
ناقش، أول أمس، منتخبو المجلس الشعبي لبلدية قسنطينة مقترحات جدية لتطوير سوق الجملة للخضر والفواكه بمنطقة النشاطات «الرمال» وبعث حركيته التجارية، حيث شددوا على ضرورة توسيع نشاط مؤسسة «ماغروفال» لرفع عائداتها بعدما تمكنت من تسديد ديونها واستفادت من تجديد اتفاقية استغلال المرفق مقابل دفع إيجار يصل إلى 3.6 ملايير سنويا، في حين طالب المتدخلون بتحصيل مستحقات البلدية لدى الوكالة العقارية الولائية المترتبة عن التصرف في القطع التابعة للبلدية وفق قانون التوجيه العقاري، مؤكدين أن قيمتها الإجمالية تصل إلى 120 مليار سنتيم.
وطغى موضوع الممتلكات على أشغال الدورة الاستثنائية لمنتخبي المجلس الشعبي لبلدية قسنطينة من مساء الأحد، حيث استعرض مدير الممتلكات، إسكندر بوصوارة، مشروع المداولة المتضمن تحويل قطعة أرضية حاملة للرقم 46 بمساحة تفوق 274 مترا مربعا بحي المنزه في سطح المنصورة لفائدة وكالة التسيير والتنظيم العقاريين الحضريين لولاية قسنطينة من أجل التصرف فيها لحساب البلدية طبقا للمادة 73 من القانون 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري، بينما تنطوي المداولة على ضرورة تحويل المستحقات المالية الخاصة بالبلدية مباشرة بعد التصرف وبيع القطعة الأرضية واقتطاع المستحقات المالية للوكالة العقارية المقدرة بنسبة عشرين بالمئة من المبلغ الإجمالي.
120 مليارا من عائدات بيع أراضي البلدية في حساب الوكالة العقارية
ورغم مصادقة أعضاء المجلس على مشروع المداولة، إلا أن نائب رئيس البلدية المكلف بالممتلكات، شمس الدين مروش، تحدث عن مستحقات بلدية قسنطينة لدى وكالة التسيير والتنظيم العقاريين المترتبة عن التصرف في القطع الأرضية الخاصة بالبلدية، مطالبا بضرورة تحصيلها، ليعقب عليه رئيس البلدية، شراف بن ساري، بالتأكيد على أن القانون المنظم للعملية واضح لأن البلدية لا يمكنها بيع قطعها الأرضية دون المرور عبر الوكالة العقارية، فضلا عن أن الوكالة تحصل على 20 بالمئة من قيمة بيع هذه الممتلكات مثلما تم الاتفاق عليه. وسبق لرئيس البلدية أن وجه مدير الممتلكات بإحصاء جميع الممتلكات التي حولت للوكالة العقارية، مثلما أكد، للمطالبة بحصة 80 بالمئة الخاصة بالبلدية.
وأكد رئيس البلدية أن قيمة الأموال المترتبة عن بيع الممتلكات المحولة للوكالة العقارية تصل إلى حوالي 120 مليار سنتيم موجودة في حساب الوكالة، منبها بأن المبلغ المذكور ليس ملكا للبلدية بشكل كامل، حيث أوضح أن البلدية راسلت مدير الوكالة بشكل رسمي بشأن مستحقاتها. من جهته، لفت مدير الممتلكات أن البلدية كانت تحول قطعا أرضية أو تحصيصات للوكالة العقارية في سنوات مضت بشكل غير مشروط بنسبة أرباح محددة خاصة بالوكالة، حيث شرح أن البلدية راسلت الهيئة للمطالبة بالمستحقات المترتبة عن التصرف في القطع التي تملكها منذ تاريخ سن قانون التوجيه العقاري.
