• الطيب زيتوني « الفقيد أفني عمره في سبيل الوطن وكان رجل دولة في كل مهامه»
ووري الثرى بعد ظهر أمس الجمعة، بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة جثمان الفقيد وزير الدولة المستشار الخاص والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية بوعلام بسايح، الذي وافته المنية أمسية الخميس عن عمر ناهز 86 عاما بالمستشفى العسكري لعين النعجة إثر مرض عضال، وقد شيع جثمان الفقيد بحضور كبار ضباط الجيش الوطني الشعبي ورفقائه في الجهاد وكذا إطارات في الدولة وجمع من المواطنين.

شيعت أمس، بمقبرة العالية جنازة بوعلام بسايح وزير الدولة المستشار الخاص و الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية في جنازة رسمية حضرها وزراء ومسؤولون وكبار الإطارات في الدولة من مدنيين و عسكريين ومجاهدون ورفقاء درب الفقيد وأقاربه، إلى جانب جموع غفيرة من المواطنين. وخرج المشيعون في موكب جنائزي رسمي، من بيت الفقيد بالأبيار في أعالي العاصمة، ونقل الجثمان إلى مقبرة العالية، حيث صلى المشيعون صلاة الجنازة على روح الفقيد.
وفي كلمة تأبينية، أشاد وزير المجاهدين الطيب زيتوني بخصال الفقيد الذي «وهب حياته من أجل عزة الجزائر واستقلالها» مبرزا «التضحيات والجهود التي بذلها خدمة للوطن بكفاءة وإخلاص». وقال الوزير بأن الفقيد حمل رسالة النضال والجهاد والثقافة والمعرفة، واستطرد قائلا «فقدنا أبا كريما تركت في الوطن ما يجعلك حيا في وجداننا»، مضيفا بأن الأقدار شاءت أن يلتقي الجمع في هذا الموقف المهيب لرحيل الفقيد المجاهد بعد عمر حافلا بالعطاء استوفي للوطن حقه وأدى واجب التحرير وبناء الوطن.
وأكد الطيب زيتوني، بأن الفقيد «أفني شبابه وخريف عمره في سبيل الوطن ولا تكفى الكلمات لاستحضار سيرته الحافلة بالانجازات.. وكان وفيا بإخلاصه للوطن، وكان رجلا عظيما عظم المسؤولية التي تقلدها في كل المناصب التي تولاها باقتدار» في سبيل البلاد وعلى رأس الدبلوماسية حيث كان رجل دولة في كل الأحوال، كما كانت له مؤلفات ستبقى خالدة أعطت صورة رائعة للمجاهد الذي يحمل السلاح لتحرير البلاد ومواصلة النضال للدفاع عن المكتسبات. واعتبر الطيب زيتوني، في كلمته التأبينية، بأن الفقيد كان «وطنيا مخلصا و وفيا ملتزما»، مضيفا بأن الجزائر فقدت برحيله «قامة ورمزا فكريا خالدا»مثّل الدولة في أحسن صورها، وكان مسؤولا وطنيا .
وانتقل بوعلام بسايح وزير الدولة المستشار الخاص و الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية إلى رحمة الله، مساء الخميس بالمستشفى العسكري لعين النعجة اثر مرض عضال، وكان الفقيد أحد رموز ثورة التحرير حيث التحق بصفوف جيش التحرير الوطني بالناحية الثامنة من الولاية الخامسة مطلع عام 1957 و تقلد رتبة ضابط جيش التحرير الوطني، وأسندت له بداية من عام 1959، مهام سامية في صفوف الثورة المسلحة بحيث تولى مهمة عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية من عام 1959 إلى 1962، وبعد الاستقلال، شغل عدّة وظائف كسفير في العديد من العواصم الأوروبية (بارن، والفاتيكان) والعربية (القاهرة، كويت سيتي والرباط) وفي عام 1971، عين أمينا عاما لوزارة الشؤون الخارجية كما عيّن ابتداء من عام 1979 عضوا في الحكومة حيث شغل مناصب وزارية عديدة، وقد عين على التوالي وزيرا للإعلام ووزيرا للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، ثم وزيرا للثقافة، فوزيرا للشؤون الخارجية عام 1988 وقد شارك بصفته وزيرا للشؤون الخارجية، مشاركة حثيثة في الجهود التي بذلتها اللجنة الثلاثية المتكونة من الجزائر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية المقررة بالقمة العربية المنعقدة بالدار البيضاء، والتي توجت باتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان.
