الأربعاء 10 سبتمبر 2025 الموافق لـ 17 ربيع الأول 1447
Accueil Top Pub

معرض التجارة البينية الإفريقية يختتم اليوم:الجزائر «عاصمة» القرار الاقتصادي في إفريقيا


* كسب الرهان وتطلع لدور ريادي في التحول الاقتصادي الإفريقي
يسدل الستار، اليوم، على فعاليات معرض التجارة البينية الإفريقية في طبعته الرابعة الذي استضافته الجزائر، وشكل حدثا استثنائيا أعاد القارة الإفريقية إلى الواجهة الاقتصادية العالمية، بالنظر إلى النجاح الذي حققه والذي تجسد في حجم المشاركة الدولية ونوعية الاتفاقيات الموقعة، وشكل فرصة لإعادة تأكيد الدور الجزائري كمحرك سياسي واقتصادي في قارة إفريقيا، كما عزز موقع الجزائر كفاعل اقتصادي قارّي.

تختتم اليوم الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025) التي استضافتها الجزائر على مدى أسبوع من الفعاليات والمشاركات الواسعة من كبرى الشركات الإفريقية، وسمح بتقديم واستعراض فرص التجارة والاستثمار في إفريقيا، وشهدت التظاهرة عديد الفعاليات التي سلطت الضوء على عوائق التجارة البينية في إفريقيا، كما كشفت النقاب عن المؤهلات التي تزخر بها القارة الإفريقية والتي تسمح بالمضي قدما في تحقيق التكامل الاقتصادي الإفريقي بعيدا عن التجاذبات الخارجية.
وتعد الطبعة التي نظمتها الجزائر من أنجح التظاهرات التي اهتمت بموضوع التجارة البينية في إفريقيا ما عزز صورة الجزائر كقطب اقتصادي قاري، وكانت بمثابة «عاصمة القرار الاقتصادي للقارة» بالنظر لنوعية المشاركة وحجم الاتفاقيات المبرمة، حيث عرفت التظاهرة حضور 11 قائدًا إفريقيًا بين رؤساء دول وحكومات ونواب رؤساء، إلى جانب وفود وزارية ومؤسسات إفريقية ودولية، وقد شارك أكثر من 2000 عارض من 140 دولة، فيما استقطب المعرض نحو 35 ألف زائر مهني، مع إبرام اتفاقيات تفوق قيمتها 44 مليار دولار، وهو ما يعكس ثقل هذه الطبعة وأبعادها الاقتصادية.
ويعد تنظيم الجزائر للمعرض اعترافا جديدا بمكانتها الاقتصادية ويؤكد دورها الريادي في تعزيز التكامل القاري، وفرصة سانحة للتنسيق الإفريقي في مواجهة عدد من التحديات التي تعرفها المؤسسات في القارة، بالأخص ما يتعلق بتسهيل تمويل المشاريع، ضمان آليات فعالة لمرافقة المقاولين، تذليل العراقيل اللوجيستية والجمركية لضمان انسيابية المبادلات التجارية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتمكنت الجزائر من جمع زعماء أفارقة لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي الإفريقي، وسعت إلى تذليل العقبات التي تعيق هذا التوجه ما يؤكد أهمية الدور الجزائري كمحرك سياسي واقتصادي في قارة إفريقيا. والذي يتمحور حول إعادة ربط علاقاتها المتميزة مع الدول الإفريقية، بعدما كانت مُهملة في وقتٍ مضى.
إفريقيا هي المستقبل
وفي كلمته لدى افتتاح التظاهرة الإفريقية، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن “إفريقيا هي المستقبل وأن الجزائر ستكون طرفًا فاعلًا في مسعى رفع تحدي التنمية في القارة”، مشددًا على أن الحدث “ليس مجرد تظاهرة اقتصادية، بل هو تجسيد لوعي جماعي نحو بناء قارة متكاملة وقوية”. واعتبر أن تهميش إفريقيا في المؤسسات الاقتصادية الدولية يتناقض مع إمكانياتها الضخمة، فهي تملك 30 بالمائة من الثروات الطبيعية العالمية، وتضم أكثر من 1.5 مليار نسمة يشكلون سوقًا استهلاكية صاعدة.
