يعود الروائي رابح بوشارب بالقارئ إلى زمن العشرية السوداء و يفتح ملف الحرس البلدي ورجال الدفاع الذاتي من خلال تسليط الضوء على معاناة بطله العاشق لوطنه و المؤمن به الذي دافع عن قيمه إبان السنوات الحرجة، و ذلك من خلال  روايته» ليل القطار» التي صدرت مؤخرا عن دار بهاء الدين.   بوشارب رصد  في عمله الروائي الثالث، كيف استقبل بعض الشباب الجزائري الأفكار المتطرفة التي قادته في ما بعد إلى المشاركة في عمليات إرهابية، حيث تظهر العملية في الرواية و كأنها غسل للدماغ، في حين يتابع سرد مواقف الشباب الذين آمنوا بضرورة خروج الجزائر من نفق الاقتتال وحاربوا الإرهاب آنذاك .الكاتب يشبه الحالة التي شهدها الوطن كرحلة  قطار حين يدخل نفقا مظلما، لكن القطار تأخر كثيرا و أصبح يعيش حالة من السوداوية لم يظهر فيها النور بعد، فكانت رواية «ليل القطار» بمثابة وصف للغليان الذي يعيشه المسافرون في ظل سرقة بضائع و مقتنيات، فيحاول كل شخص أن ينجو بنفسه وهو ما يرهن حياة الآخرين في هذا النفق.الكاتب الروائي رابح بوشارب طبع أحداث روايته بلغة شعرية، تحاول أن تنقل الألم الجزائري للآخر، من خلال رصد حوارات الأبطال الذين يحرصون الوطن و تراودهم الأحلام حوله، فرغم أن الأحاديث و الحوارات مقتضبة، نقل الروائي الجو العام  الذي أحاط بلحظات الخطر و محاولة تجاوزها بالتشبث بالأمل.
الرواية تحاول التأريخ للحظات الحب التي عاشها البطل في عز الأزمة، فتشكل رسائله الافتراضية إلى عشيقاته، رسائل تحاول ترميم المشهد الذي يطبعه الخراب و الدمار والاقتتال.«ليل القطار»، رواية تقترب من كتابة السيرة الذاتية، لكنها لا تؤرخ لبطل بعينه، بل ليوميات شعب يعيش ويلات الاقتتال والتطاحن المسلح، لذلك اقترنت أحداثها مع كل فترات العشرية السوداء و تم التطرق للعديد من القضايا السياسية، على غرار «من يقتل من؟» هذه الجملة الشهيرة التي كانت تطلقها وسائل إعلام فرنسية، فحاول الكاتب أن يرد عليها من خلال غضب أبطاله الذين كانوا يحرسون القرى و المداشر.
حمزة.د        

الرجوع إلى الأعلى