
مكّن التكوين والمرافقة لمركز تطوير المقاولاتية بجامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة، من تمويل 88 بالمئة من حاملي المشاريع، والتي تنوعت واختلفت لتشمل مختلف المجالات والقطاعات على غرار الخدمات والصحة والسياحة والفلاحة ونشاطات مهنية أخرى على غرار الحلاقة والطرز والخياطة والنجارة.
وتسلّط «النصر» الضوء على هذا النموذج الناجح في جامعة عبد الحميد مهري، خاصة وأن نسبة تمويل المشاريع هامة، ما يؤكد العمل الجدي والتكوين الناجع والمرافقة السلسلة لحاملي المشاريع من مختلف كليات الجامعة، حيث تنقلنا إلى مركز تطوير المقاولاتية الواقع بجامعة قسنطينة 2، بمرافقة من مدير المركز الذي كان في الموعد وقدم كل التسهيلات اللازمة من أجل إظهار هذه التجربة الناجحة في ولاية قسنطينة.
وجدنا الأستاذ حمّود محمد الطاهر، أستاذ بكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير ومدير مركز تطوير المقاولاتية بجامعة عبد الحميد مهري، في انتظارنا من أجل مرافقتنا في جولتنا بالمركز، والتي تزامن ذلك مع برمجة دورات تكوينية في فائدة حاملي المشاريع، لنقف على هدوء تام وسط تلك الأروقة المؤدية إلى عدة قاعات مخصصة لتنظيم الورشات، لنزور إحداها صدفة، ونجد مجموعة من أصحاب المشاريع الذين تفوق أعمار أغلبيتهم 30 سنة، مجتمعين في شكل مجموعات متفرقة كل واحد منهم مركز مع عمله، ليشرعوا في طرح الأسئلة مباشرة عند رؤية مدير المركز الذي رافقنا خلال الجولة.
وبعد إلقاء نظرة على طريقة عمل وتنظيم الدورة التكوينية لحاملي المشاريع، شرع المدير في شرح طريقة عمل مركز تطوير المقاولاتية بجامعة عبد الحميد مهري، والذي بدأ نشاطه في شهر فيفري من السنة المنصرمة، موضحا أنه ورغم حداثة نشأة المركز إلا أنه مكّن من تمويل 88 بالمئة من المشاريع التي تقدم أصحابها بطلب التكفّل المادي، فيما أوضح أنه ليس كل متخرج أو مستفيد من التكوينات يتقدم لطلب التمويل، بما أن البعض منهم لا زالوا يزاولون دراستهم في الجامعة وبالتالي سيكون العدد مرشحا للارتفاع بعد تخرجهم، خاصة وأن اهتمامهم الأول والأخير هو ولوج عالم المقاولاتية بالشكل الصحيح والناجح.
وأفاد محدثنا الشاب، أن المشاريع التي حازت على التمويل مختلفة النشاطات وتشمل عدة قطاعات ومجالات، أبرزها ذات الطابع الإنتاجي والخدماتي، مثل الفلاحة على غرار تربية المواشي والسياحة مثل إنشاء وكالات للسياحة والسفر والصحة والطب والصيدلة، إضافة إلى نشاطات مهنية متمثلة في الخياطة والطرز والحلاقة والنجارة والأعمال الحرة مثل الهندسة وغيرها.
وأبرز حمّود محمد الطاهر، أن إدراج النشاطات المهنية، له دوافع تتماشى وتطور هذه النشاطات التي خرجت من مفهومها التقليدي البسيط، ممثلا بأن عالم الحلاقة تطور كثيرا وأصبح عبارة عن إبداع وفن، يمكن من فتح صالونات حلاقة وربما تكوين الشباب فيما بعد في هذا المجال، عوضا عن المفهوم القديم الذي يعتبره مجرد حرفة، موضحا أن المركز يغلب عامل استقرار المشاريع حتى وإن كانت مهنية، لأن الهدف الأخير حسبه هو إنجاح المشاريع أو المؤسسة ودفعها للتطور إلى حين وصولها لحالة الاستقرار.
وأضاف أن صاحب المشروع يحوز على شهادات جامعية أي المستوى اللازم، وبالتالي يمكن أن يتميز بنظرة تجارية ورؤية مستقبلية لحرفة أو مهنة ما بعيدا عن مجال تخصصه، وبالتالي لا يمكن تقييده، والأهم هو نجاحه في تقديم الفكرة وإظهار أنه يمتلك نموذجا تجاريا واضحا قابل للتطور، مؤكدا أن المركز يقبل بكل الأنشطة على أن يتماشى المشروع مع الشروط على غرار حيازة شهادة من المؤسسات المعتمدة سواء كانت من التكوين المهني أو غيرها.
11 دورة مكنت من تدريب 250 حاملا للمشاريع
وانطلق نشاط مركز تطوير المقاولاتية بجامعة عبد الحميد مهري، في شهر فيفري من السنة المنصرمة، وركز خلال نشاطه في تكوين حاملي المشاريع، لينجح منذ ذلك التاريخ في تكوين 250 حاملا لمشروع، لنصادف عند تواجدنا بالمركز الدورة التكوينية رقم 11، والتي انطلقت يوم 7 من الشهر الجاري وتدوم لمدة 15 يوما لتنتهي يوم 23 من ذات الشهر، ليشرع في تقديم المعلومات اللازمة المتعلقة بهذه الدورات، موضحا أنها عبارة عن تدريبات مخصصة لحاملي المشاريع من طلبة ومتخرجين سابقين من الجامعة، والذين يعملون على إطلاق مشاريع مؤسسات مصغرة من خلال طلب قرض أو تمويل من الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية.
