كتب المنتخب الوطني لكرة السلة صفحة جديدة في سجله، من خلال التتويج بلقب البطولة العربية في نسختها 30، التي أقيمت بالعاصمة البحرينية المنامة، لأن هذا الانجاز جاء ليواكب التغيير الذي طرأ على منظومة «الكرة البرتقالية» على الصعيد الوطني، بعد انتخاب رئيس جديد للاتحادية، وما أعقب ذلك من «ثورة» على المنتخب، بإسناد العارضة الفنية لعلي بوزيان، والذي كانت خطوته الميدانية الأولى تغيير جذري وشامل في التعداد، والتوجه نحو التشبيب، لتكون أولى ثمار هذه «الاستراتيجية» عودة المنتخب الوطني إلى منصة التتويج، وإحراز لقب عربي، وهو ما يمكنه اعتباره بمثابة مؤشر على انتفاضة «السلة» الجزائرية، تمهيدا لعودة قوية إلى الواجهة على الصعيد الإفريقي.
وكانت النسخة 26 للبطولة العربية، محطة للوقوف على ميلاد جيل جديد يشكل تركيبة المنتخب الوطني لكرة السلة، لأن التقني الفرانكو ـ جزائري علي بوزيان، وعند موافقته على تحمل مسؤولية قيادة المنتخب في مارس 2025، عمد إلى القيام بثورة شاملة، تجسدت في المراهنة على عناصر شابة، لا تتجاوز من العمر 23 سنة، في مخطط كان «مغامرة» غير محمودة العواقب، لكن الواقع الذي كان يعيشه المنتخب جعل تلك الخطوة حتمية، ولو أنها جريئة، ورسمت ميدانيا المعالم الأولية لسياسة العمل التي سطرها الناخب الوطني الجديد، خاصة وأن السلة الجزائرية تراجعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بدليل أنها لم تتمكن من ضمان المشاركة في آخر نسختين من كأس أمم إفريقيا في دورتي 2017 و2021، والظهور الأخير في «الكان» لم يكن موفقا، في طبعة 2015، لما أنهى المنافسة في المركز السادس، إثر الإقصاء من ربع النهائي أمام السنغال، وعليه فإن رياح التغيير التي هبت على بيت «الكرة البرتقالية» الجزائرية حملت معها الجديد، لأن الرئيس الجديد للاتحادية مهدي أوصيف، المنتخب في ديسمبر 2024 خلفا لرابح بوعريفي، الذي كان قد شغل رئاسة الاتحاد لعهدتين متتاليتين، كان قد اضطر إلى الاستعانة بخبرته الميدانية كلاعب سابق في هذا الاختصاص لإجراء عملية تشريح، ومعرفته بخبايا المحيط ساعدته على تشخيص سليم للوضعية، كان نقطة الانطلاق لمسيرته كمسؤول أول في الاتحادية، وتركيزه كان على إعادة هيكلة المنتخب الوطني، لأن «السلة» الجزائرية ظلت غائبة عن الساحة القارية لفترة قاربت عشرية من الزمن.
تفاؤل بشأن الرهانات القارية المستقبلية
ورغم قصر المدة، إلا أن علي بوزيان نجح في رفع التحدي، وسياسته في بناء منتخب جديد انطلقت من نقطة الصفر، بالاعتماد على عناصر شابة، في صورة القائد سفيان بريكي، وكذا نذير لبويزة، محمد بن صالح، السعيد بن زعيم وغيرهم، فكانت الخرجة الرسمية الأولى للنخبة الوطنية بتركيبتها الجديدة دورة البطولة العربية بالعاصمة البحرينية المنامة، أين بصم الخماسي الجزائري على أفضل ظهور له، ونجح في سرقة الأضواء، وضمان التتويج باللقب العربي، بعد السير بريتم منتظم، على وقع «ديناميكية» الانتصارات المتتالية، مع تقديم مستوى يؤكد قدرة النخبة الجزائرية على التعامل مع مختلف الوضعيات الصعبة، خاصة منها قلب الموازين، والعودة من بعيد في المباريات، على امتداد الأشواط، و»السيناريو» الذي سارت على وقعه مقابلة ترسيم التتويج كان «دراماتيكيا»، لأن الثواني الأخيرة عرفت إهدار «الخضر» رميتين حرتين، نفذهما بن صالح، لكن العناصر الوطنية عرفت كيف تتدارك الوضع بسرعة البرق، فتمكنت من إبطال مفعول المرتدة الهجومية المعاكسة للمنتخب البحريني، لتحافظ بذلك على فارق السلة، والذي كان وزنه ضمان اللقب العربي قبل جولة من إسدال الستار على المنافسة.
