أجمع مختصون، نهار أمس، على أن أغلبية الجزائريين لا يعرفون الأسباب الحقيقية لوفاة مرضاهم، و ذلك لعدم تدوين تقرير طبي مفصل ضمن النموذج المعمول به عالميا لدى تحرير شهادات الوفاة، في حين كشف مسؤولون من مستشفى ابن باديس بقسنطينة، أن التقرير الطبي للوفاة، لا يسلم سوى لـ 2.5 بالمائة من أهالي المرضى.
و على هامش يوم دراسي نظم بكلية الطب بقسنطينة حول الطب العقلي، أكدت للنصر البروفيسور بوذراع المختصة في الأمراض العقلية بالمستشفى الجامعي، بأن المصالح المختصة لا تحوز حاليا إحصائيات دقيقة حول أسباب وفاة المرضى بالجزائر و ذلك بسبب عدم  العمل بالنموذج المُعتمد عالميا في تحرير شهادة الوفاة من طرف الأطباء، رغم وجود تعليمة وزارية صادرة عام 1994 تُلزم باعتماد هذا النموذج مضيفة أن أغلب شهادات الوفيات تكتب في وصفات طبية عادية، و هو ما اعتبرته المتحدثة أمرا «غير معقول»، مشيرة إلى أن الاستمارة المعمول بها دوليا تضم كل المعلومات الضرورية، حيث يتم تحويل جزئها الذي يحوي الأسباب الطبية المدققة للوفاة نحو المصالح الصحية المعنية بما يسمح لهذه الأخيرة بإعداد إحصائيات دقيقة في هذا الخصوص.البروفيسور بن حركات عبد العزيز الطبيب المسؤول بمصلحة الطب الشرعي، قال من جهته أنه و من إجمالي 50 ألف مريض يدخل المستشفى الجامعي كل سنة، يتم منح التقرير الطبي للوفاة لحوالي 2.5 بالمائة منهم فقط، مرجعا ذلك إلى وجود نقص في التنظيم من طرف المصالح الإستشفائية، حيث أكد المتحدث على ضرورة تكثيف المراقبة الإدارية على مستوى المستشفى، خاصة و أن الوضع الحالي أدى إلى الجهل بأسباب وفاة المرضى في أغلب الأحيان، مشيرا إلى أن الإدارة مطالبة بمنح المعطيات حسب عدد المرضى سنويا، كما شدد البروفيسور على وجوب اعتماد الصرامة داخل المؤسسة و اشتراط تقديم المعلومات اللازمة حول أسباب الوفاة، بما يتطابق مع تعليمات وزارة الصحة.
أما وكيل الجمهورية لدى مجلس قضاء قسنطينة السيد بوجمعة لطفي فأكد خلال مداخلته، على ضرورة التنسيق الكامل بين القضاء و الأطباء في ما يتعلق بمعاينة الأشخاص المرضى عقليا، أو المدمنين الذين يرتكبون جرائم يمكن أن تصل إلى حد القتل في كثير من الأحيان، و ذلك من أجل التوصل للأسباب و الدوافع الحقيقية التي أدت إلى ارتكاب الجريمة، حتى يتمكن القضاء من تقدير العقوبة القانونية اللازمة في حق الفاعل، مذكرا بكون المسؤولية الجزائية لا تقع على عاتق الشخص الذي يعاني من اضطرابات عقلية في حين أن المدمن غير معني بذلك و لا تسقط المتابعة في حقه في حالة ارتكاب الجريمة و أشار المتدخل إلى أن القضاة لديهم الصلاحية في اختيار الطبيب المعني بإجراء الخبرة في مثل هذه الحالات، مع إمكانية الاستعانة بأطباء غير مسجلين لدى قائمة العدالة من أجل تكثيف التحري الطبي و كشف الدوافع الرئيسية لارتكاب الجريمة.
  خالد ضرباني

الرجوع إلى الأعلى