أدخلت أيام الفيلم العربي المتوّج التي انطلقت فعالياتها مساء أمس الأول على قسنطينة حركة غير مسبوقة صنعتها كوكبة من نجوم الفن السابع رصعت سماء عاصمة الثقافة العربية و التي تهافت الفضوليون و عشاق السينما لرؤية أبطالهم المفضلين يسيرون لأول مرة على البساط الأحمر بمدينة الجسور المعلّقة.
حفل الافتتاح شهد حضورا لافتا لنخبة من ألمع نجوم الشاشة العربية من ممثلين و مخرجين و حتى مطربين، حيث وصل الضيوف تباعا إلى المسرح الجهوي أين صنعوا الفرجة لجمهور متعطش لاستعادة سحر الشاشة العملاقة، و أعادوا إلى سيرتا نفسا سينمائيا راقيا افتقدته لأكثر من عشرين سنة.
 الممثلون و السينمائيون الجزائريون كانوا أول من وصل إلى الركح، أين برز عدد من النجوم الشباب و كذا المخرجين منهم عماد بن شني و حكيم دكار و عنتر هلال و عبد الحق بن معروف و مخرج فيلم البئر لطفي بوشوشي، قبل أن تشرئب الأعناق لمتابعة خطوات النجمات المتألقات بوسي و ابنتها مي، صفية العمري، أنوشكا، مادلين طبر.. و النجم السوري عباس النوري و عدد من مخرجي الأفلام المتوّجة أو ممثلين عنهم.
و بعد استقبال الضيوف و اللحظات المخصصة لالتقاط الصور على البساط الأحمر، تم توزيع ذرع التظاهرة الرافعة لشعار التسامح، على الأفلام 11المتوّجة في مختلف المهرجانات العربية و الأجنبية و هي على التوالي الفيلم الجزائري "البئر"لمخرجه  لطفي بوشوشي الذي صرّح عقب استلامه الذرع بأنه فخور بما حققه عمله الذي تمناه عالميا منذ البداية، ثم الفيلم الأردني"ديب" لمخرجه باجي أبو نوار، فالتونسي"الزيارة"لنوفل صاحب الطابع و العمل العراقي"تحت رمال بابل" لمحمد جبارة الدراجي، فالمصري "الفيل الأزرق"، و المغربي "جوق العميين" لمحمد مفتكر، و التونسي"على حلة عيني"لليلى بوزيد و المصري"بتوقيت القاهرة"لأمير رمسيس و السوري"المهاجران" لمحمد عبد العزيز و الموريتاني "تمبكتو"لعبد الرحمان سيساكو و أخيرا الفيلم اللبناني"موج 98"لمخرجه الشاب إيلي داغر.
الحفل الذي حضره وزير الثقافة عز الدين ميهوبي تخلله أيضا تقديم ومضات للأفلام التي سيتم عرضها على مدار خمسة أيام تكون متبوعة بنقاش، إلى جانب كلمات ترحيبية ألقاها كل من والي ولاية قسنطينة و محافظ المهرجان و وزير الثقافة، قبل ترك الكلمة للنجم السوري عباس النوري لقراءة رسالة عن التسامح في زمن يعرف فيه جزء كبير من الوطن العربي محنة التفرّق و التناحر و تكالب الأعداء، و سوريا واحدة من تلك الدول المجروحة و التي اختار القائمون على التظاهرة إقامة ليلة على شرف الدراما و السينما السورية تحت شعار "سلام من صبا بردى أرق".
محافظ المهرجان إبراهيم صديقي قال بأن السينما ستبعث من جديد بمدينة الجسور المعلّقة من خلال السينمائيين و المنتجين و المبدعين، كما سيتاح للشاشة الكبيرة أن تحتفي بجمهورها في إطار مهرجان الفيلم العربي المتوّج و سينما التسامح. و عبّر نجوم السهرة الافتتاحية عن مشاركتهم في أيام الفيلم العربي المتوّج، حيث أعربت النجمة المصرية صفية العمري عن تواجدها بتظاهرة سينمائية لأول مرة في حياتها بالجزائر و هنأت قسنطينة على هذا المكسب و تمنت أن تكون السنة الجديدة 2016سنة سلام لكل البلدان العربية.
