السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

مديحُ الموت

سليم بوفنداسة

لا تحتاجُ نوال السعداوي إلى من يدافع عنها اليوم، فقد فعلت ذلك بنفسها في حياتها المديدة، وتعكس محاولات تسفيهها ومهاجمتها بمناسبة الموت حالة الوضع الثقافي والاجتماعي لما يُسمى بالعالم العربي، حيثُ تتزايد النزعات البدائيّة و تتراجع "القيّم" الحديثة التي تمّ استدخالها فيما تمّ استدخاله في مجتمعاتٍ لم تتطوّر بشكلٍ طبيعيّ وتاهت في منعطفات مُظلمة للتاريخ.
و تُضاف إلى هذا الوضع حالة الهستيريا التي تغذّيها مواقع التواصل الاجتماعيّ، بين "النّخب" والجماهير على حدّ سواء، من خلال السّعي للظّهور على هذا المسرح باستدعاء الإثارة توسّلا لردود الفعل، ويلتقي في ذلك "المُحتفون" بالكاتبة
بهدف الاستفزاز، والمُستَفزّون الذين استغلوا الفرصة لشتمها.
 وفي الحالتين فإنّنا أمام استغلال مشؤوم للموت، يكشف عن وجه انتهازي للمثقّف والمواطن المُهستر الذي زادته الميديا الجديدة هسترةً.
ويقدّم التعاطي مع الموت، على هذا النّحو، مادة دراسة هامّة للمشتغلين في الحقل النفسيّ وللمهتمّين بدراسة "العقل" العربيّ، خصوصاً وأنّ ظاهرة التشفّي في الموتى وشتمهم تتكرّر باستمرار مع مشاهير الأدب والفنّ، وتحيل إلى جانب عدم احترام الحياة والإنسان، إلى رغباتٍ مكبوتةٍ في ممارسة العنف في شكله الأقصى، فالفرح بموت شخصٍ ما هو في نهاية المطاف تعبير عن الارتيّاح لتحقيق الرّغبة في قتله، بشكل رمزي يأخذ فيه الفرح بالموت مكان فعل القتل!
اختارت نوال السعداوي، أن يدفنها أبناؤها وبعض الأقارب فقط لا غير، وفق ما نشر عن وصيّتها، وفي ذلك رسالة قد تُترجم تعفّف كاتبة مناضلة وقد تعكس خيبة عميقة من العمل العامّ الذي انصرفت له طيلة حياتها، ودفعت الثمن بالفصل من الوظيفة والسّجن قبل ظهور موضة التكفير بوقتٍ طويلٍ.
و ترجع شهرة الكاتبة والعواصف التي أثارتها لعدة عقودٍ، دون شكّ، إلى نضالها من أجل المرأة ونشاطها السيّاسي، وليس إلى إبداعها الأدبي في مجتمعات شفويّة  لا يمكن الحديث فيها عن تأثير الكتابة والأدب، لذلك فإنّ كلّ ما يُثار بشأنها يعود إما إلى تصريحاتها الصحفيّة أو ما يُقال عنها من طرف خصوم ومناوئين.
 وقد يكتفي المناوئ في بناء مرافعته على جُمل مقتطفة من البساتين المتاحة، قبل أن يُطلق كلماته التي أصبحت تستدعي الموت وتمتدحه في مناقشة القضايا الخلافيّة.

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com