شنّ جيش الاحتلال الصهيوني، أمس، سلسلة غارات عنيفة على مدينة غزة، راح ضحيتها، حسب ما ذكره صحفيون من القطاع، أكثر من 50 شهيدًا وعشرات المصابين، وتأتي هذه الغارات العنيفة على مدينة غزة بعد أقل من 48 ساعة على مجزرة الصحفيين التي راح ضحيتها 6 شهداء من بينهم مراسلا قناة الجزيرة القطرية أنس الشريف ومحمد قريقع اللذان كانا ينقلان جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني من مدينة غزة وشمالها.
ويأتي هذا التصعيد الصهيوني على مدينة غزة ضمن خطته لاحتلال المدينة، بعيدًا عن أعين الصحافة وشهود الحقيقة الذين فضحوا جرائمه أمام العالم، وبعد استهداف جيش الاحتلال للصحفيين الستة في مجزرة مروعة بمجمع الشفاء الطبي، وتهديده بقتل صحفيين آخرين كانت مواقع إسرائيلية قد نشرت أسماءهم، يسعى الاحتلال الصهيوني لدخول فصل جديد من الإبادة الجماعية ضد المدنيين والنساء والأطفال، بعيدًا عن شهود الحقيقة الذين أسكت أصواتهم لطمس جرائمه حتى لا تخرج إلى العالم الذي انتفض ضده، ولعنة المجازر البشعة التي يرتكبها ضد النساء والأطفال والمدنيين في غزة تلاحقه في كل مكان في العالم.
وتحدث أمس صحفيون من غزة عن غارات عنيفة شنها الاحتلال الصهيوني بأحياء الصبرة والزيتون والشيخ رضوان جنوب مدينة غزة، مؤكدين أن هذا التصعيد قد ينذر بدخول خطة الكيان الصهيوني لاحتلال مدينة غزة حيز التنفيذ، خاصة أمام حديث تقارير إعلامية عن رصد حشود كبيرة من الدبابات والآليات العسكرية على الشريط الحدودي مع غزة، والتي تتهيأ لتنفيذ خطة الهجوم. وكشف التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تصدره وزارة الصحة عن وصول 100 شهيد و 513 مصابًا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الماضية، من بينهم 31 شهيدًا و 388 مصابًا من ضحايا لقمة العيش الذين يلاحقهم جيش الاحتلال أثناء البحث عن الطعام أو انتظار المساعدات الإنسانية، حيث يقتل جنود الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين الجياع بدم بارد، ووفق إحصائيات وزارة الصحة، فإن ضحايا لقمة العيش الذين قتلهم جنود الاحتلال رميًا بالرصاص بلغ عددهم 1838 شهيدًا و 13409 مصابين. وفي الوقت ذاته، تتفاقم المجاعة بشكل خطير في قطاع غزة، حيث سجلت وزارة الصحة أمس 5 وفيات جديدة من بينهم طفلان جراء المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي لشهداء المجاعة إلى 227 شهيدًا، من ضمنهم 103 أطفال. وأشار في هذا السياق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي دخلت أول أمس الاثنين بلغ 124 شاحنة فقط، تعرض معظمها للنهب والسطو في ظل فوضى أمنية متعمدة من طرف الاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت في السياق ذاته حركة حماس في بيان صحفي، أمس، أن الاحتلال الصهيوني يواصل جرائمه البشعة عبر القصف العشوائي الهمجي الذي يطال مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفًا منازل المدنيين وخيام النازحين في مشهد دموي يودي يوميًا بحياة عشرات المدنيين العزل، بينهم أطفال، في تحدٍّ صارخ للمجتمع الدولي، وإصرار واضح على المضي في سياسة الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج، كما يتمادى الاحتلال، حسب بيان الحركة، في تنفيذ جريمة «هندسة التجويع والفوضى» بحق أكثر من مليوني إنسان في غزة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وفي مقدمتها الحق في الغذاء، عبر الإصرار على آلية التوزيع القاتلة، ومنع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية من القيام بواجبها في إيصال المساعدات وتوزيعها بشكل آمن.
وثمّنت حماس حالة التضامن الشعبي حول العالم، ودعت لاستمرارها وتصعيدها، حتى وقف العدوان وإنهاء حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، كما دعت الدول العربية والإسلامية إلى ممارسة الضغط على الإدارة الأمريكية، وتفعيل أوراق قوتها في وجه الاحتلال الفاشي، لوقف العدوان وسياسة التجويع، وإفشال مخططات الاحتلال الرامية إلى تهجير الشعب الفلسطيني والعبث بأمن المنطقة ومصالح شعوبها. وفي إطار حرب الإبادة الجماعية وتنفيذ مخطط التهجير القسري لسكان غزة بعد جعلها غير صالحة للحياة، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس عن حجم الدمار الذي لحق بالثروة الزراعية في القطاع، مشيرًا في بيان صحفي إلى أن إنتاج الخضروات في القطاع تراجع من 105 آلاف طن إلى 28 ألف طن فقط، كما دمّر الاحتلال 665 مزرعة للأبقار والأغنام والدواجن، واستهدف قوافل الإغاثة واحتجزها وسرق محتوياتها في جريمة إنسانية غير مسبوقة، مؤكدًا أن هذه الأرقام ليست رواية فلسطينية، بل وقائع موثقة بالصوت والصورة وشهادات منظمات دولية.
وفي الإطار ذاته، أشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن الاحتلال الصهيوني لم يكتفِ بمنع المساعدات، بل تعمّد قصف 44 تكية طعام وقتل عشرات العاملين فيها، كما استهدف بالقصف 57 مركزًا لتوزيع الغذاء، وأطلق النار على طوابير الجياع عند نقاط المساعدات التي حولها إلى مصائد موت في إطار سياسة ممنهجة للتجويع، مشيرًا في نفس البيان إلى أن الاحتلال يمنع 430 صنفًا غذائيًا من الدخول إلى قطاع غزة منها اللحوم المجمدة بأنواعها والأسماك المجمدة، والأجبان، ومشتقات الألبان، والخضروات المثلجة والفواكه وغيرها من الأصناف الغذائية الأخرى التي يحتاجها الجياع والمرضى. وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي أن شعوب العالم باتت تدرك تمامًا زيف رواية الاحتلال وحجم التضليل والكذب الذي يمارسه، مقابل ثبوت مصداقية الرواية الفلسطينية التي وثقتها الوفود الدولية والتقارير الأممية الميدانية، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي أصبح رمزًا للجرائم المنظمة والعزلة الدولية.
نورالدين ع