دعت منظمات حقوقية دولية المجتمع الدولي إلى رفع الحصار فورًا عن قطاع غزة دون قيد أو شرط، ووقف إطلاق النار بشكل دائم، والسماح بإدخال المساعدات الإغاثية للفلسطينيين المجوَّعين والأطفال المهددين بالقتل جوعًا، متهمة الاحتلال الإسرائيلي بجعل التجويع الجماعي واقعًا قاتمًا في قطاع غزة، أمام حملة التجويع المتعمدة التي يمارسها ضد أكثر من 2.4 مليون فلسطيني، والتي هدفها إخضاع شعب بأكمله لمعاناة لا تطاق.
وأكدت في هذا الإطار منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته أمس حول شهادات جديدة مروعة لمدنيين نازحين في غزة أن الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة تجويع متعمدة في القطاع، ويدمر بذلك صحة الفلسطينيين وسلامتهم ونسيجهم الاجتماعي بصورة ممنهجة، وأضافت أن المزيج القاتل من الجوع والمرض ليس مجرد نتيجة عرضية مؤسفة للعمليات العسكرية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي، بل إنه النتيجة المقصودة لخطط وسياسات صممها الاحتلال ونفذها على مدى 22 شهرًا الماضية، بهدف إخضاع الفلسطينيين في قطاع غزة لظروف معيشية يُراد بها تدميرهم المادي، وهي جزء لا يتجزأ من الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة حسب ما جاء في تقرير المنظمة.وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن الشهادات المروعة التي جمعتها لا تقتصر على سرد المعاناة فقط، بل تمثل إدانة لنظام دولي أَذِنَ للاحتلال الإسرائيلي بالتنكيل بالفلسطينيين مع الإفلات شبه التام من العقاب على مدى عقود، ودعت في نفس التقرير إلى رفع الحصار فورًا ودون قيد أو شرط، ووقف إطلاق النار بشكل دائم، وأضافت أن تأثير حصار الاحتلال الإسرائيلي والإبادة المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين كارثي، ولاسيما على الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن والنساء الحوامل والمرضعات، وأوضحت أنه لا يمكن تدارك هذا التأثير بمجرد زيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية أو عبر استئناف عمليات الإنزال الجوي الاستعراضية، التي أثبتت عدم فعاليتها وخطورتها.
وأفادت العدل الدولية بأن العائلات الفلسطينية في غزة تُجبَر على مواجهة خيار مستحيل، وذلك إما بالاستماع إلى أنين أطفالهم الهزلى طلبًا للطعام، أو مواجهة خطر الموت أو الإصابة في محاولة يائسة للحصول على المساعدات، ودعت إلى تجهيز مرافق الرعاية الصحية بالإمدادات والمعدات اللازمة لعملها، ورفع التهديد الدائم بالتهجير الجماعي للمدنيين، إلى جانب السماح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات وتوفير المأوى الآمن، بما يكفل صون كرامة السكان المدنيين وإنسانيتهم، كما ناشدت المجتمع الدولي من أجل التدخل لوقف خطة من شأنها ترسيخ احتلال قطاع غزة أو تصعيد الهجوم العسكري فيه، وأضافت أن العالم لا يمكن أن يستمر في مجاملة الاحتلال الإسرائيلي على إدخال مساعدات رمزية، والنظر إلى هذه الخطوات الشكلية باعتبارها استجابة كافية لتدميره الممنهج لحياة الفلسطينيين في قطاع غزة.وفي السياق ذاته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بسياسة القتل والتدمير، بل يفرض حصارًا خانقًا وتجويعًا ممنهجًا، ترك السكان بأكملهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ما أودى بحياة أكثر من 230 فلسطينيًا بسبب المجاعة وسوء التغذية، ودعا في بيان نشره أمس اتحادات الرياضة الدولية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتعليق عضوية الاحتلال الإسرائيلي، لوقف استخدامه للرياضة لتبييض الفظائع والانتهاكات التي يرتكبها في إطار جريمة الإبادة الجماعية بقطاع غزة منذ أكثر من 22 شهرًا، مشيرا إلى أن استمرار السماح لمؤسسات تابعة للاحتلال الإسرائيلي والممثلين الرياضيين بالمشاركة في البطولات الأوروبية والدولية يساهم في شرعنة جرائم الاحتلال، ويقوض القيم المعلنة للاتحادات الرياضية القائمة على احترام حقوق الإنسان والعدالة والمساواة، مذكِّرًا بقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 664 رياضيًا فلسطينيًا في غزة، كما دمَّر 264 منشأة رياضية. وأشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل مشاركاته الرياضية لتبييض الانتهاكات التي يرتكبها في قطاع غزة، في حين أن بعض رياضيي دولة الاحتلال متورطون في جرائم ضد المدنيين الفلسطينيين، لافتًا إلى أن التقديرات تشير إلى أن نحو 30 رياضيًا من وفد دولة الاحتلال في أولمبياد باريس 2024 خدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي أو دعموا علنًا الإبادة الجماعية في غزة.
على صعيد تطورات الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، كشفت وزارة الصحة أمس عن تسجيل 5 حالات وفاة جديدة بالمجاعة وسوء التغذية خلال 24 ساعة الأخيرة، من بينهم طفلان، لترتفع بذلك حصيلة شهداء المجاعة إلى 263 شهيدًا، من بينهم 112 طفلًا.
وفي السياق ذاته، كشفت وزارة الصحة عن وصول إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الأخيرة 60 شهيدًا و 344 مصابًا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع، من بين الضحايا 27 شهيدًا من شهداء لقمة العيش الذين استهدفهم جيش الاحتلال أثناء انتظار المساعدات الإنسانية، كما أصيب 281 آخرون خلال نفس الفترة، لترتفع بذلك حصيلة شهداء لقمة العيش إلى 1965 شهيدًا و 14701 مصاب.
وفي الإطار ذاته، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن دخول 266 شاحنة مساعدات فقط خلال الأيام الثلاثة الماضية، وذلك من أصل 1800 شاحنة كان من المفترض دخولها، كما اتهم نفس المصدر في بيان صحفي الاحتلال الإسرائيلي بتسهيل سرقة معظم المساعدات، ومنع تأمينها، ومواصلة إغلاق المعابر وتقويض عمل المؤسسات الإنسانية، مشيرًا إلى أن ما يدخل إلى القطاع لا يمثل سوى 15 بالمائة من الاحتياجات الفعلية، ودعا الأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي إلى تحرك جدي لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات، وخاصة الغذاء، وحليب الأطفال، والأدوية المنقذة للحياة، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه ضد المدنيين.
نورالدين ع