و من جهتها اعتبرت النجمة اللبنانية مادلين طبر  كلمة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في الصميم و قالت "إننا في مواجهة العنف و الإرهاب و نحن نواجه سواد حالكا للثقافة، للحضارة"، مضيفة بأن مثل هذه المهرجانات السينمائية ليست مجرّد بهرجة و إنما هي أبعد من ذلك بكثير:" فنحن نمثل الفكر العربي وبثقافتنا و لغتنا سنحافظ على حضارتنا"، و تمنت دوام الأمن و الآمان بالجزائر و استتاب الأمن و السلام بالوطن العربي.
الممثلة و المطربة المصرية أنوشكا ضمت هي الأخرى صوتها لصوت وزير الثقافة  لتؤكد بأن الثقافة ستظل تعمل ضد الإرهاب و التطرّف من خلال السينما و الكاميرا. الممثل السوري عباس النوري قال للنصر على هامش الحفل الافتتاحي بأن مبادرة الاحتفاء بالأفلام المتوّجة و تنظيم تظاهرة خاصة بها التفاتة غير مسبوقة و هذا ليس بغريب على  الجزائريين لأنهم معروفين بالتجديد و روح الإبداع مثلما قال و أشاد بالوقفة التضامنية للجزائريين مع سوريا و السينما السورية.
الممثل الذي اشتهر مؤخرا بلقب أبو عصام بعد دوره في مسلسل باب الحارة تحدث عن القدس و عن الحملة التي قام بها السوريون لتكون القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية، مذكرا بمساهمة عشرات الفنانين الجزائريين فيها، أما بخصوص شعار التظاهر التسامح فعلّق بأن "التسامح لابد أن يكون على طريقة عربية، نسامح و رأسنا مرفوع و دون أن ننحني".
ابنة بلده الممثلة القديرة فادية الخطيب قالت من جانبها شبهت المبدعين العرب بالكواكب المضيئة و قالت بنبرة مؤثرة بأنها كانت تتمنى "لو كانت هذه اللمة العربية الفنية الخلاقة، لمة وطنية عسكريا و سياسيا لتكون الوحدة عربية" و أضافت بأن سوريا التي سيأتيها الفرج و النصر عن قريب.
الممثل القسنطيني عنتر هلال الذي اهتز المسرح خلال اعتلائه الركح تحت تصفيقات و هتافات الجمهور، فعبّر عن حفاوة الاستقبال التي حظي بها قائلا" تحركت بداخلي مشاعر قوية لحفاوة الاستقبال التي خصني بها الجمهور في هذا اللقاء الكبير و الحميمي  و الحمد لله أننا التقينا بهذه الوجوه النيّرة بمدينة قسنطينة".
النجمة المصرية بوسي وصفت السينما بذاكرة الأوطان و الأشخاص إشارة إلى عدم غياب و خلود المبدعين الراحلين"حتى لو فقدنا المبدعين في هذا المجال فهم دائما معنا و الشجن و الحب لهم يبقى موجودا"، و أضافت بأنها تشعر و كأن نور الشريف حاضر، أما ابنتها مي فتمنت أن تصل رسالة الفيلم و يجد مرض الزهايمر العلاج المناسب لوضع حد لمعاناة الكثيرين.                                   

مريم/ب

وزير الثقافة يعلن عن ترسيم الأيام السينمائية للفيلم العربي المتوّج بقسنطينة
تم ترسيم الأيام السينمائية للفيلم العربي المتوّج التي احتضنتها قسنطينة لأول مرة في إطار عاصمة الثقافة العربية كحدث سينمائي سنوي حسبما أعلن عنه وزير الثقافة عز الدين ميهوبي سهرة أمس الأول في حفل افتتاح التظاهرة.
المكسب الثقافي و الفني الذي أحرزته مدينة الجسور المعلّقة، اعتبره الوزير حقا لمدينة قدمت أول مخرج في تاريخ السينما الجزائرية الطاهر حناش «آن الأوان لمنح قسنطينة حقها لأنها قدمت أول مخرج في تاريخ السينما الجزائرية و هو الطاهر حناش الذي أخرج أول فيلم روائي طويل عام 1952»و أضاف بأنه من حق قسنطينة أيضا «أن يكون لها هذا المنبر».
