرض، الذي اختار له صاحبه أن يكون تجربة تفاعلية خلق من خلالها حركية في أرجاء المكان، حيث تنافس الحضور في حل اللغز المتضمن في اللوحات الذكية، وقد جاء باللغتين العربية والانجليزية حتى يتمكن الزوار الأجانب أيضا من المشاركة.

رسوم ثلاثية الأبعاد متحركة
وفي حديثنا مع صاحب المعرض الفنان المختص في الفن الرقمي وفن التصور، رسيم باي بن يحيى، قال إنه اختار اسم "جوهر" لأول أعماله الفنية المبتكرة كونها تستلهم من عادات وتقاليد قسنطينة، هذه المدينة التي وصفها بالغامضة، كونها تخبئ كثيرا من الأسرار سواء تاريخيا أو جغرافيا، وقد أشار إليها في رسوماته ومن خلال الشخصيات التاريخية التي جسدها، مضيفا، بأنه أراد إخراج عالمه الخيالي إلى الواقع باستخدام تقنية الواقع المعزز، التي عرفها بأنها طبقة افتراضية يتداخل فيها العالمان الواقعي والافتراضي لتقدم رسوما ثلاثية الأبعاد وكذا متحركة، وهو ما وقفنا عليه أثناء ولوجنا بواسطة تطبيق "فيفا آرت" داخل اللوحات، حيث صدر صوت من بعضها كما كانت بعض العناصر تتحرك.
وتشير كل لوحة إلى لغز مدون أسفل الرسم دلالة على الجانب الغامض من قسنطينة، حيث أفاد رسيم باي، بأن الزائر سيدخل إلى "فانتازيا قسنطينية" ليجمع مؤشرات تقدم له إجابة على لغز، ومن يستطيع حله تقدم له هدية من طرف الفنان.
ويحب الفنان توظيف تقنيات فنية حديثة في أعماله مبتعدا عن التقليد، حتى يعطي روحا للمعرض، مازجا بين خياله والجانب الثقافي والروحي لمدينته.
وكشف المتحدث في حديثه للنصر، أن المعرض سيكون بداية لأعمال أخرى وهو مفهوم يريد تطويره مستقبلا، سيخرج به إلى تجربة أخرى أكثر تطورا محافظا على الفلسفة ذاتها، معربا في سياق آخر عن سعادته بتصنيف بعض الأزياء التقليدية كتراث جزائري، وعلق قائلا "يجب استغلال الفرصة وتراجع التأثير الثقافي الغربي، للبروز بثقافتنا وتقديم تفاصيل جديدة للعالم"، مضيفا "نعيش اليوم في عالم متعدد الأقطاب يمكن أن نلعب دورا مهما فيه خصوصا وأن موروثنا الثقافي يتميز بقيمة معنوية أيضا، فالشعوب يمكن أن تجد إلهاما فيها".
رسيم باي المهتم بتاريخ المدينة قدم أيضا سنة 2016 كتابا مرسوما بعنوان قسنطينة 1836، تحدث فيه عن المعركة الأولى للقسنطينيين التي خاضوها مع الحاج أحمد باي، وهي صفحة، قال إنها، غير معروفة كثيرا وقد واصل في هذا المسار حتى يعطي للشخصية التاريخية قيمتها الحقيقية معتمدا على التكنولوجيا، وأتبع بأن التراث هو ذاكرة المجتمع نعتمد عليه للتعرف على أصولنا كما يعد قاعدة لبناء المستقبل، وتحدث أيضا عن أزمة الارتباط بالتكنولوجيا التي حولت تفكير الإنسان إلى كل ما هو مادي مبعدة إياه عن الثقافة والماضي.
أما عن أزمة تواجد الإنسان في بعض المجالات الفنية واستبدالها بالذكاء الاصطناعي، اعتبر رسيم باي أن الفنان يجب أن يكون ذا أهداف يواكب التطور والتجديد في مجاله ليحافظ على مكانته.
زوار يبدون إعجابهم بالمعرض
المعرض حضره أيضا فنانون ومثقفون، وزوار من فئات عمرية مختلفة، تفاعلوا مع اللوحات، كما تحدثوا مع صاحبه مطولا للاطلاع على مدلولها.
وقال الفنان التشكيلي أحمد بن يحيى، والد رسيم باي، أن ابنه مبدع كبر في محيط الفن والجمال والفكر أيضا، وعمله الذي ينتمي إلى القرن 21 والمعروض في مكان أثري يعود إلى القرن 19، يطلب من الزائر تفعيل تفكيره، والنظر إليه من خلال الإحساس للتعمق فيه، فالفنان حسبه، استطاع ربط الماضي بالمستقبل وهذا هو المطلوب، حسبه، من الشباب الجزائريين أن يتماشوا مع هذا العالم الجديد الذي يتخذ من الثقافة قوة له، كما يجب أن يفكر بأصالته، للحفاظ على موروثه الثقافي وإعطائه روحا جديدة يلتقي فيها الواقع بالخيال ليعطوا للشيء جوهره، وهذا التوجه وفقا له يجب أن يكون لدى الشاعر وكل المبدعين.

من جانبها اعتبرت الشاعر راضية قوقة، أن اللوحات الفنية المشفرة تعطي مساحة للزائر لتشغيل عقله، فالمعرض لم يكن نمطيا، بل قدم فنا بصريا بواسطة التكنولوجيا، يحكي عن التراث الجزائري ويبرز جماليته، وأضافت، أن هكذا تجارب جديدة يجب أن تكون متاحة خصوصا في الوقت الحالي لمواكبة التطور الذي يشهده العصر.
لوحة المرأة الغراب تشد الأنظار
أما إحدى الزائرات فصرحت، أنها أول مرة تتعرف على هذه الطريقة المبتكرة التي يخدم فيها الفن الفكر، والمعرض، وفقا لها، كان خياليا دفعها للاهتمام أكثر بالفنون، أما عن أكثر الأعمال التي راقت لها، قالت إن لوحة المرأة الغراب كانت جميلة جدا وذات رمزية يمكن وضع قراءات عديدة لها، خصوصا وأن مدينة قسنطينة تشتهر بطائر الغراب الذي يحلق فوق صخورها العتيقة، فضلا عن الجسور والأزياء التقليدية فكل لوحة وفقا للشباب تجسد هذه المعاني التي تراها في الواقع.
إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com