وعرف مشروع المداولة المتعلقة بتجديد اتفاقية تسيير المؤسسة العمومية البلدية لسوق الجملة للخضر والفواكه «ماغروفال» الكائن بمنطقة النشاطات «الرمال» في بوالصوف نقاشا مستفيضا بين المنتخبين حول مستقبل السوق وضرورة بعثه ليكتسب تنافسية تجعله قادرا على استقطاب التجار على غرار أسواق الجملة في بعض الولايات الشرقية الأخرى، حيث طرح مدير الممتلكات مشروع المداولة المتضمن الموافقة على تجديد اتفاقية التسيير الممنوحة لفائدة «ماغروفال» لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد ابتداء من تاريخ 1 جانفي 2024 إلى غاية 13 ديسمبر 2026 بمبلغ إيجار سنوي يصل إلى 3 ملايير و600 مليون سنتيم، مع إدراج مادة جديدة بالاتفاقية تتضمن ضرورة تكفل البلدية بالمصاريف المتعلقة بالمساهمات المالية المدفوعة لفائدة مؤسسة تسيير المناطق الصناعية.
ومرت مؤسسة «ماغروفال» المسيرة لسوق الجملة للخضر والفواكه ببلدية قسنطينة بمراحل عديدة شملت حتى اتخاذ قرار حلها ثم العدول عن الأمر وإلغائه، حيث أنشئت لأول مرة كمؤسسة عمومية بلدية بموجب مداولة مؤرخة في 10 مارس 1989 لتسيير سوق الجملة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، قبل أن تحدد اتفاقية التسيير المبرمة ابتداء من مطلع جانفي 2010 سعر الإيجار السنوي بمئتي مليون سنتيم، في حين اتخذ المجلس الشعبي البلدي قرار مؤسسة «ماغروفال» بعد مداولة مؤرخة في 24 نوفمبر من عام 2016، قبل أن تتخذ البلدية قرارا في 1 جويلية من عام 2020 بإلغاء القرار المتعلق بحل «ماغروفال»، ثم صادق المجلس في دورة 19 أوت 2020 على تعديل القانون الأساسي لـ»ماغروفال» لتتحول من مؤسسة عمومية ذات طابع اقتصادي إلى مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري.
تساؤلات ونقاش حول ضعف الحركية الاقتصادية لسوق الجملة «البوليغون»
وحددت البلدية السعر الافتتاحي لكراء سوق الجملة للخضر والفواكه بثلاثة ملايير و600 مليون سنتيم تبعا لمراسلة مديرية أملاك الدولة شرق بولاية قسنطينة المؤرخة في 18 أفريل 2022، لتبرم البلدية مع «ماغروفال» اتفاقية مؤرخة في 4 أفريل 2023 على سبيل التسوية لتسيير سوق الجملة للفترة الممتدة من 1 جانفي 2013 إلى 31 ديسمبر 2020، أي لمدة ثمان سنوات، بسعر إيجار سنوي بمئتي مليون سنتيم، فيما أبرمت اتفاقية تسيير أخرى في 4 أفريل 2023 أيضا لتغطية الفترة الممتدة من بداية جانفي 2021 إلى 31 ديسمبر 2023 بسعر الإيجار السنوي الجديد المقدر بثلاثة ملايير و600 مليون سنتيم، لتأتي المداولة المصادق عليها بداية الأسبوع الجاري بعد تسديد «ماغروفال» لجميع الديون المسجلة على عاتقها لدى البلدية إلى غاية نهاية سنة 2023، حيث تجاوزت 10 ملايير سنتيم.
وقد وافق المنتخبون على تجديد اتفاقية التسيير لصالح «ماغروفال» بالإجماع، لكن ذلك جاء بعد تدخلات مطالبة بضرورة منح نشاط المؤسسة حيوية، حيث شرح مدير الممتلكات أن تكفل البلدية بالمصاريف الخاصة بمؤسسة تسيير المناطق الصناعية يأتي لمرافقة «ماغروفال»، مشيرا إلى أن البلدية تتكفل بالمصاريف الموجهة لمؤسسة تسيير المناطق الصناعية الخاصة بأغلب الممتلكات البلدية الموجودة في المنطقة الصناعية، على غرار المذبح والمحشر ومقرات المؤسسات البلدية.
