سجلت محافظة الغابات بقسنطينة تراجعا كبيرا في جرائم الاعتداء على الغطاء النباتي عبر تراب الولاية إثر تطبيق القوانين الردعية في السنوات الأخيرة، فيما يتم تنظيم أزيد من 120 خرجة أسبوعيا لمنع التجاوزات لاسيما فيما يتعلق بالتفحيم وخرق قرار منع التجوال الصادر مطلع الشهر الجاري، في حين تمت مراسلة مراكز الردم التقني من أجل حرث محيط -المفارغ وقاية من حرائق قد تمتد إلى المحيط الغابي.
وأفاد المكلف بالإعلام بالمحافظة الولائية للغابات زغرور علي، بأنه وفي ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تشهدها البلاد وما تفرضه من تهديدات متزايدة على النظم البيئية والغابية، فقد أطلقت ولاية قسنطينة موسم مكافحة حرائق الغابات لسنة 2025 بإجراءات ميدانية وتنظيمية محكمة جمعت ،مثلما أكد، بين التحضير اللوجستيكي والردع القانوني والتوعية المجتمعية، حيث تجندت مختلف المصالح المعنية، تحت إشراف مباشر من والي الولاية، لتأمين مساحات الغطاء النباتي ومواجهة المخاطر الموسمية المحتملة وفق مقاربة استباقية يتم تطبيقها منذ ثلاث سنوات.
وأبرز السيد زغرور، بأنه تم الحفاظ على سبع نقاط مراقبة رئيسية تشكل الخطوط الأمامية للإنذار والتدخل وهي شطابة، الجباس، الكنتور، شغرف، بن يعقوب، الهرية، ومستاوة ،دون إحداث أي تغيير على تموضعها الاستراتيجي، وإلى جانبها فُعلت نقاط إضافية تراقب عبر دوريات راكبة تغطي نقطتين والتي تشهد كثافة في حركة المركبات، أما مراكز المراقبة المتقدمة فهي في ذراع الناقة شغرف ونقاط أخرى إذ تشكل نقطة ارتكاز لوجستية في غاية الأهمية ضمن الخطة الولائية في حين توجد 7 أبراج مراقبة ويتعلق الأمر بشطابة الجباس الكنتور، كاف لكحل ، مستاوة، بوزنزم ببلدية ابن باديس التي تتوفر على غطاء غابي يزيد عن 7700 هكتار.
وضمن المجهودات النوعية لهذا الموسم، فقد تم ،وفق المكلف بالإعلام، تعزيز القدرات اللاسلكية عبر استحداث محطة إذاعية لاسلكية جديدة في منطقة الهرية وذلك بهدف تحسين الاتصال والتنسيق الميداني، لاسيما في المناطق ذات التغطية الضعيفة وذلك استجابة لتعليمات السلطة الولائية في هذا الشأن، مشيرا إلى رفع وتيرة العمل الميداني من خلال تكثيف حملات التحسيس، بتنظيم أنشطة توعوية ومسيرات تنظيف في الغابات والمساحات المصنفة حساسة في خطوة تهدف إلى ترسيخ ثقافة بيئية لدى المواطنين وتحذيرهم من مغبة التهاون أمام خطر الحرائق.
واللافت هذا العام، مثلما أبرز الإطار بمحافظة الغابات، هو التفاعل المؤسسي الواسع مع التعليمات الوزارية الخاصة بجمع وإزالة النفايات داخل الغابات مع وضع لافتات وإعلانات تحسيسية وسط الغابات، فضلا عن فرض حظر صارم على الشواء أو الرمي العشوائي داخل المحيط الغابي، وقد جرى تفعيل الرقم الأخضر لتسهيل التبليغ عن أي مخالفات محتملة بالتوازي مع نشر فرق المراقبة بشكل مكثف.
وعلى المستوى الردعي، ذكر المكلف بالإعلام، فإن الخطة الميدانية لهذا الموسم ترتكز على تدخلات يومية مكثفة حيث بلغ عدد الدوريات المشتركة التي تجوب الأقاليم الغابية أكثر من 120 دورية أسبوعيا سواء كانت مختلطة أو من طرف شرطة الغابات أو الدرك الوطني، وقد أسهم هذا الانتشار في كشف ومتابعة عدد من الحالات المخالفة، مشيرا إلى أن فرق المراقبة تطرد بشكل يومي أفرادا وجماعات يحاولون خرق قرار منع التجول بالغابات. وأكد محدثنا، بأن تطبيق أحكام القانون 23/21،الذي يمثل نقلة نوعية في الردع القانوني ضد المتورطين في الجرائم الغابية حيث شدد العقوبات لتصل إلى الحبس في مختلف المخالفات التي تمس بالمساحات الغابية، إذ ساهمت هذه الإجراءات في تسجيل تراجع كبير في هذا النوع من الجرائم على مستوى إقليم ولاية قسنطينة لاسيما في الفترة الأخيرة ومع ذلك لا تزال تسجل من حين لآخر بعض التجاوزات من قبل الزوار غير الملتزمين أو بعض الجمعيات التي تنظم نشاطات في الغابات دون احترام خصوصية المكان أو القوانين المنظمة.
وبالنسبة للنقاط السوداء، فقد أكد، بأنه تمت مراقبة النقاط السوداء والمناطق المصنفة «شديدة الحساسية»، حيث أُعلن منع تام لدخولها خلال هذه الفترة، كما تم إطلاق عملية إحصاء واسعة لتحديد المساحات التي تتطلب دوريات حرث وقائية، بهدف عزل محيط الغابة والحد من انتشار أي حريق محتمل، في حين تمت مراسلة كل مراكز الردم التقني عبر الولاية من أجل حرث محيطها تفاديا لانتقال الشرارات النارية. وأشار محدثنا، إلى أن ما يبعث على الارتياح في الثلاثة المواسم الأخيرة هو الانخفاض الكبير في عدد الحرائق مقارنة بالسنوات السابقة، حيث أن العام الماضي لم تسجل سوى بعض التدخلات البسيطة بينما كان الذي قبله خاليا من أي حريق، وهي نتيجة تعزى إلى الجهد الجماعي الميداني، خاصة في ظل وجود مراكز متقدمة للعمل تعمل بنظام المداومة 24/24 ساعة، مع إقامة دائمة للفرق داخل خيم مجهزة بكل العتاد، وقد تم اختيار هذه المراكز بناء على معيار الارتفاع الجغرافي وتوفر الشبكة اللاسلكية والهاتفية، ما يسهم في الاستجابة السريعة، والتنسيق المحكم، خلال الفترة الممتدة من 1 ماي إلى 31 أكتوبر.
لقمان/ق