هذا الإنجاز هو الثاني في سجل «السلة الجزائرية» في تاريخ مشاركاتها في البطولة العربية، لأن المنتخب الوطني سبق له وأن أحرز التاج العربي في دورة 2005 بالسعودية، مقابل احتلاله الوصافة في 5 مناسبات أخرى، الأمر الذي مكنه من تحقيق قفزة عملاقة في سجل المنافسة، وذلك بالارتقاء إلى الصف الثالث في اللائحة العربية خلف منتخبي مصر وتونس، ولو أن محطة المنامة تبقى من أهم المنعرجات في مسار «البرتقالية» الجزائرية، لأنها جاءت بعد فراغ رهيب مرت به النخبة الوطنية، أصبحت خلاله غير قادرة على ضمان التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا، لكن بوادر الأمل لاحت في الأفق، بعد النجاح في اعتلاء منصة التتويج في الطبعة 26 للبطولة العربية، على حساب منتخب تونس، حامل اللقب القاري 3 مرات، منها آخر دورتين، في سنتي 2017 و2021، إضافة إلى المنتخب المصري، صاحب الألقاب القارية الخمسة، والذي يعتبر المنتخب الأكثر تتويجا بالذهب في البطولة العربية، بعد إحرازه اللقب 13 مرة.
ولعل ما يبعث الكثير من التفاؤل في قلوب الجزائريين بخصوص مستقبل منتخب كرة السلة، ومدى قدرته على العودة إلى الواجهة قاريا، تركيبته الواعدة، والتي تتشكل من عناصر شابة، فضلا عن اللمسة الواضحة التي وضعها المدرب علي بوزيان على المجموعة، والتي تجلت في الانضباط التكتيكي الكبير، وكذا الحضور الذهني القوي أثناء المباريات، وهي مكاسب تبقى بحاجة إلى تثمين، ويمكن اعتبارها نقاط قوة لبناء منتخب مستقبلي، لأن «السلة الجزائرية» فقدت هيبتها على مدار قرابة عشرية من الزمن، وسجلها ظل منحصرا في لقب وحيد للبطولة العربية، مقابل ميدالية فضية وأخرى برونزية في تاريخ مشاركاتها في نهائيات كأس أمم إفريقيا على امتداد 16 نسخة، والغياب عن دورة أنغولا 2025، التي ستنطلق بعد 10 أيام كان من عواقب فترة الفراغ التي عاشت على وقعها، بعد التأهل إلى «الكان» في 3 نسخ متتالية، ولو أن أفضل إنجاز في تاريخ «البرتقالية» الجزائرية يبقى المشاركة التاريخية في بطولة العالم، خلال دورة 2022، حيث أنهى الخماسي الوطني المونديال في المركز 15، وسجله القاري يبقى خاليا من الألقاب، على أمل نجاح الجيل الجديد في ترجمة «الانتفاضة» التي بصم عليها عربيا، من خلال إحراز أول لقب إفريقي.