وتحدث المنتخب حسان هوام عن المقترحات المطروحة سابقا في جلسات مجلس إدارة «ماغروفال» حول توسيع اتفاقية التسيير الخاصة بالمؤسسة من أجل فكّ الضائقة المالية التي تمر بها ووقف التراجع المستمر لعائداتها من سنة لأخرى، حيث عزا الأسباب إلى ضعف القدرة على منافسة أسواق الجملة الأخرى في ولايات مجاورة، على غرار سوق العثمانية، لكن رئيس البلدية اعتبر أن المشكلة لا تكمن في ضعف التنافسية، وإنما في رفع سعر الكراء من 200 مليون سنتيم سنويا إلى 3.6 ملايير سنتيم مع بداية عهدة المجلس، مضيفا أن «زيادة الكراء بهذه النسبة أمر غير معقول»، بينما قال هوام إن المقترحات المقدمة سابقا تضمنت توسيع اتفاقية التسيير الخاصة بـ«ماغروفال» لتشمل الأسواق الجوارية من أجل رفع مواردها المالية.
وشرح مدير الممتلكات أن مشكلة «ماغروفال» تكمن في زيادة ديونها من سنة لأخرى، حيث أوضح أن التراجع عن قيمة الإيجار السنوي المحدد في إطار تثمين ممتلكات الجماعات المحلية غير قابل للطرح أو النقاش حاليا، لكنه تساءل عن سبب عدم توجه المؤسسة المسيرة للسوق إلى تثمين مربعاتها التي تؤجرها للتجار بقيمة 8 آلاف دينار شهريا، حيث قال «إنه من الممكن رفعها بنسبة 100 بالمئة فقط لتصل إلى 15 ألف دينار، وهو ما لن يضر بالتجار»، بينما سيسمح ذلك برفع مداخيل المؤسسة إلى الضعف، إلا أن رئيس البلدية أشار إلى أن رفع قيمة كراء المربعات قد يؤثر على نشاط السوق في ظل المنافسة الموجودة في سوق العثمانية.
وعقب مدير الممتلكات بالتأكيد على أن واقع سوق «البوليغون» للجملة يتطلب إعادة النظر في طريقة تسيير السوق بحد ذاته، حيث اعتبر أنه من غير المعقول أن تكون أسعار الخضر في سوق حي البير أقل من سوق «ماغروفال» للجملة، منبها إلى أن توصيات البلدية شملت إنجاز نظام إلكتروني لتذاكر الدخول وإعادة تهيئة المربعات، بينما أشار المير إلى إمكانية دراسة ترميم المرفق وعصرنته من خلال إعانة ممنوحة من المجلس أو بصيغة أخرى. وقال نائب رئيس البلدية المكلف بالشؤون الاجتماعية، عبد الحكيم لفوالة، إن المجالس السابقة اقترحت منح مربعات لتجار الجملة الكبار في السلع الواسعة الاستهلاك، على غرار مستوردي الموز، من أجل ضمان أن تكون بأسعار جملة تنافسية وأقل من أسواق جملة أخرى، لكن المقترح «لقي رفضا من التجار» حينها، مثلما أوضح.
من جهته، اعتبر مندوب المندوبية البلدية 5 جويلية، سامي مسعودي، أن كثيرا من التجار النشطين في السوق يستأجرون المحلات من الباطن ويدفعون لمستأجرين أصليين من مؤسسة «ماغروفال»، حيث اعتبر أن «مضاعفة تسعيرة 8 آلاف دينار لن تمثل مشكلة بالنسبة لهم»، بينما قال إن سوق حي البير معروف بانخفاض أسعاره لأن العديد من التجار الذين ينشطون فيه يقتنون سلعهم من مصادرها الرئيسية، على غرار بعض البائعين الذين يقتنون الخضر من الفلاحين مباشرة ليعيدوا بيعها للمستهلكين بالتجزئة، مثلما شرح المتدخل. وصادق أعضاء المجلس على مشروع مداولة أخرى تخص تأجير 7 مكاتب بلدية محاذية للمندوبية البلدية القنطرة لفائدة الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر «أنجام»، حيث حدد سعر الإيجار السنوي بقيمة 18 مليون سنتيم مع تطبيق الزيادة السنوية في سعر إيجار هذه المكاتب طبقا لمداولات المجلس الخاصة بتجديد عقود إيجار أملاك البلدية كل ثلاث سنوات.
سامي .ح