
استطاعت مؤسسة “بلانتا بيوتيك” المختصة في صناعة الأسمدة الطبيعية الوصول إلى توفير مخصبات ومبيدات بيولوجية محلية بنسبة إدماج كاملة بالاعتماد على تكنولوجيات حيوية حديثة وحلول ابتكارية، حيث دخلت سوق الإنتاج الفلاحي بمجموعة شاملة من المنتجات بعدما أنشئت في إطار نقل التكنولوجيا بمرافقة من الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتنمية التكنولوجية “أنفروديت”، في حين يعتمد القائمون عليها على التبسيط العلمي والتكوين والاختبارات الميدانية في مزارع الفلاحين من أجل توسيع حضورهم في السوق، بعدما أثبتت التحاليل جودة المحاصيل التي اعتمدت على الأسمدة التي توفرها وخلوها من المواد الكيميائية.
وأوضح المدير التنفيذي لمؤسسة “بلانتا بيوتيك”، هشام مسعودي، للنصر في صالون الفلاحة والصناعات الغذائية والتغليف للشرق الجزائري بقسنطينة، أن المؤسسة تعتمد على الابتكار وأنشئت في إطار نقل التكنولوجيا من أوروبا إلى الجزائر بمرافقة من الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث والتنمية التكنولوجية “أنفروديت” داخل الجزائر. وأكد المتحدث، الذي درس في الخارج واشتغل في أوروبا لسنوات قبل أن يقرر نقل التكنولوجيا إلى الجزائر، أن “أنفروديت” رافقت المؤسسة منذ سنة 2012 إلى اليوم، أي إلى أن تحولت “بلانتا بيوتيك” منتجة من خلال الاستثمار الخاص على مستوى وحدتها الإنتاجية في مجانة بولاية برج بوعريريج، فيما أوضح المتحدث أن المؤسسة تصنع أسمدة طبيعية بيولوجية، مشيرا إلى أنها موجهة للفلاحة وتستهدف التقليص من الاعتماد على المبيدات والمواد الكيميائية.
وشرح المصدر نفسه أن عملية التصنيع تعتمد على التكنولوجيات الحيوية الحديثة للمساهمة في تطوير النشاط الفلاحي بطريقة ذكية ومستديمة، حيث أكد لنا أن المؤسسة عضو في برنامج الشراكة في مجال البحث العلمي والابتكار في منطقة البحر الأبيض المتوسط “بريما” وتنشط مع أعضاء آخرين من عدة بلدان متوسطية أوروبية وشمال إفريقية، في حين أضاف أن “بلانتا بيوتيك” تعمل على إنتاج هذه التكنولوجيا في إطار المجموعة التي تعمل بها، كما أوضح أن المؤسسة استحدثت عدة منتجات تعتمد على حلول ابتكارية، مؤكدا أن الابتكار يشمل تقنية التصنيع وتركيبة المنتج في حد ذاتها والتكنولوجيا أيضا.
واعتبر محدثنا أن القائمين على مؤسسة “بلانتا بيوتيك” لا ينظرون إلى مصنعي الأسمدة الطبيعية الأخرى كمنافسين بقدر ما يرونهم شركاء، حيث أكد أن الفلاحة تنطوي على العديد من المشكلات التي تتطلب حلولا، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، في حين قال إن السوق كبير ويكفي الجميع. وتعرض المؤسسة العديد من المنتجات، حيث أوضح أنها قائمة على نوعين من التكنولوجيا؛ تتمثل الأولى في التكنولوجيا الحيوية الفطريةMycorrhizal Biotechnology التي تعتمد على البكتيريا والفطر التجاذري في تصنيع المنتجات. وشرح المتحدث أن البكتيريا تعمل على تثبيت النيتروجين الجوي لتقوم بكتيريا أخرى بإذابة الفوسفور، فيما تعمل الفطريات التجاذرية على دخول جذور النبات وتخلق علاقة تعايش من أجل جعل النبات قويا ورفع جودة الثمار في الظروف المناخية الصعبة.
10 مواد أولية أصبحت تنتج على المستوى المحلي
وتوفر المؤسسة باقتين من المنتجات التي تعتمد على تكنولوجيا الفطر التجاذري، حيث أطلقت تسمية “ريزو كونتاكت” على الباقة الأولى التي تضم منتجين يحتويان على الفطر التجاذري والبكتيريا، حيث أكد المصدر نفسه أن أغلب منتجات المؤسسة مصنعة بنسبة إدماج محلي تصل إلى 100 بالمئة، في حين لا تقل أضعف نسبة إدماج محلي لمنتجات المؤسسة عن 90 بالمئة. ولفت المتحدث إلى أنه استغرق أربع سنوات في البحث عن المادة الأولية لمنتجات المؤسسة في الجزائر قبل الشروع في عملية الإنتاج، حيث أكد أن “بلانتا بيوتيك” حفزت مؤسسات أخرى على إنتاج المواد الأولية التي تحتاجها، مشددا على أن 10 مواد أولية كانت تستورد من الخارج من قبل، أصبحت متوفرة محليا في الوقت الحالي بفضل الإستراتيجية التي اعتمدت عليها المؤسسة. 