الوزير قال في كلمة ألقاها خلال افتتاح الأيام السينمائية للفيلم العربي المتوّج بأن ثمة   مطلب ملح من فناني و مثقفي قسنطينة لأجل ترسيم هذه الطبعة كحدث سنوي مبديا موافقته على ذلك، مشيرا إلى مشروع إعادة بعث السينما بالجزائر، و ذكر بالمهرجانات السينمائية السبعة التي نظمتها الجزائر و التي وصفها بالناجحة، و قال أنه في الأشهر الستة الأخيرة «نجحنا في تنظيم سبع مهرجانات سينمائية بدء بفيلم وهران للفيلم العربي، ثم الأيام السينمائية للمرأة و مهرجان الفيلم البحر المتوّسط بعنابة و مهرجان الفيلم الأمازيغي..».
و شدّد على ضرورة استعادة السينما لمكانها في حياة الناس حتى  تتيح للجيل الجديد فرصة الاطلاع على ما قدمه الرواد الأوائل ممن قدموا أعمالا راقية ذكر منها «سنين وقائع الجمر» الفيلم العربي الوحيد الذي تحصل على أول سعفة ذهبية و غيرها من التتويجات التي تضاف إلى الكثير من الجوائز التي تحصلت عليها  السينما العربية العريقة  و في مقدمتها السينما المصرية التي وصفها بالرائدة و التي كان لها الحضور الطاغي في بيوت العرب جميعا مثلما قال.
و بخصوص تكريم الأفلام العربية المتوّجة في عديد المهرجانات فاعتبره حق العرب في الدفاع عن صورتهم من خلال الثقافة  في ظل المرحلة الصعبة التي تمر بها الكثير من الدول العربية و هي الأحداث التي قال أنها تستهدف الشخصية العربية «دمروا الذات العربية و دمروا فيها الموروث الحضاري و الثقافي للأمة العربية، لذا فإن السينما تبقى السلاح الفتاك لمواجهة هذا التدمير و  التطرّف و الإرهاب».
و خص بالذكر السينما السورية التي أشار إلى هدف اختيار شعار «سلام من صبا بردى أرق «و الذي يعبّر عن إيمان الجزائر بأن دمشق لا تزال صامدة و قادرة على استعادة السلام.
الوزير أشاد أيضا بعطاء أسرة سلسلة «أعصاب و أوتار»و التي سيكرم أبطالها بعد غد الثلاثاء قائلا بأن ركح المسرح الجهوي العتيق شهد تألق العديد من الفنانين منهم الذين رسموا وأدخلوا البهجة لبيوت المشاهدين، كما اعتبر تكريم أحد أساطين الموسيقى الجزائرية الموسيقار نوبلي فاضل واجبا لما قدمه للفن السابع  من موسيقى مميّزة.
و خلال تقديمه درع المهرجان لممثل فريق عمل «تمبكتو»الموريتاني قال ميهوبي أن الفيلم عالج التفاهم و التسامح و استحضر بيتا للشاعر الياس فرحات» مادمت محترماً حقي فأنت أخي*آمنت بالله أم آمنت بالحجر».
كما لم ينس القدس التي أكد أن الجزائر أيدت مبادرة اختيارها كعاصمة أبدية للثقافة العربية و ذلك بتوجيه مباشر من  رئيس الجمهورية مذكرا بأنه تم الاحتفاء بها لمدة سنة كما يحتفى بالثقافة في عاصمتها « لا زلنا نردد شعار القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية».
مريم/ب

عرض أمس بقسنطينة
فيلم "بتوقيت القاهرة".. حكاية اليوم الذي غير حياة مدينة
عرض أمس الفيلم المصري «بتوقيت القاهرة» بقاعة العروض لقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بقسنطينة، ضمن الأيام السينمائية للفيلم المتوج في طبعته الأولى،معلنة بذلك عودة السينما لمدينة الجسور المعلقة بعد غياب دام أكثر من عشرين سنة.