وتتمثل أولى الخطوات بغية الحصول على تمويل مشروع، في تسجيل حامل المشروع على منصة خاصة، تمكن من استغلال معلوماته الشخصية ومعطيات حول فكرة المشروع، ويتم الاتصال به لإجراء مقابلة مع لجنة محلية على مستوى مركز تطوير المقاولاتية تتكوّن من مرافق من الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية ومكوّن من ذات الوكالة وأستاذ من الجامعة كمدرب ومدير مركز تطوير المقاولاتية ويتم تطوير الفكرة وتوجيهها، لأن الهدف من هذه المقابلة، حسب المدير، «هو التوجيه والمرافقة أكثر من التقييم للقبول أو الرفض ويتم توجيه هذا المشروع إلى دورات تكوينية إن لم تكن الفكرة واضحة».
مرافقة من بداية الفكرة إلى تجسيد المشروع
وأضاف المدير، أن مرافقة المركز تكون من بداية المشروع حينما يكون مجرد فكرة إلى حين تمويله وتجسيده على أرض الواقع، قائلا إن المتخرج يأتي بفكرة أو مجموعة أفكار لتحديد المشروع المعني بالتجسيد، وخلال الدورة التكوينية التي يشرف عليها مكوّن من وكالة «ناسدا» خلال يومين إلى ثلاثة ويتم تلقينهم أداة تسمى نموذج الأعمال التجاري، وهي كيفية استعمالها لتوضيح الفكرة بطريقة منهجية وواضحة تمكّنه من التعبير عليها بوضوح لأي جهة أخرى، كما يمكن لحامل المشروع التدريب على التحكم في كل العناصر اللازمة، بغية الانطلاق في وضع مخطط أعمال للمؤسسة وإعداد دراسة الجدوى المالية لتلك الفكرة، وبعدها تأتي مرحلة أخرى، وحينها يكون قد كوّن نموذج الأعمال التجاري، ليلتقي مرة أخرى بأعضاء اللجنة للمتابعة يتم منحه مجموعة من التوصيات مثل إن كان بحاجة لتكوين متخصص في مجال معيّن أو بحاجة لجمع مجموعة من المعلومات ويتم توجيهه من خلال كل الشركاء الاقتصاديين للجامعة على غرار قطاعات الفلاحة وغرفة التجارة والصناعة ومختلف المؤسسات الأخرى.
المزج بين الجانبين النظري والعملي لضمان أفضل تكوين
وواصل المدير حديثه حول خطوات المركز قبل الوصول إلى مرحلة التمويل،، موضحا أنه عند وصول المشروع لمرحلة متقدمة باكتساب النضج الكافي، يتم إتاحة للمستفيد دورة تدريبية تدوم مدة 15 يوما موزعة على 3 أسابيع، تتخللها مجموعة من المواد المتنوعة والمدروسة، موضحا أن أول 9 أيام تكون لتلقين المعنيين بالتكوين 3 مواد تشمل أساسيات المقاولاتية واستراتيجيات المؤسسة وإدارة المواد والعمليات، ويشرف عليها مجموعة من الأساتذة الجامعيين من ذوي الكفاءة في التدريب، وتكون لهم القدرة على مزج الجانبين النظري والعملي بإدخال حامل المشروع لعالم الشغل ليلبس قبعة المقاول بطريقة احترافية.
ويشمل التدريب بعد مدة 9 أيام، مرحلة ثانية تمتد لثلاثة أيام تسمى مرحلة التكوين، ويتكفل بها مكوّن من الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية، ويقدم فيها كل المعلومات اللازمة للأشكال القانونية للمؤسسات أي يساعد صاحب المشروع في اختيار الشكل المناسب للمؤسسة الخاصة به، حسب تخصصه أو مجال خطة العمل ومختلف المعلومات حول ما تقدم الوكالة الوطنية من امتيازات.
وبعد نهاية هذه الفترة، حسب المتحدث، تنطلق أخرى تسمى المناظرة، وتتم بحضور مقاولين يسردون تجاربهم الشخصية الميدانية من نجاح أو عراقيل وصعوبات من التأسيس إلى مرحلة النجاح لإفادتهم بتجربتهم، وأحيانا يتم اللجوء إلى مدعوين من مختلف المؤسسات بالمنظومة، على غرار مركز السجل التجاري ومديرية التجارة أو جمعية المصدّرين ويكون في كل مرة تنويع في مختلف المجالات من أجل منح أكبر قدر ممكن من المعلومات حول المقاولاتية ومجال ريادة الأعمال لحاملي المشاريع في هذه الفترة لتنتهي فترة التكوين ويتم منح شهادة للمتكونين.
لجنة متابعة وتمويل تضم كل القطاعات المعنية
وبعد اجتياز كل المراحل سالفة الذكر، تنطلق مرحلة المرافقة الفردية، وتتمثل في إعداد حامل المشروع من خلال ما تم اكتسابه في 21 يوما دراسة تقنو - اقتصادية للمشروع الخاص به، وتنطلق مرحلة المرافق مع مرافق دائم من الوكالة موجود على مستوى مركز المقاولاتية بمساعدة فريق متنوّع من أساتذة ومدير مركز المقاولاتية في الجامعة، يقومون بمرافقة حامل المشروع بعد إعداد الدراسة التقنو - اقتصادية، أي يتم الدخول في تفاصيل المشروع من وثائق على غرار الفاتورة الأولية وإعداد الدراسة المالية إلى غاية الوصول لمرحلة حيازته كل الحظوظ ليتم قبوله في لجنة متابعة وتمويل المشاريع متكونة من 15 عضوا يمثلون 5 بنوك وممثلي الضرائب والتجارة على المستوى الولائي.
حاتم بن كحول