حذّرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم الوضع الصحي الكارثي والمجاعة في قطاع غزة، مؤكدة أن المستشفيات تعمل بما يفوق طاقتها القصوى، وأشارت إلى نفاد بعض الأدوية المنقذة للحياة، وتزايد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والأمراض.
وأوضح الدكتور «ريك بيبركورن» ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في تصريح صحفي أمس، أن 68 بالمائة من المستلزمات الطبية في غزة نفدت بالكامل، مؤكدا أن مستشفيات القطاع تواجه ضغطًا شديدًا بسبب الإصابات في مناطق توزيع الغذاء، وأشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 1655 شخصًا وأصاب 11800 آخرين في مناطق تقديم المساعدات منذ 27 مايو الماضي، وأفاد بأن الأزمة تفاقمت بسبب أوامر الإجلاء في مدينة غزة، التي وضعت مستودع منظمة الصحة العالمية في منطقة إخلاء، بالإضافة إلى وقوع مستشفيات ومراكز رعاية صحية أولية ومرافق إسعاف داخل هذه المناطق أو بالقرب منها، مما يهدد بتعطيل الخدمات.
وحذّر ممثل منظمة الصحة العالمية من ارتفاع حالات الإصابة بالتهاب السحايا، حيث تم تسجيل 452 حالة بين شهري يوليو وأوت الجاري، وهو أعلى رقم منذ بدء التصعيد ضد غزة، كما لفت إلى ارتفاع الإصابات بمتلازمة «غيلان باريه» التي تصيب الجهاز العصبي والمناعي وتسبب شللًا عضليًا تدريجيًا، حيث تم تسجيل 76 حالة منذ جويلية الماضي.
كما تحدث المصدر نفسه عن رفض الاحتلال الإسرائيلي دخول الفرق الطبية الدولية والمسعفين الدوليين والإمدادات، بالإضافة إلى تعطيل دخول مواد أساسية مثل معدات العناية المركزة وأجهزة التخدير ولوازم سلسلة التبريد، مما يشكل عقبة رئيسية أمام تقديم المساعدات، ودعا إلى فتح المزيد من المعابر المؤدية إلى غزة ورفع عوائق الوصول، مشككًا في رواية الاحتلال الإسرائيلي المتعلقة بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وقال «إن هذا لم يحدث، أو حدث ببطء شديد «.
وفي سياق متصل، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن المجاعة وسوء التغذية في غزة وصلا إلى أعلى مستوياتهما منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، وأشار إلى أن الإمدادات الإنسانية التي تدخل القطاع لا تزال أقل من الحد الأدنى المطلوب لتلبية الاحتياجات الهائلة، موضحًا في بيان أن الأمم المتحدة لديها خطة جاهزة مبنية على المبادئ الإنسانية لتلبية احتياجات المدنيين. من جانبه، وصف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عملية الإنزال الجوي للمساعدات في غزة بالوهم وإخفاء للتجويع، مشيرًا إلى أنها تسببت في استشهاد ما لا يقل عن 26 فلسطينيًا، وأفاد المرصد في تقرير له أن 1212 حزمة مساعدات تم إنزالها جوًا بين 26 جويلية الماضي و11 أوت الجاري، وتمثل ما يعادل 40 شاحنة فقط، أي شاحنتين في اليوم، وأوضح أن ما تم إنزاله جوًا خلال نفس الفترة لا يمثل سوى 0.4 بالمائة من احتياجات سكان القطاع، لافتا إلى أن عمليات الإنزال الجوي تفوق تكلفة الشاحنات بأكثر من 100 مرة.
وبخصوص عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة يومي الاثنين والثلاثاء، فقد بلغ 201 شاحنة من أصل 1200 كان من المفترض دخولها لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، وكشف المكتب الإعلامي الحكومي عن دخول 1535 شاحنة خلال 17 يومًا، من أصل 10200 شاحنة، مما يمثل 15 بالمائة فقط من الاحتياجات، وأشار إلى أن غالبية هذه المساعدات تعرضت للنهب والسرقة، حيث يمنع الاحتلال تأمينها ويقوض عمل المؤسسات الإنسانية.
وعلى صعيد مستجدات المجاعة في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 8 حالات وفاة جديدة، بينهم 3 أطفال خلال 24 ساعة الأخيرة، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 235 شهيدًا، من بينهم 106 أطفال.
وفيما يتعلق بتطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ أكثر من 22 شهرًا، كشف التقرير الإحصائي اليومي عن وصول 123 شهيدًا و437 مصابًا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الأخيرة، من بينهم 21 شهيدًا و185 مصابًا من ضحايا لقمة العيش الذين استهدفهم جنود الاحتلال الإسرائيلي أثناء انتظار المساعدات، وبذلك ارتفعت حصيلة ضحايا لقمة العيش إلى 1859 شهيدًا وأكثر من 13594 مصابًا، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا العدوان منذ أكتوبر 2023 إلى 61722 شهيدًا و154525 مصابًا.
أما بخصوص استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، فقد أعلنت حركة حماس أمس عن وصول وفد من قيادتها برئاسة خليل الحية إلى القاهرة لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين حول آخر التطورات المتعلقة بحرب الإبادة في غزة ومجمل الأوضاع في الضفة والقدس والأقصى، وأشار بيان للحركة إلى أن المحادثات التمهيدية ستركز على سبل وقف الحرب، وإدخال المساعدات، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى العلاقات الفلسطينية الداخلية للوصول إلى توافق وطني.
نورالدين ع
