تراجع في تبذير المواد الغذائية و الخبز لأول مرة خلال رمضان
سُجّل منذ بداية الأسبوع الثاني لشهر رمضان المعظم تراجع ملموس و لأول مرة في حجم تبذير الجزائريين لمختلف المواد الغذائية وعلى رأسها مادة الخبز بنسب متفاوتة، على خلاف السنوات الماضية وذلك لعدة عوامل أرجعها المتتبعون لأحوال السوق، إلى تراجع القدرة الشرائية لقطاع واسع من المواطنين وكذا إلى حملات التحسيس المكثفة التي تقوم بها جمعيات حماية المستهلك، فضلا عن الأثر الذي تركه الخطاب الحكومي الداعي إلى ‘’ التقشف ‘’ وترشيد استهلاك المواد الأساسية التي يتم استيراد كميات كبيرة منه بالعملة الصعبة، وقُدمت عدة تقديرات متفاوتة عن نسب تراجع حجم التبذير.
وأكد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار للنصر، بأن شهر رمضان لهذه السنة سجل تراجعا محسوسا و غير مسبوق في ظاهرة تبذير المواد ذات الاستهلاك الواسع و خصوصا الخبز على خلاف السنوات الماضية، مبرزا بأن صاحب شركة خاصة للنظافة قد أكد له بأن ظاهرة التبذير و التخلص من مختلف المواد الغذائية و الخبز في الشوارع وأماكن رمي القمامة لم تعد بالشكل البارز والمشين خلافا تماما لما كان عليه الأمر خلال السنوات الماضية وقال ‘’ حتى جامعي الخبز لاحظوا هذا التراجع.
وحسب المتحدث فإن معدل نسبة المواد الغذائية التي كانت ترمى خلال السنوات الأخيرة في المزابل  والتي كانت تمثل حوالي 60 بالمائة في رمضان وفي مقدمتها الخبز قد تراجعت. وذكر بولنوار بأن حجم تبذير الخبز الذي كان يمثل ما لا يقل عن 3 ملايين وحدة من الخبز يوميا ( حوالي 100 مليون خبزة في الشهر )  بقيمة 100 مليار سنتيم، قد تراجع بنسبة تتراوح بين 5 و 10 بالمائة، وأرجع بولنوار أسباب ذلك إلى تنامي الوعي لدى المواطنين حول الحاجة إلى ترشيد الاستهلاك بشكل عام في كافة الموارد من غذاء وطاقة وماء وذلك بسبب تراجع القدرة الشرائية للكثيرين بسبب الزيادات التي طالت الكثير من المواد، فضلا عن الأثر الذي تركته خطابات الحكومة الداعية – كما قال ‘’ التقشف ‘’ وترشيد الاستهلاك سيما بعد تراجع مداخيل البترول التي كان يتم الاعتماد عليها في استيراد نسبة معتبرة من المواد الاستهلاكية وخاصة الغذائية منها التي تدعمها الدولة. وفيما أشار إلى تراجع سلوكات التخزين والإسراف في شراء مختلف المواد الغذائية حتى الخضر والفواكه واكتفاء الكثيرين بشراء الضروريات، دعا رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين في هذا الصدد، إلى توسيع دائرة الحملات التحسيسية بأهمية’’ الاقتصاد في الإنفاق الأسري ‘’ والمؤسساتي أيضا وتكريس سلوك استهلاكي رشيد، مشددا على ضرورة مشاركة الجميع في حملات التحسيس من جمعيات وأئمة ووسائل إعلام.  من جهته أرجع رئيس منظمة حماية المستهلك، مصطفى زبدي، تراجع ظاهرة التبذير إلى ما وصفه بالأزمة المالية التي تعيشها البلاد جراء تراجع مداخيل المحروقات و ارتفاع أسعار المواد الغذائية بين 20 و 30 بالمائة، بسبب تراجع قيمة الدينار، وما ترتب عنها – كما ذكر، من تدني القدرة الشرائية للمواطن البسيط فضلا عن الحملات التحسيسية المستمرة التي تقوم بها الجمعيات ووسائل الإعلام. وفي تصريح للنصر، قدّر زبدي تراجع حجم التبذير بحوالي 30 بالمائة وهي نسبة تبعث حسبه على التفاؤل، مؤكدا بأن أغلب الجزائريين أصبحوا أكثر وعيا بالوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، ما جعل نسبة كبيرة من الأسر الجزائرية المقدر عددها الإجمالي بـ 8 ملايين أسرة ‘’ أكثر تقشفا و إرشادا في الاستهلاك من ذي قبل ‘’. أما رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين فأكد للنصر ظهور وعي استهلاكي جديد لقطاع واسع من الجزائريين، فرضه – كما ذكر – الوضع الاقتصادي للبلاد وتدهور القدرة الشرائية للكثيرين بسبب ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية والوقود وما إليها. وبحسب المتحدث فإن نسبة تراجع حجم التبذير مشجعة ولكنها غير كافية، مؤكدا على ضرورة القيام بمزيد من الجهود الفردية والجمعية لدفع الناس إلى ترشيد الاستهلاك أكثر فأكثر بعد تراجع مداخيل البلاد وما لها من أثر مباشر وغير مباش على سلة غذاء الجزائريين. وفي تقدير الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، فارس مسدور، فإن حجم تبذير الجزائريين مازال مرتفعا ويجب أن نسعى كما قال إلى كبحه أكثر من خلال العمل على نشر ثقافة "العقلنة والرشاد " بين المواطنين وإقناعهم بأن حمى الشراء في رمضان وغيره ستنعكس وبالا على اقتصاديات الأسر وعلى اقتصاد البلاد وقال مصرحا للنصر " إن المطلوب اليوم هو القيام بحملة وطنية على مدار العام وليس في رمضان فقط لإقناع الناس وحتى المؤسسات بالحد من تبذير المواد الغذائية إلى غاية الوصول إلى تحقيق نسبة تبذير " صفر" مضيفا " علينا الاقتداء بسلوك الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المجال.                      
ع أسابع

الرجوع إلى الأعلى