وشدد الرئيس تبون، خلال الحفل الذي حضره عدد من قادة الدول والحكومات الإفريقية، على ضرورة تجاوز معطلات التعاون البيني الأفريقي وتعزيز البنية التحتية لمنظمة التجارة الأفريقية، وقال: «التبادل البيني في أفريقيا 19 بالمائة وهي نسبة ضعيفة مقارنة مع التبادلات بين الدول الأوروبية التي تصل إلى 60 بالمائة، وحصة أفريقيا في مجموع التجارة الدولية تقدر بنحو ثلاثة في المائة.
وأكد الرئيس أن «حصة أفريقيا من تدفق الاستثمارات لا تتجاوز 94 مليار دولار وهو رقم ضئيل جدا، كما تعاني أفريقيا من فجوة عميقة في البنية التحتية في النقل والاتصالات والتمويل، تصل كلفتها إلى 90 مليار دولار سنويا، وتكلف أفريقيا انخفاضا سنويا بـ22 بالمائة من منتوجها المحلي الإجمالي.
وأجمع محللون وخبراء على الدور الريادي الذي يمكن أن تلعبه الجزائر لتعزيز المبادلات التجارية في إفريقيا ويمكنها بذلك أن تخوض تجربة قيادة المبادرات الاقتصادية المشتركة في إفريقيا، بحكم حماسها الكبير لتنشيط التبادل بين دول إفريقيا، وتفعيل منطقة التجارة الأفريقية الحرة، خاصة مع وجود نظام الدفع البيني والتسويق بين الدول بالعملات المحلية، وهذا عامل مساعدة سوف يضفي دفعا وحافزا لرفع حجم المبادلات التجارية البينية بين بلدان أفريقيا.
إشادة إقليمية ودولية بدور الجزائر
وبرز دور الجزائر من خلال هذه الطبعة الناجحة التي وضعت نفسها كمنصة اقتصادية قارّية وجسرًا يربط إفريقيا بمحيطها الدولي. بفضل رؤية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التي ترمي إلى تحقيق التكامل الأفريقي عبر مشاريع هيكلية تشكل فرصة لإعادة إفريقيا إلى مركز الحسابات العالمية، وإبراز الجزائر كفاعل محوري في مسار التكامل القاري وبناء إفريقيا قوية وموحدة.
وبهذا الخصوص، أشاد رئيس مجلس الأمة، عزوز ناصري، بـ “الدور الكبير” الذي بذلته السلطات العليا في البلاد من أجل إنجاح الطبعة الرابعة من المعرض الإفريقي للتجارة البينية، وأضاف: “هذا النجاح الرائع يدل على الإرادة السياسية القوية للسلطات العليا في الجزائر وعلى رأسها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون”. وقال بأن نجاح معرض التجارة البينية الإفريقية سيكون له أثر إيجابي على الجزائر وعلى قارة إفريقيا.
ونال الدور الجزائري إشادة واسعة من القادة الأفارقة، فقد وصف الرئيس الأسبق للنيجر محمد إيسوفو الجزائر بأنها “دولة محورية للتكامل الاقتصادي و الانفتاح”، معتبرًا أنها اليوم ثالث أقوى اقتصاد قارّي. من جانبه، أكد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أن المعرض “استراتيجي ويأتي في الوقت المناسب”، لكونه منصة لدفع أجندة 2063 وتحويل إفريقيا من مصدر للمواد الخام إلى فضاء للتصنيع والابتكار.
من جانبها أكدت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر، إليزابيث مور أوبين، أن معرض التجارة البينية الإفريقية 2025، كان “ناجحًا جدًا”، مبرزة أنه يُعد المعرض الرائد للتجارة والاستثمار في القارة الإفريقية. وأوضحت السفيرة في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، أنها تباحثت مع مسؤولين ورجال أعمال «مستقبل إفريقيا الاقتصادي المشرق“.