الجمهور توافد بشكل مقبول، رغم تأخر موعد عرض الفيلم لأزيد من ساعة من الزمن، لكن الأوفياء للسينما انتظروا بشغف الدخول إلى قصر الثقافة وحضور أول فيلم يعرض من  الأفلام المتوجة بجوائز المهرجانات السينمائية الدولية، على غرار مهرجان الإسكندرية السينمائي ومهرجان دبي السينمائي ومهرجان كان السينمائي.
«بتوقيت القاهرة”، فيلم مصري من إخراج أمير رمسيس و بطولة الفقيد نور الشريف،  ميرفت أمين،  سمير صبري، شريف رمزي، أيتن عامر، كريم قاسم، درة زروق،و الممثلة السورية  كندة علوش.
تبدأ أحداث  الفيلم  من خلال تسليط الضوء على ثلاث شخصيات مصرية  تحاول أن تحقق أحلامها التي لم تحققها طيلة سنوات عديدة، وذلك في يوم واحد ، أول هذه الحكايات مع الممثلة المعتزلة ليلى السماحي، أدت دورها ميرفت أمين،عندما  تزور زميلها الممثل سامح كمال، و يتقمص شخصيته الممثل سمير صبري، في منزله لكي تطلب منه أن يطلقها ، بعد أن تزوجها «سينمائيا» في فيلم مثلته معه منذ أزيد من 20 سنة، و ذلك وقوفا عند رغبة خطيبها الجديد المتدين الذي حاول أن يلزمها بفتوى، مفادها أن الممثلين الذين يتزوجون في السينما عليهم أن يتطلقوا.
 أما الحكاية الثانية فهي  حكاية سلمى و وائل ، يجسد الشخصيتين الممثلان أيتن عامر وكريم قاسم،اللذين يختليان ببعضهما للمرة الأولى في شقة أحد الأصدقاء فتحدث هواجس اللقاء الأول ومخاوف من المجتمع ومن نتائج الالتقاء الجنسي. أما الحكاية الثالثة فهي للبطل  يحيى ،تقمص الدور الممثل الراحل نور الشريف، مجسدا شخصية الشيخ المصاب بداء الزهايمر الذي يوصله حازم،أدى الدور الفنان شريف رمزي، تاجر المخدرات،على متن سيارته إلى القاهرة، للبحث عن صاحبة الصورة التي يحملها في جيبه والتي كان يحلم طيلة حياته بأن يلتقي بها.
«بتوقيت القاهرة»، فيلم ينتقد الأوضاع في مصر، عبر تسليط الضوء على  شخصيات هادئة، تبدو ظاهريا بأنها تعيش حياة عادية و لا تظهر علاقتها بالسياسة ولا بما يجري في البلاد من أحداث، لكن الهواجس النفسية للأبطال والحكايات المتشعبة تحيل المشاهد إلى العديد من التغيرات التي طرأت على مصر، خاصة في مرحلة وصول حكم الإخوان وانتشار الفتاوي الدينية التي أربكت تركيبة المجتمع المصري.
لم يتمكن جمهور قسنطينة الذي تابع فيلم «بتوقيت القاهرة» من مناقشة الفيلم مع المخرج و الممثلين،حيث برمجت ندوة في وقت مضى، لكن الندوة ألغيت بسبب عدم تمكن مخرج الفيلم و الممثلين من الحضور، حسبما أعلن عنه منشط العرض السينمائي الأول.
الجمهور، و أغلبه من النساء ،تفاعل مع العرض حيث صفق طويلا للفيلم بعد انتهائه و تأثر بالشخصيات و حثها على المضي قدما من أجل تحقيق حلمها.  وعبر المتفرجون للنصر عن سعادتهم لعودة السينما إلى قسنطينة، و أكدت  فتاة في العشرينات بأنها جد سعيدة لتمكنها من مشاهدة فيلم سينمائي على المباشر و ليس عبر التليفزيون ،لأول مرة في حياتها، كما عبرت زميلتها عن تأثرها الكبير بمشاهد الفيلم، حتى أنها بكت كثيرا.         
حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى