يواجه أكثر من 40 ألف طفل رضيع، أعمارهم لا تتجاوز 12 شهرا خطر الإصابة بسوء التغذية الحاد وحياتهم مهددة بالموت تدريجيا، وكشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن تسجيل شهداء يوميا من هؤلاء الأطفال والمرضى بسبب المجاعة وسوء التغذية.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في بيان صحفي، أمس، من كارثة إنسانية واسعة النطاق بسبب استمرار الحصار ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، خاصة حليب الأطفال، وكشف عن معاناة أكثر من 100 ألف فلسطيني من الأطفال والمرضى من نقص غذائي خطير، متهمًا الاحتلال الإسرائيلي بتعمد تجويع سكان غزة ومنع إدخال اللحوم والأسماك ومئات الأغذية الأساسية.
وأدان نفس المكتب سياسة «هندسة الموت» التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي، محملا الاحتلال والإدارة الأمريكية والدول المتورطة في دعمه المسؤولية الكاملة عن جريمة التجويع، وطالب الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي والمنظمات الأممية بممارسة ضغط حقيقي وفاعل لفتح المعابر فورًا، وكسر الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ووقف جرائم الإبادة والتهجير القسري.
وفي سياق متصل، أكدت وكالة الأونروا، أمس، أن غالبية الأطفال الذين تقوم فرقها بفحصهم في غزة يعانون من الهزال والضعف، ويواجهون الموت إن لم يقدم لهم العلاج الذي يحتاجونه، وكشفت عن إحصاء أكثر من 50 ألف طفل بين شهيد ومصاب في غزة منذ أكتوبر 2023، ودعت لوقف الحرب على الأطفال، كما أكدت أن مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع، ويجبرن على اتخاذ تدابير محفوفة بالمخاطر للبحث عن الطعام والماء.
وذكرت مديرة الإعلام والتواصل في الأونروا «جولييت توما» في تصريحات صحفية أمس، أن المجاعة في غزة هي من صنع الإنسان، بفعل المحاولات المتعمدة لاستبدال نظام المساعدات الإنسانية الذي تنسقه الأمم المتحدة بـ»مؤسسة غزة الإنسانية» ذات الدوافع السياسية، ودعت إلى العودة إلى نظام تنسيق وتوزيع موحد للمساعدات الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة.وبخصوص الحصيلة المحدثة لضحايا المجاعة وسوء التغذية، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أمس عن تسجيل 7 حالات وفاة جديدة خلال 24 ساعة الأخيرة، من بينهم طفلان، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 258 شهيدًا، من بينهم 110 أطفال.
كما أحصت وزارة الصحة 47 شهيدًا و226 مصابًا وصلوا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الأخيرة جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، ومن بين هؤلاء الضحايا 14 شهيدًا ارتقوا أثناء البحث عن لقمة العيش، إلى جانب 132 مصابًا، وقد ارتفعت حصيلة شهداء لقمة العيش إلى 1938 شهيدًا وأكثر من 14420 مصابًا، في حين ارتفعت الحصيلة الإجمالية لضحايا العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023 إلى 61944 شهيدًا و155886 مصابًا.
في سياق متصل كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن إصابة أكثر من 30 فلسطينيا في غزة بإعاقة دائمة أو مؤقتة يوميا، وأشار في تقرير نشره أمس إلى أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة قفز خلال 22 شهرًا من الإبادة الجماعية بنحو 35 بالمائة عما كانت عليه قبل بدء الإبادة، وانتقد المرصد استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي للقوة المفرطة على نحو متعمد ومنهجي وواسع النطاق، وتوظيف أسلحة شديدة التدمير لإيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى والجرحى، بما في ذلك إلحاق عاهات دائمة ومعاناة جسدية ونفسية جسيمة بآلاف الفلسطينيين، في إطار سياسة تدميرية ممنهجة تشكل جزءًا أصيلًا من جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، حسب ما جاء في التقرير نفسه.
ووثق المرصد الأورومتوسطي إصابة أكثر من 21 ألف فلسطيني في غزة بإعاقات دائمة أو مؤقتة، وتعكس هذه الأرقام، حسب المرصد، استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي لأسلحة وذخائر ذات قدرة تدميرية عالية، بما في ذلك القذائف الانشطارية والمتفجرات الثقيلة والصواريخ الموجهة في مناطق مأهولة، والتي تؤدي إلى بتر الأطراف، وتشوهات جسدية، وإصابات دماغية وحسية خطيرة تخلف إعاقات دائمة، مؤكدا أن هذا يندرج ضمن سياسة متعمدة ينتهجها الاحتلال لإلحاق أكبر قدر من المعاناة الجسدية والنفسية الشديدة بالمدنيين.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن خطته الإجرامية لتهجير سكان مدينة غزة واحتلالها، تدمير المباني السكنية وإخلاء الأحياء، حيث ينفذ سياسة الأرض المحروقة بتدمير ما تبقى من بنية تحتية ومبانٍ ومرافق خدمية، لا سيما في حي الزيتون، وأكدت حركة حماس في بيان صحفي، أمس، أن عزم رئيس أركان جيش الاحتلال المصادقة على خطط احتلال مدينة غزة وتسريع العمليات العسكرية فيها هو إعلان صهيوني عن البدء بموجة جديدة من الإبادة الوحشية وعمليات التهجير الإجرامي لمئات الآلاف من السكان.
وأضاف بيان الحركة أن هذا الإعلان الإجرامي عن ارتكاب جريمة حرب كبرى في مدينة غزة يجسد الصورة الأوضح للعنجهية الصهيونية واستهتارها بالقوانين الدولية، وإصرارها على المضي في حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 22 شهرًا، وذلك بغطاء أمريكي وصمت وعجز دولي مخز.
وأوضحت حماس أن الحديث عن إدخال الخيام إلى جنوب قطاع غزة تحت عناوين «الترتيبات الإنسانية» يعد تضليلًا مفضوحًا يراد منه التغطية على جريمة وحشية يتهيأ الاحتلال لتنفيذها، وذلك في وقت تؤكد الأمم المتحدة رفضها لخطوات الاحتلال في هذا السياق باعتبارها تفتقر لأدنى المعايير الإنسانية، وتمثل استخدامًا إجراميًا لوسائل الضغط الإنساني على المدنيين لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.
وأكدت الحركة أن هذه اللحظة الخطيرة تستدعي موقفًا وطنيًا موحدًا لبناء إستراتيجية مقاومة شاملة تواجه المخططات الإجرامية التي تستهدف اقتلاع الشعب الفلسطيني وطمس هويته، وأضافت أن الدول العربية والإسلامية أمام استحقاق اتخاذ خطوات واضحة للتصدي لهذا الكيان الفاشي في ظل ما يعلنه من مشاريع تستهدف دول وشعوب المنطقة. نورالدين ع