كما توجهت بالشكر إلى “الحكومة الجزائرية، وبنك آفريكسيم، والاتحاد الإفريقي، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وجميع منظمي هذه المبادرة المهمة”، مؤكدة أن مثل هذه التظاهرات تفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي وتدعم فرص الاستثمار بين إفريقيا وبقية العالم.
ويُبرز تصريح السفيرة الأمريكية حجم النجاح الذي حققته الجزائر من خلال احتضانها الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، حيث تحولت الجزائر العاصمة إلى منصة اقتصادية عالمية جمعت قادة الدول ومسؤولي المؤسسات والشركات الكبرى، وعكست في الوقت ذاته الديناميكية الاقتصادية للقارة.
دور ريادي للجزائر في التكامل الإفريقي
ويؤكد الخبراء على قدرة الجزائر، بفضل موقعها الجغرافي الرابط بين شمال القارة وعمقها الإفريقي، على أن تتحول إلى منصة استراتيجية للتجارة البينية، خاصة مع توفر الموانئ وشبكات الطرق والسكك الحديدية التي يجري تطويرها بوتيرة سريعة، ما يعزز دورها كجسر رئيسي للتكامل الاقتصادي الإفريقي.
ويشير الخبراء إلى الخطوات التي أطلقتها الجزائر في الفترة الأخيرة لتوسيع المبادلات التجارية مع دول القارة الإفريقية، من خلال شروعها في تفعيل ذلك التكامل بطريقة تدريجية جهوياً وإقليمياً، حيث «أقدمت على فتح أسواق في كل من موريتانيا والنيجر، ومناطق للتبادل الحر مع ليبيا بمنطقة الدبداب على وجه التحديد، إضافة إلى إنشاء فروع بنكية في كل من موريتانيا والسنغال».
كما يُجمع الفاعلون الاقتصاديون والخبراء على أنّ نجاح الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية يعكس إرادة إفريقية حقيقية للانتقال من مرحلة المبادرات الفردية إلى مشاريع تكاملية واسعة، قادرة على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الإفريقي. كما يبرز دور الجزائر كفاعل محوري في مسار التكامل القاري.
وتشكل هذه التظاهرة في نظر المتتبعين، اعلانا عن انطلاقة جديدة لإفريقيا واثقة بقدراتها، مدفوعة بإرادة مشتركة لتشييد فضاء اقتصادي متكامل. ومع ما حمله المعرض من رسائل نجاح وفرص واعدة، يتأكد أن القارة تسير بخطى ثابتة نحو بناء مستقبل اقتصادي مزدهر، تكون فيه الجزائر أحد أعمدته الراسخة.
الجزائر قاطرة الاندماج الإفريقي
وتعمل الجزائر على تحقيق الاندماج الإفريقي عبر سلسلة من المشاريع الهيكلية التي ترمي إلى تجسيد التكامل القاري وفق مقاربة استراتيجية ترمي إلى تعزيز البنية التحتية للقارة، وبهذا الخصوص أوضح الرئيس تبون أن الجزائر تواصل تطوير البنية التحتية للنقل باتجاه إفريقيا، ومد السكك الحديدية إلى الجنوب والساحل، وتواصل إنجاز الطريق العابر للصحراء الذي سيربط الجزائر وأغلب الدول الشقيقة، ومشروع أنبوب الغاز الجزائر- نيجيريا الذي سيؤمن الطاقة والتنمية لدول عدة، وإنشاء خمس مناطق للتبادل الحر مع الدول الأفريقية.
