الجمعة 2 ماي 2025 الموافق لـ 4 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر لمقاطع من روايتها "هواريّة" رأى فيها ناشروها بذاءة لا تليق بالأدب وفق تصوّرهم، واستغربوا كيف فازت الرواية بجائزة آسيا جبار، وربما كانت الجائزة هي السبب الظّاهر والخفيّ للنّهش الالكتروني الذي تعرّضت له.

والمثير في الحكاية أنّ منتسبين إلى الحقلين الأدبي و الأكاديمي انخرطوا في الحملة بشعارات دينيّة وأخلاقيّة تُحيل إلى مشكلة في تعريف الأدب وفهمه بين بعض الذين يقدّمون أنفسهم كمُمارسين له، وهذه الظاهرة ليست جديدة، بل رافقت الأدب الجزائري المكتوب بالعربيّة منذ التأسيس، وأتاحت لها اليوم مواقع التواصل فرصة الانتشار الواسع، بعدما كانت تنحصر في فضاءات صغيرة كالملتقيات والأمسيات الأدبيّة والمقالات الصحافيّة، حيث تتم محاكمة نصوص أدبيّة و أصحابها بأدوات الواقع وبمقاييس دينيّة وأخلاقيّة، ما يكشف عن فقرٍ في مستويات القراءة، بل عن سوء تلقٍّ للآداب والفنون عامّة، بسبب سيطرة ثقافة تقليديّة بين "القراء" الذين لا يستمتعون بالأثر الفنيّ، بل يفتّشون في ثناياه عن دليل إدانة صاحبه.
ورأينا كيف انتهت محاكمات من هذا النوع بتصفيّة كتّاب في سنوات الإرهاب.. واستمر نفس السلوك من خلال استهداف كتاب وفنانين في وسائل إعلام وعلى شبكات التواصل، وتخريب تماثيل، بنفس الدوافع الأخلاقيّة التي تخفي مشكلة جنسيّة عويصة، يقلّ الحديث عنها علنًا باعتبارها من الطابوهات، وتحتاج إلى دراساتٍ جادة، فالبحث عن عباراتٍ أو لقطاتٍ ذات إيحاء جنسي في عملٍ روائيّ أو سينمائيّ أو تشكيليّ، قد تكشف عن أزمة لدى الباحث، وليس في العمل المبحوث فيه!
كما قد تخفي الخطابات الطهرانيّة عكس ما تظهره تمَامًا، لأنّها ببساطة ليست سوى ميكانيزمات دفاعيّة تحجب مكبوتات ورغبات غير مُشبعة.
ما حدث لإنعام بيوض ولكثير من الكتّاب، قبلها، يطرح الكثير من الأسئلة حول تدريس الآداب والفنون، وحول المعالجات الإعلاميّة للمواضيع الثقافية، فحريّة النّقد وإبداء الرأي في الأعمال الأدبيّة يجب ألا تمسّ بحرية الإبداع أو تتحوّل إلى عمليات تحريض وتشهير واعتداء، كما أن ترقيّة الذوق الفني تستدعي "تصويبات" من أهل المعرفة، حتى لا يضطر الروائيّ، مثلا، إلى تعريف الرواية وتقديم البراهين على براءته ممّا اقترفت شخوص رواياته.
فالرواية، هي عنوان عصرنا ونشيد المدنيّة الحديثة وقد يكون سوء التعاطي معها، مؤشرا على صعوباتٍ في دخول العصر.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com