ثم عاد مجددا للعمل الدبلوماسي ليشغل منصب سفيرا للجزائر بالمملكة المغربية. ففي 1979 دخل الحكومة حيث أشرف على عدة حقائب وزارية بحيث عين على التوالي وزيرا للإعلام ووزيرا للبريد والاتصالات ووزيرا للثقافة قبل تعيينه على رأس وزارة الشؤون الخارجية عام 1988. وفي 1997 عين عضوا بمجلس الأمة ضمن الثلث الرئاسي قبل انتخابه رئيسا للجنة الشؤون الخارجية بالغرفة الثانية للبرلمان. وفي سبتمبر 2005 عين بوعلام بسايح من قبل رئيس الجمهورية رئيسا للمجلس الدستوري.
وألف المرحوم بوعلام بسايح العديد من المؤلفات الأدبية والتاريخية، وخاصة حول شخصية الأمير عبد القادر. وهو كاتب سيناريو فيلم « بوعمامة  وقد تولى رئيس الجمهورية بنفسه كتابة مقدمة آخر مؤلفاته الذي نشر بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين لاندلاع الثورة الجزائرية الخالدة والذي عنونه «الجزائر الجميلة والثائرة من يوغرطة إلى نوفمبر».
كما ألف مؤلفات أخرى منها  «محمد بلخير، الّراية المحرمة» و «من الأمير عبد القادر إلى الإمام شاميل بطل الشيشان والقوقاز» و «من لويس فليب إلى نابليون الثالث الأمير عبد القادر مهزوم لكن منتصر»، المؤسسة الوطنية للطبع والتوزيع، 2002 الطبعة باللغة العربية، الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، الجزائر الفارابي بيروت، 2004 و «في جذور الأصالة، المقاومة بالسيف أو القلم»، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 2002 « عبد الله بن قريو، شاعر الأغواط والصحراء».
بن صالح  و سلال  ينوهان بخصال الراحل
منذ الساعات الأولى لصباح أمس الجمعة، توافد العشرات من المواطنين والمسؤولين وكبار الإطارات في الدولة، إلى منزل الفقيد، لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه، وتنقل سياسيون ومسؤولون وعدد من وزراء حكومة عبد المالك سلال، إلى منزل الفقيد لتقديم واجب العزاء وقراءة فاتحة الكتاب على روحه الطاهرة. واجمع المعزون على الخصال الحميدة التي تمتع بها الراحل بوعلام بسايح طيلة حياته.
وبعث رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أمس الجمعة برقية تعزية إلى عائلة الفقيد بوعلام بسايح أكد فيها أن الجزائر فقدت بوفاته «أحد أبنائها الوطنيين الخلص وأحد رجالات الدولة الذين كرسوا حياتهم لخدمة الوطن».
وجاء في برقية التعزية : «قضى المولى عز وجل أن يرحل عن دنيانا هذه الأخ المرحوم الدكتور بوعلام بسايح وبفقده، تفجع الجزائر في أحد أبنائها الوطنيين الخلص وأحد رجالات الدولة الذين كرسوا حياتهم عبر مراحل و سنوات طويلة لخدمة الوطن».
كما بعث الوزير الأول، عبد المالك سلال، برقية تعزية إلى عائلة الفقيد، أكد فيها أن الجزائر فقدت فيه «مجاهدا ومناضلا من الرعيل الأول وكاتبا ومؤرخا وسياسيا مخضرما ودبلوماسيا بارزا».
وجاء في برقية الوزير الأول قوله: «لقد تلقيت ببالغ الأسى والتأثر نبأ وفاة المغفور له بإذن الله المجاهد الكبير والمناضل الفذ السيد بوعلام بسايح رحمه الله وطيب ثراه وأفاض على روحه الطاهرة مغفرة وثوابا، الذي نفقد فيه رجلا من كبار رجالات بلادنا وقامة من قاماتها الذين أفنوا حياتهم في سبيل إنعتاق وطنهم واستقلاله ثم في بنائه وتشييده».
وقال مدير ديوان رئيس الجمهورية، والأمين العام للأرندي، أحمد أويحيى، أن الجزائر «فقدت برحيل بوعلام بسايح رمزا من رموزها واحد رجالاتها الذين افنوا حياتهم في الدفاع عن وطنهم»، وأضاف «كان لي الشرف أن عملت معه عن قرب بوزارة الخارجية وعمل في كل المناصب والمهام الرسمية التي تقلدها على دفاع عن مصالح الوطن». من جانبه، ذكر وزير الدول وزير الخارجية، رمطان لعمامرة، بأن الفقيد يعد «قامة من قامات الجزائر من حرب التحرير، أين كان ضابطا في جيش التحرير إلى الاستقلال وتوليه مناصب سامية في الدولة»، وأضاف لعمامرة قائلا «الفقيد كان قامة في السلوك والأخلاق والدبلوماسية وعملت معه في الخارجية وساهم إلى جانب آخرين في إعطاء الدبلوماسية الجزائرية مكانتها بين الأمم أدي ما عليه من واجب تجاه الوطن». أنيس نواري

قال أن الفقيد نافح بقوة عن مصالح البلاد  وأسمع صوتها عاليا في كل محفل حضره
الرئيس بوتفليقة: الجزائر فقدت في بوعلام بسايح واحدا من خيرة وأوفى رجالها وألمع دبلوماسييها
أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في برقية تعزية وجهها أمس الجمعة إلى أسرة الفقيد بوعلام بسايح الذي وافته المنية يوم الخميس أن المجاهد الفقيد «رجل عظيم عظمة المهام التي أداها على أحسن ما تؤدى المهام والمسؤوليات التي قام بها» .
وجاء في برقية رئيس الجمهورية»خرصت لعمر الله ألسننا، لما تكلم فوقها القدر، وماعساي أن أقول بعد سماعي نبأ انتقال صديقي العزيز ورفيقي في النضال السياسي والدبلوماسي المغفور له باذنه تعالى وزير الدولة الممثل الشخصي والمبعوث الخاص المجاهد بوعلام بسايح، إلى رحمة الله وعفوه، ماعساي أن أقول في ذلك النبع المتدفق بالحكمة والحنكة، بالأدب والفن ، بالشعر والذوق الرفيع بالدبلوماسية المهذبة والسياسة الحكيمة،  بالتجربة الطويلة والخبرة الفائقة بالوفاء للصديق والاخلاص للوطن، بشمائل حلوة وخصال حميدة ،جعلت منه رجلا عظيما عظمة المهام التي أداها على أحسن ماتؤدى المهام  والمسؤوليات التي قام بها خير قيام في كل المناصب النبيلة التي تولاها باقتدار، سفيرا لبلاده تارة وعلى رأس دبلوماسيتها مرة، ورئيس مجلسها الدستوري أخرى ورجل دولة في كل الأحوال"
وأضاف الرئيس بوتفليقة قائلا:» ولئن فقدت فيه صديقا عزيزا طالما استأنست بآرائه ، واسترشدت بأفكاره، ونهلت من جميل كتاباته، معجبا كل الإعجاب بعذوبة أسلوبه وبلاغة معانيه، والمواضيع التي كان يختارها في التاريخ وفي مادبج يراعه في عالم السينما، مبرزا مآثر رموز الثورة الجزائرية عبر التاريخ «.
وكتب رئيس الدولة « لئن فقدت فيه كل هذه الصفات المحببة، فقد فقدت فيه الجزائر واحدا من خيرة رجالها اتسم بحصافة الرأي وعمق التفكير ونفاذ البصيرة، واحد من أوفى رجالها ، وألمع دبلوماسييها وأكفأ سياسييها ، نافح بقوة عن مصالحها ودافع بشجاعة عن ثورتها، وأسمع صوتها عاليا في كل محفل حضره ، وعلى كل منبر اعتلاه».
وتابع رئيس الجمهورية « وأنه بهذه الفضائل سيفضل قدوة للأجيال وعبرة يتحصنون بها في الحفاظ على العهد إلى الأبد  واليوم تنطفئ فيه تلك الروح الوثابة وتخمد الحيوية ويخرس اللسان عن البيان، وينطفئ النور عن تلك العينين اللتين أعشاهما السهر في التفكير والعمل ولكنهما بقيتا ثاقبتي النظر الى أن غشيهما القدر في اخر
 العمل « .
«فما عساي»- يضيف الرئيس بوتفليقة- أن « أقول سوى أن الله الذي جلت حكمته قضى أن يسترد وديعته،  فرحلت عن دنياها إلى أخراها راضية مرضية، تزفها الدعوات الى ملكوت السماوات الى جنة النعيم الرضوان، إلى المقام الكريم بين الأبرار والصديقين».
وتابع الرئيس « ولئن عز على أسرته وأهله وكل أقاربه ورفاقه في النضال وعلى الجميع الصبر والسلوان، ونأى عنهم، فإن أعماله الجليلة والادراك بأن سبيله غاية كل حي ,كفيل بأن يبعث في القلوب بعض العزاء ويخفف عنها ماتعاني من ألم الفراق ، لاسيماوقد عمر الله قلوبهم بالايمان، وزين نفوسهم بالتقى والورع، فتحلت بما يتحلى به المؤمنون من جميل الصبر  إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب «.
واختتم رئيس الجمهورية برقيته « أسال المولى عز وجل في هذه الفاجعة الأليمة وهذا الرزء الجلل أن يكرم وفادة الفقيد اليه ويجل مثواه ويسكنه بيتا عليا في جنات الخلد والنعيم ، ويتولى بنيه وأسرته الكريمة وذويه البررة ورفاق دربه بالصبر الجميل والسلوان الأثيل، وأعرب لهم جميعا عن خالص عزائي وصادق دعائي إلى الديان سبحانه وتعالى» (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
ق و

الرجوع إلى الأعلى