شهدت مدن فرنسية عدة، بينها العاصمة باريس، أمس الأربعاء، احتجاجات ومظاهرات عارمة ضد سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، أدت إلى توقيف المئات من المحتجين من قبل قوات الأمن، فيما تسلم رئيس الحكومة الجديد، سيباستيان لوكورنو مهامه رسميا من خلفه فرانسوا بايرو.
كما كان متوقعا نفذت نقابات وتنظيمات ومتقاعدين، تهديدها أمس بتنظيم مظاهرات واحتجاجات واسعة في عموم فرنسا، حيث خرج منذ ساعات الفجر الأولى عمال وطلبة ومتقاعدون ومواطنون إلى الشوارع في حراك أطلق عليه «لنغلق كل شيء» محولين بذلك شوارع وساحات العاصمة باريس وغيرها من المدن الفرنسية إلى ساحة غضب وسخط ضد سياسات الرئيس ماكرون ورئيس حكومته المطاح به، فرانسوا بايرو، خاصة منها السياسة التقشفية وخفض الدين الداخلي التي أعلن عنها بايرو قبل أسابيع. وقد رفع المتظاهرون شعارات حادة ورددوا هتافات تتحدث عن كرامة العمال، وإسقاط الرئيس ماكرون، رافضين زيادة «الأغنياء غنى والفقراء فقرا» حسب ما رددوه من هتافات، مستحضرين في هذا المشهد تضحيات العمال والطبقة الكادحة. وقد شهدت مدن مارسيليا، ومونبلييه، وليون، و بوردو وغيرها مظاهرات شعبية عارمة ضمن حركة « لنغلق كل شيء» شارك فيها عشرات الآلاف من المحتجين رفعوا خلالها شعارات مناهضة للرأسمالية، ومدافعة عن الخدمات العامة، كما فضل العديد من التجار غلق محالهم خلال وقت المسيرات. بدورها أغلقت العشرات من المؤسسات التربوية والجامعية أبوابها بسبب هذه الاحتجاجات، حيث نقل موقع قناة «فرانس 24» غلق 27 ثانوية بصفة كاملة في العديد من المدن، وبحسب الاتحاد النقابي للتلاميذ، الذي يعد أبرز نقابة طلابية للمرحلة الثانوية، فقد شهدت 150 ثانوية تحركات ضمن هذه المظاهرات، أما وزارة التربية الفرنسية فقد أعلنت تسجيل اضطرابات في حوالى 100 ثانوية مع إغلاق 27 منها. كما نقلت تقارير إعلامية محاولة حوالى ألف محتج اقتحام محطة «غار دو نور» في العاصمة باريس إلا أن قوات الأمن تصدت لهم ومنعتهم من القيام بذلك. وقد تدخلت قوات الأمن بقوة لقمع المتظاهرين و وقف الاحتجاجات ما تسبب في صدامات بين الطرفين و عمليات حرق وتكسير وتوقيف عدد معتبر من المحتجين، حيث أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أن عدد التوقيفات التي نفذتها قوات الأمن إلى حدود الواحدة ظهرا بلغت 295 توقيفا في جميع أنحاء فرنسا، أكثر من نصفها في مجال العاصمة باريس. وقد نقلت وكالات أنباء عالمية وقنوات فضائية، صورا عدة عن صدامات وقعت بين قوات الأمن و المحتجين، وصورا لحرق مركبات وتكسير مرافق في شوارع العاصمة باريس وغيرها من المدن، في يوم غضب خاص عاشته فرنسا أمس. ونشير أن هذه الاحتجاجات قد بدأت الدعوة لها على مواقع التواصل الاجتماعي بداية شهر أوت المنصرم، بعد إصرار بايرو على تمرير خططه الخاصة بالتقشف و خفض الدين الداخلي، وهي اليوم اختبار حقيقي للسلطات العليا في باريس. موازاة مع ذلك وفي مراسم رسمية تسلم أمس الأربعاء، سيباستيان لوكورنو، مهامه رسميا كرئيس جديد للوزراء وهذا بعد تعيينه من طرف الرئيس ماكرون، أول أمس الثلاثاء، خلفا لسابقه فرانسوا بايرو، الذي حجب نواب الجمعية الوطنية الثقة عنه الاثنين الماضي. وقد تعهد لوكورنو أمس بعد توليه منصبه الجديد بإجراء تغييرات عميقة وإيجاد سبل أكثر ابتكارا للتعاون مع الأحزاب المعارضة لإنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. ورئيس الحكومة الجديد يبلغ من العمر 39 سنة وهو صديق للرئيس إيمانويل ماكرون، وقد انقسمت الطبقة السياسية الفرنسية بشأن هذا التعيين، فبينما رحب اليمين باختيار لوكورنو، رأت تيارات من اليسار أن هذا التعيين قد يزيد صب الزيت على النار ودعت إلى الانضمام إلى احتجاجات
الشارع.
إ-ب