وأوضح الرئيس تبون قائلا: «هذا من صميم الجزائر الأفريقية ومستقبلنا في أفريقيا، بعد فترة أدارت الجزائر فيها ظهرها لأفريقيا، نحن نعود الآن إلى عمقنا الأفريقي»، وأعلن في السياق «توفير ثمانية آلاف منحة دراسية للالتحاق بمعاهد الروبوتيك والذكاء الاصطناعي والرياضيات وبـ101 جامعة جزائرية، وقال: «الجزائر كونت منذ الاستقلال 165 ألف إطار إفريقي، نحن نناضل في صمت من أجل إفريقيا، لقد اتخذت الجزائر قبل فترة قرار محو المديونية لـ14 دولة افريقية في صمت وبكل تواضع».
الجزائر تكسب ثقة رجال الأعمال في القارة
وقد نجحت الجزائر من خلال هذه التظاهرة في كسب ثقة المستثمرين الأفارقة الذين انخرطوا ضمن رؤية الجزائر في صنع اقتصاد قاري متكامل. واعتبر مستثمرون ورجال أعمال أفارقة أنّ الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، شكّلت محطة اقتصادية استراتيجية تحمل زخما كبيرا من الفرص الاستثمارية وتتيح بناء شراكات متنوّعة، فضلا عن كونها فضاء لعقد صفقات بسقوف تمويل عالية.
وشدد المستثمرون والمصدرون والمستوردون على أنّ الجزائر، من خلال استضافتها لهذه الطبعة، فتحت أمامهم آفاقا أوسع لبناء جسور تعاون حقيقية. وأوضحوا أن تعدد الفعاليات الاقتصادية والتجارية، إلى جانب تخصيص منصات لرواد الأعمال الشباب، جعل من الحدث تجربة نوعية تختلف عن الطبعات السابقة.
الشركات الجزائرية تقتحم الأسواق الإفريقية
وتمكنت عديد الشركات الجزائرية من اقتطاع حصص في الأسواق الأفريقية من خلال إبرام صفقات هامة للتصدير والاستثمار والشراكة، وهو ما يبرز التنافسية الكبيرة التي تتمتع بها المنتوجات الجزائرية التي تمتلك أفضلية تنافسية كبيرة من ناحية إنتاج بتكلفة منخفضة، نظرا لتوفر اليد العاملة المؤهلة والموارد الأولية، بالإضافة للدعم الحكومي في مجال النقل بقيمة 50 بالمائة.
وقد عرف معرض التجارة البينية الإفريقية توقيع سلسلة من الاتفاقيات التجارية والصناعية مؤخرا في مختلف القطاعات ، وهو ما يعكس الديناميكية المتنامية للصناعة الوطنية ورغبة الجزائر في تثبيت حضورها كفاعل رئيسي في السوق القارية. ويعكس طموح الجزائر في تعزيز التكامل الاقتصادي جنوب–جنوب وترسيخ سمعة منتوجها الصناعي في الأسواق الإقليمية. وتكشف هذه الاتفاقيات إرادة الجزائر في اقتحام الأسواق الإفريقية واقتطاع حصص هامة كانت حكرا على الشركات الأجنبية والتي كانت تستنزف اقتصادات القارة مقابل سلع ذات جودة أقل من تلك المسوقة في أوروبا، كما تعكس ثقة الشركاء الإقليميين والدوليين في قدرة المؤسسات الجزائرية، سواء العمومية أو الناشئة، على الالتزام بالمعايير العالمية وتلبية حاجيات الأسواق الإفريقية.
وبرأي مراقبين، فإن ما تحقق في معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر يثبت أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو بناء قاعدة صناعية متينة تؤهلها لتكون قطبًا اقتصاديًا إقليميًا. فاختراق أسواق كبرى مثل نيجيريا وتوسيع الحضور في أسواق واعدة بتونس وتشاد وجنوب إفريقيا يشكل رسالة واضحة مفادها أن الصناعة الجزائرية لم تعد مجرد مشروع داخلي، بل أصبحت خيارًا استراتيجيًا لبناء مكانة إقليمية تعزز التعاون الإفريقي وترسخ مبدأ الشراكة جنوب–جنوب.
ع سمير

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com