
أكد الخبير الاقتصادي، مولود خليف، أمس الأحد، أن احتضان الجزائر للطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، ، يمثل حدثا استراتيجيا بكل المقاييس، سواء بالنسبة للقارة الإفريقية ككل أو للجزائر على وجه الخصوص.
وفي مداخلة قدمها خلال مشاركته في يوم إعلامي خصص لعرض رهانات هذا الحدث، أشرف وزير الاتصال محمد مزيان على افتتاحه بحضور محافظ المعرض السفير العربي لطرش بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، أكد أن المعرض سيعزز صورة الجزائر كأحد أبرز الاقتصادات الإفريقية، ويبرز المؤهلات التي تخولها لعب دور أساسي في تنشيط المبادلات القارية.
ويرى خليف وهو خبير في الاستراتيجية والتنمية المستدامة وقضايا التكامل الإفريقي أن استضافة الجزائر لهذا الحدث بعد انضمامها الرسمي إلى منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في نوفمبر 2024، يضفي على المعرض طابعا تاريخيا، إذ يأتي ليكرس التزامها العملي بتفعيل واحدة من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم، التي تضم أكثر من مليار وأربعمائة مليون نسمة وناتجا إجماليا يفوق ثلاثة آلاف وخمسمائة مليار دولار. ويعكس ذلك رغبة الجزائر في تعزيز موقعها كمحور اقتصادي يربط إفريقيا بأوروبا وحوض المتوسط، ويساهم في تكريس مسار الاندماج القاري.
وبحسب خليف، فإن الجزائر ستخرج بجملة من المكاسب الاقتصادية المباشرة من هذه التظاهرة، أبرزها فتح أسواق جديدة أمام منتجاتها خارج قطاع المحروقات، والترويج لصناعاتها التحويلية و الفلاحية والنسيجية والميكانيكية، فضلا عن استقطاب استثمارات إفريقية ودولية يمكن أن تعطي دفعا جديدا للنمو الاقتصادي الوطني.
كما يشكل المعرض واجهة حقيقية للمنتجات الجزائرية وفرصة لعقد شراكات تعزز حضورها في أسواق القارة، إضافة إلى ما يوفره من إمكانيات للتعريف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة الجزائرية التي تراهن عليها الدولة لتحقيق التنويع الاقتصادي.
إلى جانب هذه المكاسب الاقتصادية، يؤكد خليف أن للجزائر فوائد استراتيجية تتمثل في تعزيز موقعها كفاعل محوري في الاندماج الإفريقي، وإبراز دورها كقوة دفع رئيسية في مشاريع التكامل القاري، بما يجعلها في صدارة الاقتصادات المؤثرة في إفريقيا.
كما أن الجانب الدبلوماسي – يقول خليف - لا يقل أهمية، فالمعرض سيتيح للجزائر فرصة لتوطيد علاقاتها مع مختلف الدول الإفريقية، وتعزيز نفوذها في القرارات الاقتصادية للاتحاد الإفريقي، وزيادة وزنها التفاوضي داخل منظمة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. ويتيح لها ذلك المساهمة بشكل مباشر في رسم السياسات التجارية للقارة.
أما على المستوى الاجتماعي، فإن المعرض سيشكل منصة حيوية للشباب الجزائري لعرض مشاريعهم الناشئة وأفكارهم المبتكرة أمام شركاء أفارقة ودوليين، ما يفتح أمامهم آفاقاً جديدة للتمويل والتسويق. كما سيحفز قطاعات السياحة والخدمات والفندقة في الجزائر من خلال استضافة آلاف المشاركين والوفود الرسمية والاقتصادية، وهو ما يعزز الحركية الاقتصادية في المدن المستقبلة للتظاهرة ويمنح دفعة ملموسة للقطاعات الموازية.
ويشير خليف إلى أن برنامج المعرض يتضمن فعاليات كبرى من بينها يوم الجزائر المخصص للتعريف بالقدرات الوطنية، ومنتدى التجارة والاستثمار الذي يناقش أبرز التحديات والحلول، والمعرض الإفريقي للسيارات الذي يسلط الضوء على إمكانيات سلاسل القيمة الصناعية، إضافة إلى القطب الإفريقي للبحث والابتكار الذي ستشرف الجزائر على تنسيقه علمياً، وفضاءات موجهة للشباب ورواد الأعمال والإبداع الثقافي والفني. ويمثل هذا التنوع في الفعاليات رسالة واضحة مفادها أن إفريقيا تتجه نحو بناء تكامل اقتصادي يقوم على الصناعة والابتكار والثقافة، والجزائر تجد نفسها في قلب هذا التحول.
ويخلص الخبير الاقتصادي الجزائري إلى أن النتائج المنتظرة من هذا الموعد الاقتصادي ستتجاوز بكثير مجرد توقيع اتفاقيات تجارية، لتشكل قفزة في صورة الجزائر إقليمياً ودولياً، وترسيخ دورها كواجهة اقتصادية جديدة للقارة الإفريقية. ويرى أن احتضان الجزائر لهذا الحدث في هذه المرحلة بالذات يعد إعلاناً واضحاً عن عودتها القوية إلى الساحة الاقتصادية الإفريقية، واستعدادها للاضطلاع بدور قيادي في مسيرة الاندماج القاري.
عبد الحكيم أسابع