صالح فرطــاس
رئيس الجهورية هنأ الأبطال
الجزائر تعتلي عرش كرة السلة العربية بمنتخب شاب
تُوّج سهرة الجمعة، المنتخب الوطني لكرة السلة، بلقب البطولة العربية التي احتضنتها مملكة البحرين واختتمت أمس، وذلك عقب فوزه المثير والمستحق على المنتخب البحريني بنتيجة 70 مقابل 69، لتستعيد بذلك السلة الجزائرية تاج البطولة العربية إلى خزائنها، بعد غياب دام عقدين كاملين، حيث كان آخر تتويج في نسخة 2005 بالمملكة العربية السعودية. وهنأ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون المنتخب الوطني لكرة السلة في منشور على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، وجاء في نص التهنئة: "تهانينا الخالصة لفريقنا الوطني على فوزه بالبطولة العربية لكرة السلة في دولة البحرين الشقيقة..أهنئ اللاعبين و الطاقم التدريبي والطاقم التقني.. شكرا للجميع على هذا الإنجاز الذي لم تتحصل عليه بلادنا منذ 20 سنة..مع تمنياتي الخالصة لكم بتحقيق إنجازات أخرى إن شاء الله". وكان تتويج المنتخب الوطني مستحقا، حيث تمكن أشبال علي بوزيان من الفوز بخمس مباريات (قبل مواجهة منتخب مصر التي فاز بها أيضا بنتيجة 78-70) مكرسين بذلك سيطرتهم على المنافسات، وبدأ المنتخب البطولة بانتصار في الجولة الافتتاحية أمام المنتخب التونسي بنتيجة 86-81، وهو الانجاز الذي عبد طريق التتويج على اعتبار أن المنتخب التونسي يعد أقوى المنتخبات المشاركة، ليحقق بعدها المنتخب فوزا عريضا على خصمه الإماراتي ب99 إصابة مقابل61، وبنتيجة مقاربة تمكن زملاء القائد بريقي سفيان من التغلب على المنتخب القطري بنتيجة 92 هدفا مقابل66، ليؤكد بعدها المنتخب سلسلة انتصاراته في المقابلة الرابعة، حين حقق انتصارا آخر على الكويت بنتيجة 86-74، قبل أن يحقق المنتخب فوزه الخامس على البحرين أول أمس، ويترسم التتويج باللقب العربي، الذي اعتبره الكثير من أهل الاختصاص بمثابة ميلاد جديد لمنتخب جزائري قوي، معدل عمره لا يتجاوز 23 سنة، لم يمر على تشكيله سوى شهرين. وعقب المباراة، عبر الناخب الوطني علي بوزيان عن سعادته الكبيرة باللقب، مرجعا ذلك إلى جودة تحضيرات المنتخب الوطني طوال الأسابيع التي سبقت البطولة، ما مكن الخضر من تحقيق اللقب. كما أشاد الناخب الوطني الذي كان من المساهمين في لقب عام 2005، عندما كان لاعبا دوليا، بالشخصية الكبيرة التي تمتع بها اللاعبون مستشهدا ب"الريمونتادا" أمام البحرين تحديدا، حيث تمكنوا من العودة في أجواء المباراة بعد التأخر بثلاثة عشر نقطة كاملة. من جهته، عبّر رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة السلة مهدي أوصيف عن سعادته الكبيرة بالتتويج العربي، مؤكدًا أن التوفيق كان حليف الفريق بعد عمل كبير وتحضيرات جادة، وقال في تصريحه: الحمد لله وفقنا وفزنا بالبطولة، اللاعبون قدموا أداءً جبارًا واستحقوا هذا التتويج بعد فوزهم في جميع المباريات، لقد قمنا بتجديد التعداد بنسبة تقارب 100 %، وكل العناصر شابة وأعمارهم لا تزيد عن 23 سنة. هذه البطولة كانت محطة أولى في مشروع بناء جيل جديد من اللاعبين القادرين على المنافسة في المحافل القارية والعربية لمدة عشر سنوات قادمة، ونعتبر هذا التتويج بداية مشوار واعد لهذا المنتخب الشاب". وما زاد في حلاوة انجاز أشبال المدرب بوزيان، أن هذا التتويج تحقق بعد شهرين فقط من تكوين نواة المنتخب الحالي، والذي كان يعاني قبلها من عديد المشاكل التي سهر كل من رئيس الاتحادية مهدي أوصيف و الناخب الوطني علي بوزيان على حلها، وهو ما تكلل تتويجا بلقب يعتبر الثاني من نوعه في تاريخ السلة الجزائرية بعد التتويج الأول على الأراضي السعودية في نسخة 2005، والتي حققها آنذاك الناخب الوطني علي بوزيان لكن كلاعب. عصام يحيوش