أكد أنيس الجزيري، رئيس مجلس الأعمال التونسي الإفريقي، أنّ مشاركة تونس في الدورة الرابعة للمعرض الإفريقي للتجارة البينية بالجزائر شكّلت محطة بارزة في مسار انفتاحها نحو القارة الإفريقية، سواء من حيث حجم الحضور الرسمي أو من حيث النتائج العملية التي أفرزتها اللقاءات والاتفاقيات الموقعة على هامش الحدث.
وأوضح الجزيري أنّ هذا المجلس، باعتباره منظمة وطنية تونسية، يعمل منذ تأسيسه على مرافقة المؤسسات التونسية ورجال الأعمال في مساعيهم للتوجه نحو الأسواق الإفريقية، مضيفًا أن المشاركة في المعرض لم تكن جديدة، إذ سبق لتونس أن حضرت مختلف الدورات السابقة التي نظمت في مصر وجنوب إفريقيا. غير أنّ دورة الجزائر تميّزت – بحسبه – بمستوى التنظيم العالي والزخم الكبير الذي رافقها، سواء من حيث الحضور الرسمي أو من حيث حجم الوفود الاقتصادية الإفريقية والعربية.
وأشار إلى أنّ تونس حضرت بوفد وازن ضم أكثر من 25 مؤسسة عارضة وما يقارب 200 مشارك تونسي، إلى جانب شخصيات رسمية بارزة من بينها رئيسة الحكومة، وزيرة الصناعة، وزير التجارة، والرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات، فضلًا عن مسؤولي هيئات الاستثمار، ما يعكس – على حد قوله – جدية التوجه التونسي نحو تعميق روابطه الاقتصادية مع إفريقيا.
وفي هذا السياق، أبرز الجزيري أهمية الاتفاقيات التي وقعتها تونس خلال المعرض، والتي شملت عدة مجالات استراتيجية مثل تعزيز التعاون البنكي والمالي مع مؤسسات إفريقية، وتطوير شراكات في مجالات الصناعة الدوائية، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة. واعتبر أنّ هذه الاتفاقيات ليست مجرد تفاهمات ثنائية، بل هي خطوات عملية لترجمة رؤية تونس في الاندماج الأعمق مع الاقتصاد الإفريقي.
كما لفت إلى أنّ ضعف التجارة البينية الإفريقية، التي لا تتجاوز 16 إلى 17 بالمائة مقارنة بنسبة تتخطى 66 بالمائة داخل الاتحاد الأوروبي، يطرح تحديًا كبيرًا لكنه في الوقت ذاته يفتح فرصًا هائلة أمام تونس والجزائر للعمل معًا. وقال في هذا الصدد: “اليوم لا يمكن الحديث عن انفتاح تونس على إفريقيا بمعزل عن الجزائر، التي باتت بفضل حدودها الواسعة وعلاقاتها المتينة مع دول جنوب الصحراء، البوابة الطبيعية لتوسيع التعاون الثلاثي: تونسي-جزائري-إفريقي”.
وأضاف أنّ وجود البنوك الجزائرية في عدد من الدول الإفريقية جنوب الصحراء يشكّل عنصر دعم إضافي للمؤسسات التونسية الراغبة في التوسع داخل القارة، خاصة وأن الصناعة التونسية متقدمة وتملك قدرة تنافسية عالية. وأكد أن هناك توافقًا متزايدًا بين القطاع الخاص والمجتمع المدني في تونس على ضرورة استغلال هذه الديناميكية الجزائرية-الإفريقية لخلق شراكات جديدة تؤسس لانطلاقة فعلية نحو الأسواق الناشئة. وفي تقييمه لتجربة الجزائر في تنظيم هذا الحدث، أثنى الجزيري على المستوى الاحترافي الذي طبع جميع الجوانب التنظيمية واللوجستية والأمنية، مشيدًا كذلك بالتغطية الإعلامية الواسعة التي حظي بها المعرض على المستويين الإفريقي والدولي. واعتبر أنّ نجاح الجزائر في استضافة هذا الحدث يعكس مكانتها كفاعل محوري في الدفع بالتكامل الاقتصادي القاري.
وفي سياق ذي صلة، أشار ذات المتحدث أن تونس اتخذت في السنوات الأخيرة قرارًا استراتيجيا بالانفتاح على إفريقيا، حيث شهدت صادراتها نحو بلدان جنوب الصحراء منذ 2015 تضاعفا بما يقارب ثلاثين مرة، ما يعكس – برأيه – جدية هذا التوجه، مؤكدا أن السنوات المقبلة ستشهد ترجمة أوضح لهذه الديناميكية من خلال مزيد من الاتفاقيات، والشراكات الثنائية والثلاثية، بما يكرس دور تونس كفاعل اقتصادي إقليمي، ويعزز في الوقت ذاته أهداف التكامل الإفريقي.
حاوره: عبد الحكيم أسابع