وأضاف المصدر نفسه أن المؤسسة فضلت التعامل مع متعاملين محليين أيضا في الحصول على تجهيزات الإنتاج الخاصة بوحدتها الصناعية، في حين تعتمد المؤسسة في جانب آخر على تكنولوجيا المعادن، حيث تصنع من خلالها باقتين من المنتجات، تتمثل في الفوسفونات الذي يضم منتج “ريزوفوس”، وهو عبارة عن فوسفور طبيعي في شكل حبيبات، ومنتج “باكتوفور” المتمثل في فوسفور طبيعي مزود ببكتيريا تعمل على إذابته، بالإضافة إلى العناصر الكبرى والصغرى الطبيعية.
وتقترح المؤسسة أيضا منتجا آخر أطلقت عليه تسمية “ليكوصول”، حيث يأتي في شكل سائل ويستعمل للرش أو السقي، حيث أوضح المتحدث أنه عبارة عن مادة عضوية معدنية، في حين تأتي بعض المنتجات الأخرى في شكل هلام طبيعي لحماية الجذور وتنشيطها، بالإضافة إلى مبيد طبيعي آخر سمي بـ”تريبيوسيد” يعمل على القضاء على المخاطر المهددة للنباتات، مثل العث، فضلا عن أنه يعوض المبيدات الكيميائية.
وتصل الطاقة الإنتاجية للمؤسسة إلى 250 طنا من المواد الصلبة، بالإضافة إلى 20 ألف لتر في السنة من المنتجات السائلة، حيث أوضح محدثنا أنها مرشحة للزيادة خلال السنوات القادمة. أما بخصوص التوجه للتصدير، فقد شرح لنا المتحدث أن الفطر التجاذري الذي تعتمد عليه المؤسسة جزائري، حيث تم تعريفه وعزله من قبل “بلانتا بيوتيك” لذلك لا يمكن تصديره لبيئات ذات مناخ مختلف، في حين يمكن للمؤسسة أن تصنع لفائدة شركاء من دول أخرى من خلال الحصول على الفطر التجاذري الخاص بهم ومعالجته ثم إعادة تصديره إليهم، كما نبه أن الأولوية في الوقت الحالي لتوفير المنتجات للسوق المحلية.
المحاصيل المعالجة بأسمدة “بلانتا بيوتيك” تحفظ لمدة أطول
وذكر المتحدث أن المؤسسة بصدد بناء السوق الخاص بها على المستوى الوطني، خصوصا أن هذه المنتجات الابتكارية جديدة بالنسبة للفلاحين، لذلك تعتمد “بلانتا بيوتيك” على التبسيط العلمي والدورات التكوينية والاختبارات لدى الفلاحين، ثم التوجه إلى التسويق، مشيرا إلى أن المؤسسة لا تعتمد على الإشهار، وإنما التبسيط العلمي حتى يفهم الفلاح الغاية من المنتج وفعاليته ليشاهد أثرها بشكل واقعي من خلال الاختبارات الميدانية. واعتمدت المؤسسة على مزارع تجريبية لإثبات فعالية المنتج، حيث أوضح محدثنا أن الاختبارات أجريت لدى فلاحين تتعامل معهم المؤسسة أو في إطار التعاون مع الغرف الفلاحية.
وأبرز المتحدث أن الميزة التنافسية للأسمدة الطبيعية البيولوجية للمؤسسة تكمن في الوصول إلى إنتاج عالي الجودة مع المحافظة على المردود الجيد، كما يمكن أن يرتفع المردود أيضا، في حين نبه أن “بلانتا بيوتيك” ليست مؤسسة منتجة للأسمدة العضوية فقط، وإنما تحوز أيضا مختبرا لمراقبة الجودة والبحث والتطوير، حيث تقدم خدمات المرافقة للفلاحين، شارحا في رده على سؤالنا حول ملاءمة المنتجات التي تعتمد على الأسمدة الطبيعية لعملية التصدير، بأن شروط قبول المنتج، التي قد تختلف من بلد لآخر، قد تشمل قيودا على استعمال بعض المبيدات والمواد الكيميائية في التربة أو النبات بحد ذاته، لذلك يمكن لـ”بلانتا بيوتيك” توفير المرافقة عبر جميع مراحل الإنتاج انطلاقا من زراعة تطهيرية للتربة.
وذكر المصدر نفسه أن منتجات الفطر التجاذري تعمل على تنظيف التربة من المعادن الثقيلة وغيرها من المواد الكيميائية، فيما أكد أن المرافقة تتم ضمن برنامج شامل للعملية الإنتاجية برمتها، بما يشمل تخصيب التربة والمعالجة الوقائية والعلاجية، مشددا على أن الخضر والفواكه المنتجة بالاعتماد على تكنولوجيا الفطر التجاذري تحفظ لمدة أطول في الظروف العادية خارج غرف التبريد، كما أكد أن نتائج تحاليل المنتجات التي اعتمدت على منتجات “بلانتا بيوتيك” أثبتت عدم وجود أي آثار للمبيدات أو المواد الكيميائية.
سامي حباطي